مهام غير تعليمية

01:02 صباحا
قراءة دقيقتين

المعلمون حجر الزاوية في العملية التعليمية، والحفاظ على طاقتهم وتركيزهم يعد أمراً ضرورياً، إذ يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجودة المخرجات، لاسيما في عصر التحولات والتطورات المتسارعة التي تتطلب منهم الارتقاء الدائم بمستواهم المهني والمهاري.
ولا شك في أن المهام الإدارية تشكل أعباءً متجددة تشتت طاقات المعلمين وتثقل كاهلهم، وتعوق وفاءهم بمسؤولياتهم التدريسية، إذ تشكل هذه النوعية من المهام ضغوطاً وأعباء تؤثر في أدائهم الوظيفي، وتعاطيهم مع أسرهم، وممارسة حياتهم الطبيعية.
هل تعلم أن معظم المدارس تسند للمعلمين أكثر من 10 مهمات إدارية يومياً بعيدة عن مهام التدريس، ما بين المناوبات، وتعبئة الاستبيانات، وإدخال البيانات، ومتابعة الطابور وتنظيم الأنشطة، والإشراف على الطلبة قبل الدوام وبعده، وحضور الاجتماعات المنظمة مع ذوي الطلبة، وإعداد الإذاعة، فضلاً عن الإشراف الداخلي؟
وإذا نظرنا لتلك المهام، سنجد أنها مسؤوليات ترهق المعلم، وتعوق مهمته الأساسية في تدريس وإعداد الأجيال، فجميعها واجبات خارج نطاق قاعات التدريس، ولا علاقة لها برسالة المعلم في رحلة بناء الأجيال، وتأهيلهم للمستقبل، فكيف لنا أن نطالب المعلم بالإبداع والتميز في ظل هذا الزخم من المهام؟
على الرغم من أن هذه المهام قد تكون ضرورية لضمان سير العمل داخل المؤسسة التعليمية، إلا أن إسنادها للمعلم أمر يحتاج إلى إعادة نظر، لاسيما أنها تبعده عن المسار الحقيقي الذي وُجد من أجله في منظومة التعليم، وهنا التأثير السلبي ليس على المعلم فحسب، ولكنه يطال الطلاب وتحصيلهم العلمي أيضاً.
لماذا لا نستثمر في قدرات وكفاءات وطاقات المعلم داخل قاعات الدرس، أفضل من أن يقضي ساعات طويلة في الأعمال المكتبية؟ وأين الإداريون والمشرفون الذين تقع على عاتقهم المهام الإدارية والتنظيم والمتابعة ومراقبة انضباط الطلبة؟
لا يختلف اثنان على أن هذه الضغوط تؤثر سلباً في جودة التعليم، وإرهاق المعلمين بأعباء إضافية أمر غير «منطقي»، لاسيما أنه يسهم بشكل كبير في تقليص قدراتهم على الابتكار والاندماج في العملية التعليمية، فالتعليم ذو الجودة العالية يتطلب تفاعلاً ومشاركة حقيقية من المعلمين، وهو ما يصبح صعب التحقق عندما تكون أذهانهم مشتتة بمهام غير تعليمية.
نحن بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم الأعباء الإدارية الملقاة على عاتق المعلمين، ويجب على الإدارات التعليمية التفكير مجدداً في كيفية تخفيف هذه الضغوط، وتوفير بيئة تعليمية تركز في مضمونها على الطلاب ومعلميهم، ولا مانع من توظيف مساعدين إداريين، واستخدام التكنولوجيا، لتبسيط العمليات، أو حتى إعادة تخصيص المهام للموظفين المتخصصين.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/593hezkp

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"