في عام 1960، لم يكن العالم يعرف أن مدرجاً رملياً صغيراً في قلب دبي سيصبح لاحقاً واحداً من أهم مراكز الطيران الدولية. ويحتفل مطار دبي الدولي بالذكرى الـ64 لتأسيسه، وقد تحول من مطار بسيط إلى مركز محوري يربط بين قارات العالم، ويصنف كأكثر المطارات ازدحاماً بالمسافرين الدوليين.
افتتح مبنى المطار يوم 30 سبتمبر/أيلول، والذي يضم مدرجاً مضغوطاً بالرمال قادراً على التعامل مع طائرات DC-3، وفي ذكرى تأسيسه الـ64، لا يتوقف مطار دبي الدولي عند نجاحاته السابقة، بل يستمر في التطلع نحو المستقبل، فقد مرّ عبر بوابته نحو 1.34 مليار مسافر منذ التأسيس.
فقصة مطار دبي الدولي هي قصة رؤية وطموح، تبدأ بمدرج رملي في مدينة صغيرة، وتنتهي بمركز عالمي يستقبل الملايين كل عام. إنه رمز حي لنمو دبي السريع وقدرتها على تحقيق المستحيل، ويمثل أحد أهم أعمدة بنيتها التحتية العالمية.
- البدايات المتواضعة
في بداياته، كان مطار دبي الدولي يتألف من مدرج يبلغ طوله 1800 متر، ومبنى صغير يستقبل عدداً محدوداً من الطائرات. لم تكن تلك البداية تحمل في طياتها أي تلميح لما سيصبح عليه هذا المطار، لكنه كان جزءاً من رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الذي أدرك أن مستقبل الإمارة يكمن في الربط الجوي العالمي.
ويأتي هذا النمو وفقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وإدارة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني، رئيس مطارات دبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، الذي قاد قطاع الطيران في دبي، سواء في المطارات أو شركات الطيران الوطنية، مثل «طيران الإمارات» و«فلاي دبي».
تم افتتاح المطار رسمياً في 30 سبتمبر 1960، وكان يُنظر إليه كخطوة طموحة نحو تعزيز مكانة دبي على خريطة التجارة العالمية. لكن البداية لم تكن سهلة؛ إذ كانت البنية التحتية محدودة والإمكانات بسيطة، ولكن سرعان ما بدأ المطار بالنمو بشكل تدريجي ليتماشى مع تطور دبي كمدينة تجارية واقتصادية.
- قفزة نحو العالمية
في سبعينات القرن الماضي، مع ازدهار دبي الاقتصادي وازدياد الطلب على الرحلات الجوية، شهد المطار أول تحوّل جذري. تم استبدال المدرج الرملي المضغوط بمدرج أسفلتي قادر على استقبال الطائرات الأكبر حجماً، وتم تطوير مرافقه لاستيعاب المزيد من الرحلات والمسافرين. وبحلول الثمانينات، كانت دبي بالفعل نقطة ربط مهمة بين الشرق والغرب، ما عزز نمو مطارها الدولي.
مع تأسيس شركة «طيران الإمارات» في عام 1985، بدأت قصة النجاح الفعلي لمطار دبي. وفي الأول من يونيو/حزيران من عام 2009، رحّب المطار، بأول رحلة لفلاي دبي، رحلتها الافتتاحية من دبي إلى بيروت. وحققت الناقلة عبر السنوات الماضية إنجازات ونجاحات كبيرة في سماء دبي لتصبح لاعباً محورياً في التنمية الاقتصادية وقطاع الطيران؛ إذ لعبت هذه الشراكة بين المطار والناقلات الوطنية دوراً كبيراً في دفع عجلة التوسع، وزيادة عدد الوجهات والركاب عاماً بعد عام. في هذه الفترة، تم بناء مبانٍ جديدة، وتوسيع قدرات المطار لاستيعاب الرحلات البعيدة المدى، ما جعل من دبي بوابة عالمية رئيسية.
- الابتكار في قلب النجاح
ما يميز مطار دبي الدولي ليس فقط حجمه أو عدد الركاب الذي يتجاوز 90 مليون مسافر سنوياً، بل التزامه بالابتكار والتطوير المستمر. مع افتتاح المبنى رقم 3 في عام 2008، المخصص لطيران الإمارات، قفز المطار خطوة كبيرة نحو الأمام، حيث بات أحد أكبر مباني المطارات في العالم، مزوداً بأحدث التقنيات والخدمات التي جعلت تجربة السفر أكثر سلاسة وفخامة.
وفي السنوات الأخيرة، اعتمد المطار على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأنظمة التعرف على الوجه لتسريع إجراءات السفر، ما أتاح للمسافرين الانتقال بسرعة وسهولة. هذا التركيز على الابتكار جعل مطار دبي رائداً عالمياً في تقديم تجربة سفر متكاملة، ليس فقط في مجال الطيران، بل في التسوق والترفيه والضيافة الفاخرة.
- الطريق إلى المركز الأول
بحلول العقد الأخير، تصدر مطار دبي الدولي قائمة المطارات الأكثر ازدحاماً بالمسافرين الدوليين. لم يكن هذا النجاح وليد الصدفة، بل نتاج تخطيط طويل الأمد، واستثمارات هائلة في البنية التحتية. على مدى العقود، كانت دبي تعمل بلا هوادة على تطوير قدرات مطارها، وإضافة المزيد من المسارات الجوية، وتحسين الخدمات للمسافرين.
منذ عام 2014، تمكن المطار من تجاوز مطار «هيثرو» في لندن ليصبح المطار الأكثر ازدحاماً بالمسافرين الدوليين على مستوى العالم، مستفيداً من موقعه الاستراتيجي الذي يجعله نقطة ربط مثالية بين آسيا وأوروبا وإفريقيا. أكثر من 265 وجهة دولية تغطيها شركات الطيران التي تعمل من مطار دبي، ما يجعله الخيار الأول لملايين المسافرين سنوياً.
- دور محوري بنجاح دبي
وقال بول غريفيث، الرئيس التنفيذي لمطارات دبي: «نحتفل اليوم بمرور 64 عاماً على انطلاق مطار دبي الدولي، ونحن نستذكر بكل فخر الإنجازات الاستثنائية التي أسهمت في ترسيخ مكانته مركزاً عالمياً رائداً، ودوره المحوري في قصة نجاح دبي. يربط مطارنا اليوم أكثر من 265 وجهة حول العالم، ولم يقتصر دوره على تسهيل حركة المسافرين والبضائع فحسب، بل كان أيضاً قوة دافعة للتحول الاقتصادي في دبي، وعزز مكانة الإمارات رائداً عالمياً في صناعة الطيران والتجارة».
وأضاف: «يكمن سر نجاحنا في فريق عملنا المتميز، الذي يجسد قيم العمل الجماعي والتفاني والإخلاص، فهم أساس التجارب الاستثنائية التي نقدمها لعملائنا، ما يجعل مطار دبي أكثر من مجرد مطار، بل رمزاً عالمياً للتميز في الخدمة. إن سعيهم الدائم لتحقيق أعلى المعايير هو حجر الأساس لسمعتنا المرموقة التي نعتز بها».
وتابع: «هذه الذكرى السنوية ليست مجرد احتفال بالبنية التحتية والابتكار؛ إنها تقدير لروح التعاون والتآزر بين جميع أفراد مجتمع المطار، وهي الروح التي تدفعنا دائماً نحو الأمام. نحن فخورون بالإرث الذي بنيناه مع شركائنا، ونؤكد مجدداً التزامنا الراسخ بوضع معايير جديدة للتميز والابتكار، ورسم مستقبل قطاع السفر بنفس الشغف والرؤية اللذين لطالما كانا نبراساً لنا في رحلتنا حتى الآن».