عادي
أزمة حقيقية في الميدان التربوي

الرسوم المتأخرة.. الطلاب يدفعون ثمن تعنت المدارس وعجز أولياء الأمور

01:46 صباحا
قراءة 5 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم
تشكل متأخرات الرسوم الدراسية للطلبة في بعض المدارس الخاصة، أزمة حقيقية في الميدان التربوي، إذ تعانيها شريحة كبيرة من الأسر والطلبة، لاسيما مع تزايد أعداد المتعلمين «غير القادرين» على الالتحاق بالدراسة عاماً تلو الآخر، فالمدارس تتعنت وأولياء الأمور يتعثرون والأبناء يدفعون الثمن، وبسببها أصبح الطلاب يواجهون مستقبلاً مجهولاً.
أولياء أمور أكدوا أنهم في موقف أكثر من صعب، لتوقف أبنائهم عن الدراسة وعدم قدرتهم على مواصلة التعليم، بسبب متأخرات الرسوم الدراسية للعام المنصرم والجاري، وناشدوا المسؤولين التدخل العاجل لإيجاد حلول بديلة ترضي جميع الأطراف.
في المقابل، أكدت إدارات مدرسية، أن الإجراءات تتوافق مع اللوائح والقوانين، ولا توجد فيها أية تجاوزات تستحق المناقشة، وعلى الجميع الالتزام، فالمدارس مكلفة بتوفير الخدمات التعليمية، وعلى الآباء الالتزام بسداد رسوم تلك الخدمات.
ويرى تربويون أن التعليم حق مكفول لكل طالب ولا تعلوه مصالح ولا خلافات مادية، ويرون أن منع بعض المدارس الخاصة الطلبة من مواصلة تعليمهم وحجب نتائجهم وشهاداتهم بسبب الرسوم، قيود حقيقية على الطالب وولي الأمر وفي معظم الحالات يدفع المتعلمون الثمن ويفقدون نصيبهم في التعليم.
خبراء أكدوا أن السنوات القليلة الماضية، اضطر الطلاب الذين لا يستطيعون سداد الرسوم إلى ترك مقاعد الدراسة، وما زالوا جالسين في المنازل، ما يؤدي إلى هدر طاقات وإمكانات كان يمكن أن تسهم بشكل كبير في بناء مستقبل أفضل للمجتمع.
«الخليج»، تناقش مجدداً إشكالية متأخرات الرسوم التي تتصدر اهتمامات مختلف الفئات في الميدان التربوي في منتصف أيام التمدرس للفصل الدراسي الأول.
محاولات فاشلة
جميع المحاولات باءت بالفشل، ولم تفلح كلمات الرجاء مع إدارات مدارس أبنائنا للسماح لهم بالانتظام في الدراسة العام الدراسي الجاري، ولم نجد منهم أية مرونة تساعدنا على سداد الرسوم الجديدة لهذا العام، والمتأخرة منذ العام المنصرم، هذا ما أكده أولياء الأمور مصطفى سعد، وعلي.ت، وسماح.ح، وعمران محمد. وأكدوا أن المدارس رفضت جميع المقترحات التي تؤكد أهمية التحلي بالصبر لحين تحسين الأوضاع وتسوية المتأخرات الدراسية، لاسيما أن أزمة «كورونا» أفرزت الكثير من التحديات المالية لبعضهم، وهناك من فقدوا وظائفهم في ظل التداعيات، وأصبحوا بلا دخل يعينهم على الوفاء بالالتزامات ومواصلة المعيشة.
جانب من المرونة
وأشاروا إلى أهمية وجود جانب من المرونة في إدارات المدارس عند التعامل مع إشكالات الرسوم، لاسيما أنها تمسّ مستقبل الأبناء، مطالبين بحلول بديلة تمنح أولياء الأمور فرصة تسوية أوضاعهم، وتدبير أمورهم والوفاء بالتزاماتهم، من أجل مستقبل الأبناء في مختلف مراحل التعليم.
وقالوا إنهم ذهبوا إلى إدارات مدارس أبنائهم أكثر من مرة، لكنها أكدت لهم أنه «لا تعليم بلا سداد المتأخرات»، وهناك مدارس طالبتهم بسداد 40% من رسوم العام الدراسي الجديد، مع سداد المتأخرات لتمكين الأبناء من الدراسة، ومع الأسف لم يجدوا أية فرصة للتفاوض في تطبيق هذه الإجراءات، موضحين أن حرمان الطلبة من التعليم بهذه الطريقة، وضع الأهالي في موقف صعب، ما أثار القلق والتوتر في مجتمعات الطلبة وبين الأسر.
مجرد استفسار
وأفادوا بأنهم تواصلوا مع الجهات المعنية التي تشرف على التعليم الخاص، لكنها لم تستجب لشكواهم، ورأتها مجرد استفسار، وطالبت الأهالي بحسب تصريحاتهم، بتسجيل استفساراتهم عبر البريد الإلكتروني المعتمد، في حين أنه لا توجد استفسارات في تلك الحالة، لاسيما أن هناك طلبة حرموا من التعليم لأوضاع قهرية منعت أولياء أمورهم من الوفاء والالتزام بسداد الرسوم الدراسية.
رفض وتحفظات
في المقابل وقفت «الخليج» مع عدد من إدارات تلك المدارس، لإيجاد حلول بديلة تمكّن هؤلاء الطلبة من مواصلة تعليمهم، لكن وجدنا صعوبة بالغة في الوصول إليهم، إذ تواصلنا معها عبر هواتفهم الأرضية المتوفرة لدى أولياء الأمور، والمسجلة عبر مواقعهم الإلكترونية الرسمية، لكن لم تفلح محاولات التواصل، ورفض من استطعنا التواصل معه، الحديث عن تلك القضية التي تتفاقم عاماً تلو الآخر.
وتحفظوا عن الإجابة عن أسئلة «الخليج» التي ركزت على أسباب تفاقم هذه الإشكالية في المجتمع المدرسي، ومن المسؤول عن وجود طلبة في منازلهم من دون تعليم بسبب الرسوم؟ ولماذا لا تتّبع إدارات المدارس سياسات أكثر مرونة لتمكين ولي الأمر من السداد، وتمكين الطالب من التعليم؟ وما الأسباب التي دعتها إلى منع طلاب المتأخرات الدراسية من مواصلة تعليمهم هذا العام؟ وهل عدم سداد الرسوم الدراسية أو التأخر في الوفاء بها، يمنح المدرسة الحق في منع الطالب من التعليم؟، وإلى أي لائحة أو قانون استندت تلك المدارس عندما حرمت الطلبة من التعليم؟ وهل هناك موافقة رسمية مكتوبة من الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص؟
بطلان الإجراءات
في المقابل تواصلنا مع شريحة أخرى من مديري المدارس «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، إذ تبنّوا سياسة مرنة في تسوية مديونية الرسوم للطلاب، بما تعكس الواقع المالي للأسر، أتاحوا الفرصة للمتعلمين لمواصلة تعليمهم حتى في ظل الأوضاع الصعبة من دون توقف، ووضع خطط سداد مرنة، وقدموا منحاً دراسية للطلبة أصحاب الحاجة الماسّة، لتعكس تلك الاتجاهات إنسانية المدارس، وتعزز سمعتها وتدعم رسالتها السامية.
أكدوا أن هناك 3 أسباب تبطل إجراءات المدارس التي منعت التعليم عن الطلبة، أبرزها اللوائح والقوانين التي منعت أي مؤسسة تعليمية من حجب التعليم عن الطالب بسبب الرسوم الدراسية. والثاني وجود ضوابط منحت المدارس حق المطالبة بالرسوم ووضعت لها آليات تضمن حقوقها لدى ولي الأمر، من دون المساس بحق الطالب في التعليم.
مُلاك وإدارات
وأضافوا أن السبب الثالث يكمن في صعوبة الأوضاع المعيشية لبعض الأسر، لذا ينبغي على إدارات المدارس التحلّي بالصبر، والمزيد من المرونة عند التعامل مع مسألة الرسوم الدراسية حاضراً ومستقبلاً تحت مظلة رقابة إشرافية من الجهات المعنية.
وأوضحوا أن تلك التعليمات في الأغلب تعود إلى ملّاك المدارس، والإدارات المدرسية ما هي إلا أدوات لتنفيذ توجيهات الملاك الذين منعهم القانون من التدخل في الإدارة المدرسية.
جهود الإمارات
الخبير الدكتور وافي الحاج، أكد أن فكرة التعليم تركز على تعزيز حق الطالب في الحصول على المعارف والعلوم، وتمكينه من الحصول على دروسه، في أي وقت وفي كل مكان، مهما تكن الأوضاع والتحديات والمعوقات، لاسيما أن جهود الإمارات نجحت في تحقيق استمرارية التعليم في ظل أية تداعيات. موضحاً أن الطالب يجب أن يكون خارج نطاق النزاعات المالية التي قد تحدث بين إدارات المدارس وأولياء الأمور حفاظاً على مستقبل الطلبة.
عدم الامتثال
منحت الجهات المعنية بالإشراف على المدارس الخاصة للمدارس الخاصة حق حجب النتيجة عن الطالب، والامتناع عن صرف شهادات الانتقال لحين إجراء التسوية الخاصة بالأقساط، وأجازت تقسيط المبلغ المتبقّي على ثلاثة أجزاء، مع عدم جواز فصل الطالب أو حرمانه من دخول الامتحان بسبب التأخر في سداد الأقساط المدرسية.
حق الطالب
أجمعت الآراء على أهمية تعامل المدارس الخاصة بحذر في إشكالية الرسوم الدراسية المتأخرة، وفي حال وجود نزاع مادي، بين المدرسة وولي الأمر، ينبغي أن لا يكون الطالب طرفاً أصيلاً فيه، وإن كانت اللوائح والضوابط لا تروق لإدارات بعض المدارس، فعليها المطالبة بتغييرها أو تعديلها، بعيداً من إهدار حق الطالب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7w57vfhn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"