كوارث التغير المناخي

00:23 صباحا
قراءة دقيقتين
2

إذا كانت الحروب والصراعات في العالم تودي بحياة آلاف البشر جراء استخدام السلاح بهدف الهيمنة ونزعات العنف والإرهاب والتطرف، فإن التغير المناخي وما يفعله الإنسان من جريمة بحق الطبيعة لا يقل خطراً من حيث ما يصيب البشر من كوارث تودي بحياة الآلاف أيضاً.
لعل تداعيات ما شهدته الصين والولايات المتحدة مؤخراً جراء الأعاصير التي ضربتهما تقدّم صورة عما يمكن أن يواجه العالم إذا ما تواصل انتهاك حرمة الأرض والطبيعة، وإصرار الإنسان على العبث بالجو بدافع من انتهازيته وشهوته الصناعية المميتة. والمقصود هنا الدول الصناعية الكبرى التي تلوث الجو وتقضي على الحياة.
لقد شهدت الصين مؤخراً فيضانات غير مسبوقة، هي الأولى التي تحدث منذ قرن، أدت إلى مقتل المئات ودمار مئات المنازل، وانهيار جسور وسدود، وارتفاع منسوب الأنهار، وحدوث انهيارات أرضية، ونزوح الآلاف من منازلهم، وخسائر مادية بمليارات الدولارات.
وفي الولايات المتحدة أدى «إعصار هيلين» الذي ضرب جنوب شرق البلاد إلى فيضانات كارثية وانهيارات أرضية وتدمير مئات المنازل، وانقطاع الكهرباء عن ملايين الأشخاص ومقتل 63 شخصاً على الأقل، وتم إعلان الطوارئ في ست ولايات، هي ألاباما وفلوريدا وجورجيا وكارولينا الشمالية والجنوبية وتينيسي، حيث بلغت سرعة الرياح 140 ميلاً في الساعة، ما اضطر العديد من المواطنين إلى استخدام القوارب.
هذه الفيضانات والأعاصير مجرد نماذج عما يشهده العالم من كوارث بيئية تطال معظم دول العالم، في آسيا وأوروبا وأمريكا وأوروبا، بسبب ارتفاع درجات الحرارة ما يؤدي إلى تبخر المياه على سطح الأرض بوتيرة أسرع بسبب استمرار حرق الوقود الأحفوري وتلويث الفضاء، ما يؤدي إلى الاحتباس الحراري.
وتذهب التقديرات إلى أن 89 في المئة من سكان العالم المعرضين لخطر الفيضانات العارمة يعيشون في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، خاصة في جنوب وشرق آسيا، إذ إن قرابة 395 مليون شخص في الصين و390 مليون شخص في الهند أصبحوا عرضة لخطر الفيضانات القوية. كما تشير التقديرات إلى أنه منذ العام 2000 زادت نسبة الأشخاص المعرضين للفيضانات بمعدل 24 في المئة. وتشير التقديرات أيضاً إلى أن ربع سكان العالم، أي قرابة 1.8 مليار شخص باتوا عرضة مباشرة لما يطلق عليه «الفيضان الكبير»، الذي يتوقع حدوثه من الناحية الإحصائية مرة واحدة كل 100 عام.
لذلك، يحذر العلماء من أن خطر الفيضانات سوف يزداد في المستقبل في حال فشلت دول العالم في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، أو عدم التزام بما يصدر عن المؤتمرات الخاصة بالمناخ من قرارات، لأن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة سيتمخض عنه ارتفاعٌ في معدل حدوث أعاصير وأمطار غزيرة كانت ستحدث 1.7 مرة كل عشر سنوات.
العالم يمر بمرحلة وجودية حاسمة من حيث اتساع رقعة الحروب والتهديد باللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية، إضافة إلى ما يتهدد البشرية جراء هذا العدوان المتمادي على الكرة الأرضية.. فهل يستيقظ العالم ويتخلى عن أطماعه الاقتصادية والعسكرية، وينعم البشر بالأمن والسلام؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2eyj399k

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"