عادي
بين شركات غير مرخّصة و«كارليفت»

مواجهة ارتفاع أسعار الحافلات المدرسية ببدائل غير آمنة

01:45 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد الماحي وعماد الدين خليل
مع كل عام دراسي جديد يشكو أولياء الأمور من ارتفاع رسوم الحافلات المدرسية، التي تشكل عبئاً إضافياً يثقل ميزانيات الأسر، ما يدفعهم للبحث عن وسائل أخرى غير آمنة.
وانتشرت على مواقع التواصل، ظاهرة إعلانات نقل الطلبة للمدارس بحافلات خاصة غير مرخصة وتفتقد لأبسط مقومات السلامة، حيث يلجأ إليها الأهالي لعجزهم عن دفع رسوم المواصلات المدرسية. وفي التحقيق الآتي، تضيء «الخليج» على معاناة بعض أولياء الأمور. كما ناقشت خبراء تربويين في الأزمة وإمكانية حلها.
تشهد رسوم الحافلات المدرسية ارتفاعاً يوماً بعد يوم، وأصبحت تراوح بين 6 آلاف و10 آلاف درهم للطالب الواحد، على الرغم من أن عدد أيام الدراسة أصبح أقلّ، بعد اعتماد قرار العطلة الأسبوعية.
ورفعت مدارس خاصة أسعار الحافلات للعام الدراسي الحالي، بزيادة وصلت إلى 30%، مقارنة بما كانت عليه العام الماضي. وطالب أولياء أمور لديهم أكثر من ابن في مدرسة واحدة، بإعفاء الابن الثالث من رسوم الحافلات، ومنح الثاني حسم 50%، حتى لا يضطروا إلى اللجوء إلى البدائل غير الآمنة وغير القانونية.
بدائل أخرى
قال أبو رامي: هناك ارتفاع مبالغ فيه في رسوم الحافلات المدرسية بالمدارس الخاصة، من دون مبرر مقنع، والرسوم في مدارس خاصة تبلغ 6 آلاف درهم وفي أخرى تزيد على 10 آلاف، لذلك ذهبنا إلى بدائل أخرى لتخفيف النفقات.
وأضاف أنه وجيرانه في الحي تعاقدوا مع سائق يمتلك حافلة صغيرة لنقل 10 طلاب يسكنون مقابل اشتراكات أقل سعراً من الحافلات المدرسية الرسمية.
أما عبد العزيز جابر (والد ثلاثة طلبة في المرحلة الثانوية) فاضطر إلى شراء ثلاث دراجات لأبنائه ليذهبوا بها إلى المدرسة، بعد أن غيّر سكنة إلى منطقة أخرى، لا تبعد كثيراً عن المدرسة، حتى يتفادى الاشتراك في خدمة النقل المدرسي التي تزيد على 18 ألف درهم لأبنائه الثلاثة.
فيما قال مصطفى محمود: إنه اقترض من أحد البنوك لسداد رسوم الأقساط المدرسية، والنقل المدرسي لأطفاله الثلاثة، لأن سلامة أبنائه هي الأهم لديه. مشيراً إلى أنه بسبب عدم ثقته بالسائقين غير المرخصين ومستوى تدريبهم، وعدم وجود مشرفات معتمدات ومؤهّلات، فضل الرضوخ للأمر الواقع، والاشتراك في الحافلات المدرسية الرسمية الأكثر أمناً لسلامة أبنائه.
عبء كبير
أكد محمد الرشيدي، أن رسوم الحافلات ارتفعت بشكل كبير خلال العامين الماضيين، ما مثّل عبئاً كبيراً عليه، لذلك اتفق مع أولياء أمور آخرين على الاشتراك مع «كارلفت».
وأضاف أن لديه ثلاثة أبناء، وعندما طالب إدارة المدرسة بإعفاء الأخ الثالث من رسوم الحافلة، قوبل طلبه بالرفض، كما رفضوا تقسيط المبلغ الذي يصل إلى 15 ألف درهم.
وقال وائل سلامة، إنه سجل ابنه في إحدى المدارس الخاصة، ولم يبلغ بأي زيادة في الرسوم الخاصة بالحافلات، إلا أنه فوجئ بإدارة المدرسة تبلغه بزيادة الرسوم 30%، عما كان مُعلناً عند التسجيل، واضطر إلى مطالبة أبنائه بالذهاب إلى المدرسة مشياً، لمسافة 8 كيلو مترات.
«الخليج» التقت خبراء تربويين، لتناقش معهم أزمة زيادة رسوم الحافلات وإمكانية حلها، حيث قال الخبير التربوي محمد راشد رشود: إن بعض المدارس تتحايل على أولياء الأمور، بفرض زيادة في رسوم النقل المدرسي، بعد أن فشلت في الحصول على موافقة الجهة المختصة بالسماح لها بالزيادة، ما وضع أولياء الأمور أمام مشكلة لا يمكن حلها، إلا باللجوء إلى وسائل أخرى غير قانونية وغير آمنة. لافتاً إلى أن رسوم الحافلات لا تتناسب مع الرحلة التي تقطعها بين البيت والمدرسة. وقال: إن بعض الشركات والسائقين غير المرخصين، وجدوا أن احتياجات الأسر لتلك الخدمات وسيلة للتلاعب وجني الأرباح، حيث برزت أخيراً ظاهرة تعاقدهم مع شركات نقل خاصة، مقابل اشتراكات سنوية أقل سعراً من الحافلات المدرسية، أو مع سائقي النقل الخاص غير القانونين، رغم ما تحمله هذه الحلول من مخاطر على سلامة أبنائهم وأمنهم، خصوصاً أن السائقين والشركات لا يخضعون للرقابة اللازمة من الجهات الرسمية.
مخالفة صريحة
يرى الدكتور هشام زكريا، عميد كلية علوم الاتصال في الجامعة القاسمية، أن النقل المدرسي من الخدمات التي لا تندرج ضمن الرسوم الدراسية، وفي الوقت نفسه لا تستطيع المدرسة زيادة رسومها، من دون الحصول على موافقة رسمية من الجهات التعليمية.
وأشار إلى أن النقل المدرسي غير القانوني وسائقي النقل الخاص غير المؤهلين الذين ينشطون في ترحيل الطلبة في الآونة الأخيرة، مخالفة صريحة لقانون السير والمرور، وأن غياب شروط السلامة العامة عن هذه النوعية من المركبات، يثير الشكوك في مأمونيتها، وغالباً ما يخالفون القوانين المرورية، من حيث لبس حزام الأمان وعدم التقيد بالسرعات المحددة في الشوارع الداخلية والرئيسية.
أنشطة النّقل
يقول المحامي والمستشار القانوني عبد الله الكعبي: إن توجه عدد من أولياء الأمور للتعامل مع نقل مدرسي خارج القانون، وسائقي نقل خاص غير مرخّصين لنقل أبنائهم، مخالفة صريحة لقانون السير والمرور، إذ إن الطبيعيين أصحاب هذه الممارسات يعرضون أنفسهم للمسؤولية وعقوبة بالحبس مدة لا تزيد على شهر، وبغرامة لا تزيد على 10 آلاف درهم أو بإحداهما.
وأضاف «تنص المادة 13 من قانون النقل بسيارات الأجرة بإمارة أبوظبي، على أنه يعاقب بغرامة لا تقل عن 5 آلاف درهم، ولا تزيد على 10 آلاف، وبالحبس لمدة لا تزيد على 30 يوماً، أو بإحداهما كل من استخدم أو شغّل مركبة سيارة أجرة، من دون أن يكون حاصلاً على ترخيص ساري المفعول من الجهات المختصة».
المبررات والأسباب
أكدت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، أنه بحسب السياسات والإجراءات المتبعة في التعامل مع الرسوم الدراسية المطبقة في المدارس الخاصة بالشارقة وغيرها من الإمارات، فإنه يحق للمدارس الخاصة طلب زيادة الرسوم الدراسية مع بيان المبررات والأسباب. فيما تتولى الجهات التعليمية المختصة إصدار القرارات اللازمة لهذه الطلبات بالرفض أو الموافقة، وعليه تزيد المدارس الحاصلة على الموافقة رسومها.
وأوضحت أن المدارس تلتزم عند قبول الطلاب الجدد أو إعادة تسجيل الطلاب المستمرين، توضيح قيمة رسوم خدمة النقل المدرسي لمن يرغب من ذوي الطلبة في الاستفادة من هذه الخدمة.
وسائل بديلة
يقول عبد السلام سرور، ولي أمر: إنه خلال القيام بدفع المصاريف الدراسية ورسوم الحافلة المدرسية لابنه، فوجئ بوجود زيادة قيمتها 500 درهم عن رسوم العام الماضي، حيث كان يدفع 4000 درهم رسوم الحافلة وأصبحت 4500 للطفل الواحد.
ويضيف أن تلك الزيادة تشكّل عبئاً مالياً عليه، نظراً للعديد من المصروفات الأخرى، مثل الرسوم الدراسية والزي والكتب والأنشطة التي لا تنتهي وغيرها التي يحتاج له طفله خلال العام الدارسي.
5000 درهم
يقول محمد ديبان، ولي أمر لطالبين: إنه يدفع رسوم الحافلة للطفل الواحد 5000 درهم بمجموع 10 آلاف درهم للطفلين، نظراً لأن مدرسة أولاده في الضواحي، ولا يستطيع توصيلهم يومياً لارتباطه بالعمل، ما يشكل عبئاً مالياً إضافياً يتطلب النظر فيه لتقليل تلك المصروفات التي ترهق أولياء الأمور سنوياً.
ويطالب بضرورة النظر والتأكيد على سائقي الحافلات بضرورة مراعاة الوقت التي يقضيه الطالب داخل الحافلة وعدم التأخير الذي يشكل إرباكاً وقلقاً لأولياء الأمور نظراً لارتباطهم بأعمالهم، مقترحاً تخصيص مسار للحافلات المدرسية في الأوقات الصباحية والمسائية.
وسائل بديلة:
من جانبه قال، مصطفى إبراهيم، ولي أمر لثلاثة طلاب: «أحرص خلال فترة الدراسة على توصيل أطفالي بسياراتي إلى المدرسة يومياً وذلك لتفادي وتوفير الرسوم المقررة والتي تصل إلى 15 ألف درهم، الأمر الذي يرهقني يومياً للابتعاد عن الوسائل البديلة التي تفتقر لوسائل الأمان للأطفال».
ويشير إلى أن هناك عدداً من أولياء الأمور من جيرانه يقومون بالاتفاق والتنسيق فيما بينهم ليقوم كل واحد منهم يومياً بتوصيل أطفالهم من وإلى المدرسة لتفادي دفع رسوم الحافلات المدرسية التي تشهد تزايد كل عام وتشكل أعباء مالية إضافية ترهقهم سنوياً.
«كارلفت»
أما حسن علي، ولي أمر، يوضح أن رسوم الحافلة في المدرسة 3456 درهماً للطالب الواحد، حيث أن لديه طفل في الصف الثالث وطفلة أخرى في الصف التاسع، وهو مضطر أن يدفع 6912 درهماً للاثنين، نظراً لعمله في الصباح.
وأشار إلى أن أحد أصدقائه يلجأ للاتفاق مع سيارة خاصة «كارلفت» لتوصيل أطفاله لتفادي الأعباء المالية من رسوم الحافلات وتوفير ما يقارب ال50% سنوياً للطالب الواحد، الأمر الذي يفتقر لإجراءات السلامة والأمن للطفل.
اتفقت معه في الرأي أميرة علي، ولية أمر لطفلين، وقالت: إن أسعار رسوم الحافلات المدرسية مرتفعة هذا العام الأمر، دفعها لنقل محل سكنها ليكون قريباً من مدرسة أطفالها وتوفير 10 آلاف درهم، مشيرة إلى أن وسائل النقل البديلة التي يلجأ إليها بعض أولياء الأمور للهروب تفتقر لوسائل الأمن مقارنة بالحافلات المدرسية المعتمدة ما يهدد حياة الطلاب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdz8uvbw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"