بعضهم يعتقد أن التعلم عملية محصورة في مؤسسات التعليم التي يرتادها، وأنه بمجرد تجاوزها والحصول على الشهادة الدراسية، التي تثبت تجاوزه تلك المراحل، يكون مؤهلاً وقادراً على تجاوز متطلبات الحياة المتعددة والمتزايدة. والواقع مختلف تماماً عن مثل هذه الحالة، حيث تبقى الحاجة إلى التعليم مستمرة مع الإنسان طوال مسيرته الحياتية، ولو أننا أمعنا النظر والتفكير، قليلاً، سنكتشف أثر عملية التعلم المستمر، وأهمية زيادة المعرفة الدائمة، وأثرها البالغ في جودة الحياة، وتطورها والاستعداد لمواجهة التحديات والصعوبات المختلفة التي قد تواجهنا.
وعملية التعلم المستمر لها أثر أيضاً في جوانب من الصحة النفسية والجسدية، فمن يدخل في حالة مستمرة من التعلم والحصول على المعلومات اللازمة التي يحتاج إليها، هو من يستطيع فهم ما يحدث له من عوارض أو انفعالات، ومع مثل هذه المعرفة تكون درجة الوعي لديه كبيرة وواسعة، وهو ما يمكّنه من مواجهة تلك التداعيات، واستباق تلك العوارض وعلاجها مبكراً. فضلاً عن هذا، تجد من يدخل في عملية مفتوحة من التعلم، والسعي نحو المعرفة قادراً على التنبؤ بالمستقبل، ومن ثم الاستعداد له بالمزيد من المعارف والمعلومات.
على سبيل المثال، تجد من يواصل رحلته التعليمية، قادراً على التماشي مع التطور التكنولوجي، وقادراً على استخدام التقنيات، ويفهم تماماً تحديثاتها، لذا، هو في حالة تطور، وعلى عكس أولئك الذين يقال بأن التطور تجاوزهم، وأصبحوا معزولين. عملية التعلم المستمر لا تعني التقيد بحصص دراسية، ولا بأوقات مستمرة منتظمة، بل تعني السعي الذاتي نحو المعرفة، وعدم التوقف عن محاولة الاستفادة والتعلم، من كل جديد، وعدم إغلاق الذهن، بل الانفتاح الدائم والمستمر، كما تعني أن المعلومات التي تحاول الحصول عليها وفهمها، والسؤال عن ما تجهله، هي حالة تتلبس بك، وجزء من شخصيتك.
فوائد التعليم المستمر لا تتوقف، والشواهد كثيرة ومتعددة، هناك مقولة تنسب للمؤلف والكاتب براين تريسي، وهو أيضاً متحدث تحفيزي، جاء فيها: «التعلم هو الثروة الوحيدة التي لا يمكن لأحد أن يأخذها منك». وبالفعل، فإن التعلم والمعرفة ثروة لا تقدر بثمن، وهو محق في أنها الثروة التي لا يمكن أن تسلب منك، وهي في اللحظة نفسها الثروة التي لا يدرك بعضهم أهميتها البالغة في حياتهم وتطورهم وسعادتهم.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com
https://tinyurl.com/4w2f4t2t