الشارقة: عثمان حسن
تقول الكاتبة الإماراتية أروى السيابي: «يقال إن النص كائن بروحه، ومتى ما تمرد النص على الكاتب وفرض رغباته وأهواءه كان نصاً ناجحاً».
بهذه العبارات تبدأ أروى السيابي حديثها في رحاب الكتابة والقراءة، وتتابع: «للنص روح تفرض نفسها وتخبرك بما يلائمها، وذلك ينطبق على شخصيات النص، في إحدى قصصي التي كتبتها كان على شخصيتي أن تموت متخلية عن كل لذة، ومن هذه اللذات التي حرمتها منها كان تناول الطعام، كان عليها أن تقرر أن تضرب عن الطعام، وتصوم حتى الموت.. لكن وجدتني أكتب نهاية مختلفة تليق بالنص، وتليق بشخصيتي الحية داخل رأسي، تداعيات كثيرة تنتابني وأنا أكتب قصصي، هكذا هي طقوسي.. صراع في مرمى الأفكار».
يكتنز برنامج القراءة عند أروى السيابي بكثير من الكتب الأدبية والفكرية، ومن هذه الكتب: «حياتي في الإعلام» لعارف حجاوي، سلسلة رواية «صديقتي المذهلة» للإيطالية إلينا فيرانتي، «السيرة الذاتية» لمارك توين، «الحيوان» الجاحظ/ مجلد أول، «صحبة لصوص النار» لجمانة حداد، «اغتصاب العقل» لجوست إبراهام، «عالم ليس لنا» قصص قصيرة لغسان كنفاني وغيرها.
*اسم الوردة
وتشير أروى السيابي إلى أحد الأعمال الأدبية التي توقفت عندها، وأعجبتها كثيراً، وكان لها تأثير كبير فيها، وهي رواية «اسم الوردة» لإمبرتو إيكو، وعن هذه الرواية تقول: «اسم الوردة، هي رواية اقترحها عليّ الدكتور باول في جامعة الإمارات العربية المتحدة، وكنت مشاركة معه في بحث يطلب منا كتابة قصص قصيرة في تحدي الابتكار، بعد أن شاركته قصة قصيرة بعنوان «محرقة ماله»، قال لي: تستخدمين أسلوباً مثل طريقة إمبرتو إيكو في سرده للرواية، هل قرأتِ الكتاب؟ أجبته لا، ثم استرسل قائلاً: تخاطبين الجمهور مباشرة، تخترقين جدار الصوت الثالث، وكأنّ الراوي يعيش في القصة وجزء من الحدث نفسه، وكان هذا سبباً كافياً، لالتهام الرواية في أقل من يومين».
تضيف أروى السيابي عن أسباب إعجابها بهذه الرواية التي تقترحها للزملاء والأصدقاء من القراء والقارئات وتقول: «كانت تلك الرواية عذبة جميلة، تهزّ شيئاً داخلك، بل عليّ أن أقول يرتعش لها عالمك، وتعود تنظر للأمور بنظارة الحقيقة، وتترك طعماً في فمك، ليس كأيّ طعم، عندها تدرك أن ذلك طعم لن تتذوّقه في أي رواية ما حييت، الرواية تحمل طابعاً عربياً تاريخياً، وجوانب من كتب التراث العربية من عصورنا السابقة، عندما جسّد الراوي حقبة ذلك العصر، كان لابد له أن يذكر أثر الخلافة الإسلامية العربية وهيمنتها على العالم، مكتبة الإسكندرية جرى ذكرها عدة مرات، قيمة الكتب وأن تحرق مكتبة بأكملها لأجل كتاب (إشارة إلى بورخيس الذي يجعله إيكو شخصية روائية فيجعله حارساً للمكتبة وفوق ذلك أعمى، ويقوم بإحراق مكتبة الدير، وهي المكتبة التي جرت فيها أحداث الرواية).. ربما كان هذا الرابط الذي ذكر الدكتور باول باسم الوردة عند قراءته لقصتي (محرقة ماله) من يدري؟».
تؤكد أروى السيابي، في هذه الرواية بالذات انتزعني الراوي لكرسي استجواب، سلط الضوء علي، وقيد يدي، وربما تركني أصارع جلادي الذي حقق معي، وسألني عدة أسئلة وجودية من قبيل «ما الحقيقة؟»، «ما هي الأسئلة التي تقودنا لفهم أفضل؟» وكان هذا درساً من الدروس التي لقّنني إياها إيكو في روايته، بعض الأسئلة لا تجد لها جواباً، لكن تساؤلنا وبحثنا غالباً ما يوصلنا لمفترق طرق فرعية، نجد فيها كنوز أسئلة أعظم وأعمق وهكذا.. لأفهم بعد عمل دسم أتخمني كهذا أن رحلة الإنسان متاهة تساؤلات، ومتى توقف عن التساؤل توقف عن الحياة.
*طقوس
ليس لدى أروى السيابي أية طقوس غريبة عند القراءة أو الكتابة، فهي لا تحتسي القهوة قبل القراءة، ولا تجلس القرفصاء، بل هي تقرأ كأيّ قارئ نهم، تلتهم الكتب التهاماً، الطقس الوحيد الذي يتلبّسها هو إعادة القراءة مرة ومرتين وثلاثاً.. ثم قراءة أعمال أخرى للكاتب، وأحياناً تتخيل القارئ يوجّه حديث شخصياته لها شخصياً، وعادة ما تقوم بنسج حوارات مع الكاتب، وتتخيل أن تسأله عدة أسئلة، والمفاجأة عندما تلقى ردوداً، فتقوم بتدوينها لمشاريع كتابية جديدة.
في ختام حديثها تنصح أروى السيابي القراء بالكتب التي تشعرهم بالمتعة، وتلك الكتب التي تناسب أذواقهم وتوجهاتهم، فهذا لن يبعد أعينهم عن ملاحقة الصفحات.
أما بشأن الكتب التي تفكر بقراءتها في المستقبل، فهي تجيب: «لا تحضرني كتب بعينها، لكنني أهيم عشقاً في عدد من الكُتّاب، من أمثال: غسان كنفاني، غادة السمان، عبدالرحمن منيف، إمبرتو إيكو، الجاحظ، أحلام مستغانمي، بثينة العيسى، وغيرهم الكثير.