د. عبد العظيم حنفي*
تحولت تجربة التنمية في الإمارات إلى نموذج يُحتذى، وتمتلك الدولة مفاتيح عديدة غذّت وتغذي تجربتها الاقتصادية الرائدة، فعندما تكون الرحلة صعبة، فإن الرؤية الواضحة للوجهة تشكل أهمية بالغة للحفاظ على الحافز الذي يحرك الناس.
ومن تلك المفاتيح قناعتها بأن ريادة الأعمال هي القوة الدافعة للنمو الدائم والشامل. وهي أساس الاقتصاد الإبداعي الذي يجعل النمو الدائم ممكناً. ومع الإبداع فإن ريادة الأعمال عنصر رئيسي لتحقيق رؤية الاقتصاد الإبداعي، فالإبداع يولد الأفكار الإبداعية، وريادة الأعمال تضع الإبداع حيز التنفيذ، وريادة الأعمال هي مجموعة متلاحمة من الأفكار الإبداعية الرامية إلى خلق أسواق جديدة وتوفير فرص عمل جديدة أيضاً، لأن الإبداع ثروة لا تفنى أبداً، ولا تجرف البيئة، وبهذا فإن فيها فرصاً لا نهائية لتحقيق النمو الدائم.
ومن تلك الرؤية يمكن النظر للنموذج الإماراتي الرائد باعتبار ريادة الأعمال من التوجهات الاقتصادية الجديدة، وهي اتجاه عالمي، وباعتبار دولة الإمارات واحدة من أهم الدول في منطقة الشرق الأوسط، لما لها من ثقل اقتصادي كبير على المستويين العالمي والإقليمي، ولامتلاكها الكثير من المقومات التي ساعدتها على ذلك، منها الموقع الاستراتيجي بين الشرق والغرب، وتوفر الموارد الطبيعية والاقتصادية المهمة خاصة النفط، وإضافة إلى بيئة تشريعية متطورة وسوق عمل متطور يضم نخبة من أفضل المواهب المؤهلة، فدولة الإمارات من أبرز الجهات التي تجذب أفضل المواهب، حيث الفرص في دولة الإمارات أكثر وفرة. ونشير هنا إلى نجاح برنامج الإقامة الذهبية لعشر سنوات في استقطاب كفاءات بشرية تعتبر الوقود الحقيقي لأي اقتصاد، كما أنه في إطار حرص دولة الإمارات على توفير المرونة للشركات في استقطاب المواهب التي تحتاج إليها أطلقت كذلك برنامج الإقامة الخضراء الموجه للكفاءات الإبداعية والتي تمنحهم الإقامة لمدة خمس سنوات.
وأسهمت تلك المقومات المميزة في أن تكون الإمارات وجهة عالمية جاذبة للمستثمرين ورواد الأعمال من الداخل والخارج، حتى أصبحت تقود العالم في ريادة الأعمال، من خلال تقديمها الدعم والتسهيلات لهم، حتى تبوأت المركز الأول في العالم بصفتها وجهة رائدة عالمياً، وأفضل مكان لبدء وممارسة الأعمال المهنية الجديدة.
في آخر التصنيفات العالمية أوجدت الإمارات لنفسها مكانة مرموقة بين دول العالم، ووقع الاختيار عليها كأفضل دولة في العالم لريادة الأعمال، حيث حلت بالمركز الأول في المؤشر العالمي لريادة الأعمال لثلاث سنوات متتالية، متفوقة على اقتصادات متقدمة دولياً وإقليمياً، مما يعكس نجاح رؤيتها من أجل تطوير اقتصاد وطني متنوع وتنافسي، بهدف التخفيف من الاعتماد على قطاع الهيدروكربونات.
تؤكد الوقائع كما يتحدث رواد (ورائدات) الأعمال في دولة الإمارات أن هذا التصنيف العالمي لم يأتِ من فراغ، حيث إن تبوُّء المركز الأول عالمياً أصبح نهجاً ثابتاً في مسيرة الإمارات، إضافة إلى أن الدولة توفر أفضل بيئة على الإطلاق، ليزاول من خلالها رواد الأعمال أنشطتهم، وتُقدم لهم حاضنات الأعمال التي تساعدهم على تنفيذ المشاريع، ودعمها فكرياً ومادياً، من منطلق إيمانها بأن ريادة الأعمال تعزز دور الإمارات كقوة اقتصادية عالمية. وأنه من هذا المنطلق ركزت أبرز أهداف الأجندة الوطنية لريادة الأعمال على أن تكون الإمارات الموطن الأول لريادة الأعمال في 2031، وموطن 10 شركات مليارية حتى عام 2031، ومن أفضل 3 دول على المؤشر العالمي لريادة الأعمال، وهو ما تحقق منذ ثلاث سنوات. وتجسيداً لهذا، لا تزال الإمارات تتربع على صدارة التصنيف عالمياً، وأحرزت الإمارات تقدماً استثنائياً في مجال ريادة الأعمال الشبابية.
يساهم قطاع ريادة الأعمال بنسبة 63.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ما يجعل هذا القطاع يمثل شريحة مهمة ومؤثرة في اقتصاد الدولة.