عندما يقال إننا نعيش في عصر المعلومات، فإنها الحقيقة الواضحة، حيث التدفق المتواصل والمستمر للمعلومات، والتي مع تطور شبكة الإنترنت، على مستوى العالم، باتت متنوعة وكثيفة وغزيرة.
ومع دخول التقنيات الحديثة في مجالات الاتصالات، والتي تشهد تطوراً وتحديثاً يومياً، باتت المعلومات أكثر سرعة في التنقل، وأكثر سهولة في الوصول.
الهاتف الذي نحمله بين أيدينا يعطينا مقترحات، ويحتوي، كجزء من نظامه، على تطبيقات هي نفسها تقدم معلومات متنوعة، وبالتالي، فإن اتصالنا بشبكة الإنترنت يعني المزيد من المعلومات، التي لا نملك معها إلا التمرير، أو الحذف، أو التأمل، أو القراءة. انظر لحالنا مع الإعلانات التجارية، التي تظهر لك في كل عملية بحث تقوم بها، وهذه واحدة من دلائل قوة المعلومات، ومحاولة تسخيرها للربح منك، وإقناعك بالشراء.
المعلومات التي تصل الينا قد يكون ضررها أبعد، وأعمق، وهو الضرر الفكري والثقافي والمعرفي، خاصة مع تلك المعلومات المضللة التي تبدل الحقائق، وتغير الوقائع، وهي حالة نلاحظها ونشاهدها، حيث يسهل التزوير، وباتت عمليات القص والإضافة والتحرير، والمونتاج، وما يسمى «الفوتوشوب» أمراً في غاية السهولة، بل هناك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مزورة، وتظهر وكأنها حقيقية، وذات مصدر ومصداقية.
ومطاردة كل هذا الغثاء المعلوماتي، وتتبع سيل الأكاذيب أمر مرهق، ومع هذا يبقى علينا كأفراد الوعي وفهم نمط وطريقة التعامل مع المعلومات التي ترد الينا، أو تلك التي نقرأها، وأن نلم بمهارة التفكير الناقد، والذي من خلاله نمتلك القدرة على التحقق من المصادر، وأن تكون لدينا القدرة على تقييم موثوقية تلك المصادر، فضلاً عن معرفة طريقة تحليل المعلومات، وتقييم الافتراضات. أيضاً يجب النظر للمعلومات من زوايا مختلفة، وهذا يعني تجنب الانحياز أو التفكير الأحادي.
يقول الفيلسوف الأمريكي جون ديوي: «التفكير النقدي هو الجهد النشط الدؤوب في النظر في أي معتقد، أو معرفة، من حيث الأدلة التي تدعمه، والنتائج التي يفضي إليها» وبالفعل، التفكير النقدي هو عبارة عن جهد ذهني يجب تعلم مهارته وطريقته، لأنه الوسيلة الصحيحة في مواجهة هذا الكم المعلوماتي الهائل. ويجب أن نمتلك الفضول لتحقيق هذه الغاية، وكما قالت الكاتبة البريطانية دوروثي باركر: «الفضول هو الأساس لكل التعلم. السؤال الذي لا يقفز إلى عقلك أبداً لا يمكنه أن يبدأ عقلاً نقدياً».
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com