عادي

«الخجول القاتل».. شهادات تاريخية لميسي وغوارديولا عن إنييستا والجائزة المفقودة

17:33 مساء
قراءة 4 دقائق
أندريس إنييستا
أندريس إنييستا

برشلونة ـ (أ ف ب)
سجل أندريس إنييستا أهم هدف في تاريخ منتخب إسبانيا، منح «لا روخا» لقبها الوحيد في كأس العالم عام 2010، ومع اعتزاله، الثلاثاء، عن أربعين عاماً تُطوى صفحة مجيدة في تاريخ كرة القدم، للعب أسطوري لم يفز مرة واحدة بـ«الكرة الذهبية».
بعمر الأربعين، أسدل صانع اللعب الستارة الثلاثاء على مسيرة رائعة، معظمها ضمن التشكيلة التاريخية لفريق برشلونة.
يحظى بالإعجاب والتقدير في إسبانيا، حتى من قبل الخصوم اللدودين لبرشلونة، وبالنسبة لكثيرين، يُعد إنييستا أعظم لاعب في تاريخ البلاد.
لعب دوراً أساسياً في جيل إسباني أحرز كأس أوروبا مرتين في 2008 و2012 وبينهما كأس العالم الوحيدة في خزانة الدولة الأيبيرية.
تخرّج في أكاديمية لا ماسيا الشهيرة، بعدما انضم إلى برشلونة بعمر الثانية عشرة، ثم ترك أسوار بلوغرانا بعدها بـ22 سنة، متألقاً لمدة 16 موسماً مع الفريق الأول.
كان أحد أضلاع ثلاثي خط الوسط إلى جانب تشافي وسيرجيو بوسكيتس، وقدّم كرات «مقشرة» للأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، ما سمح لبرشلونة بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا أربع مرات، الدوري الإسباني تسع مرات والكأس المحلية ست مرات، من بين 32 لقباً مع الفريق الكاتالوني.
وبطبيعة الحال، بسبب تألق ميسي، لم ينل إنييستا قطّ جائزة الكرة الذهبية التي يستحقها بالنظر إلى مسيرته الكروية، وكانت أفضل نتيجة له المركز الثاني عام 2010.
يقول ميسي عنه: «في الملعب أحب أن يكون إلى جانبي، خصوصاً عندما تسوء الأمور وتصعب المباراة. أقول له عندها اقترب أكثر».
بعد إنهاء مشواره في ملعب كامب نو بثنائية الدوري والكأس، انضم إلى فيسيل كوبي الياباني.
أحرز صانع اللعب لقب الدوري الياباني عام 2023، إضافة إلى لقبين آخرين، وذلك قبل اختتام مسيرته مع نادي الإمارات الإماراتي.

- أناقة وإبداع -
اشتهر بتواضعه وأناقة لعبه، إضافة إلى إبداعه و«سحره» على المستطيل الأخضر. كتوم وخجول بطبعه ولم يبحث قط عن الأضواء ولفت الانتباه، ويُعد رمزاً للرزانة.
وصفه زميله السابق في المنتخب حارس المرمى بيبي رينا على سبيل المزاح «الشخص الذي ليست له علاقة جيدة مع الشمس».
رغم أنه لم يكن هدافاً من الطراز النادر، فإن بعض أهدافه كانت بالغة الأهمية، على غرار نهائي المونديال أمام هولندا في الوقت القاتل.
قبل أربع دقائق من الاحتكام إلى ركلات الترجيح في جوهانسبرغ، سيطر على تمريرة سيسك فابريغاس، ثم زرعها في شباك الحارس مارتن ستيكلنبورغ «ستظل تلك اللحظة ماثلة في التاريخ وأنا أسعد شخص في العالم بعد أن أسهمت في تحقيق هذا الحلم».
مزّق قميصه احتفالاً، كاشفاً عن تكريم مكتوب بخط اليد لصديقه الراحل داني خاركي، قائد إسبانيول الذي توفي إثر نوبة قلبية بعمر السادسة والعشرين في أغسطس/آب 2009.
الهدف والرسالة المؤثرة التي بعث بها إنييستا جعلته يدخل قلوب الشعب الإسباني بأسره، حتى أطلق عليه لقب «دون أندريس».
هدف آخر بقي عالقاً لسنوات طويلة في أذهان عشاق برشلونة، عندما أطلق تسديدة من خارج المنطقة أطاحت تشلسي الإنجليزي من نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2009، فيما كانت تشكيلة المدرب بيب غوارديولا في طريقها إلى توديع المسابقة القارية الأولى.
- إرث كرة القدم -
أحرز بعدها الكاتالوني لقب المسابقة محققاً ثلاثية تاريخية.. قبل أن تصبح سداسية. وأسهم هدف اللاعب القصير القامة نسبياً (170 سنتم و65 كلغ) في اعتبار البعض تشكيلة برشلونة آنذاك بين الأفضل في التاريخ.
قال غوارديولا للشاب تشافي عندما شاهد إنييستا وهو بعمر الخامسة عشرة: «أنت ستدفعني إلى الاعتزال، وهو سيدفعنا جميعاً للاعتزال».
يضيف مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي الحالي: «لا أحد يقرأ المباراة في الوقت والمساحة أفضل منه. لكن أكثر من ذلك، لديه القدرة على ضرب توازن الخصم. بمقدوره قتلك في الهجوم، وهو حاضر دوماً في المناسبات الكبرى».
خاض لاعب الوسط نحو 700 مباراة مع برشلونة، وفي فتراته الأخيرة في إسبانيا، حصل على تكريم حتى من جماهير الخصوم.
أسهم إنييستا في إحراز برشلونة ثلاثية أخرى، تحت إشراف لويس إنريكي في 2015، عندما شبّهه مدربه بشخصية هاري بوتر الخيالية.
قال مدرب باريس سان جرمان الفرنسي راهناً: «واحد، اثنان، ثلاثة.. ويتخطى اللاعب، كما لو أنه يملك عصا سحرية».
يُطلق على إنييستا لقب «إل إيلوسيونيستا» (الساحر) أو «سيريبرو» (الدماغ)، ويدين بوجوده في المنتخب إلى مدرب إسبانيا السابق لويس أراغونيس الذي فاجأ الجميع عندما استدعاه إلى مونديال ألمانيا 2006، في مسيرة امتدت 131 مباراة دولية سجل فيها 14 هدفاً.
- الفراق -
لم يكن مشوار إنييستا نحو القمة مفروشاً بالورود. تخطى ابن مقاطعة ألباسيتي الفراق عن عائلته بعد انضمامه إلى لا ماسيا التي تبعد 500 كيلومتر. كان يبكي كل يوم وكتب في كتابه «الفنان» عن شعوره بأنه «متروك».
حارب شياطين الفراق مجدداً، بمساعدة معالجين نفسيين، عندما توفي صديقه خاركي وتعرضه لبعض الإصابات، مقراً بأنه فقد آنذاك «الرغبة بالحياة».
رغم ذلك، عاد من حافة الهاوية وتابع مشوارا ألهم متابعي الليغا الإسبانية، حتى رحيله إلى مغامرته اليابانية في 2018.
كتب تشافي رسالة مفتوحة إلى صديقه بعد تركه برشلونة: «بالنسبة لي أندريس هو اللاعب الأكثر موهبة في تاريخ إسبانيا، لديه قدر هائل من الموهبة».
تابع: «إذا تحدثنا عن الإنسان، لا أعرف من أين أبداً. إنه رائع من كل النواحي، قدوة للآخرين وتجسيد للاعب الذي يقدم كل شيء من أجل الفريق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5e478szm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"