قبل يومين كانت لنا وقفة أمام خطّنا العربي الجميل، والقلق من نشوء أجيال عربية جديدة لا تملك مهارة الكتابة به. أما اليوم فوقفتنا ستكون أمام تجربة رائعة، رائدة، في العناية بهذا الخطّ، وإحياء وتطوير فنونه، هي تلك التي تتم في الشارقة، عاصمة الثقافة، التي يولي حاكمها المثقف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، اهتماماً كبيراً بالأمر.
في الثاني من هذا الشهر (أكتوبر/ تشرين الأول)، وبرعاية سموه، وتحت شعار «تراقيم» انطلقت فعاليات الدورة الحادية عشرة لملتقى الشارقة للخط، الذي تنظمه إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، وستستمر على مدى شهرين بمشاركات محلية وعربية وعالمية في مواقع عرض مختلفة في الشارقة، في إطار جهود الإمارة الكبيرة والمقدّرة في الاهتمام بالخط العربي، «باعتباره فناً عربياً أصيلاً، وللمضيِّ في تعزيز رسالة الملتقى النبيلة لفن الخط العربي لما له من أهمية ومكانة خاصة على المستوى التاريخي والإسلامي».
الشرح المقدّم لمفردة (تراقيم) التي اُتخذت شعاراً لهذه الدورة، يقدّم إضاءات مهمة على طبيعة فعاليات هذه الدورة ومغزاها، ف(تراقيم) لها «معنى منجزات بصرية خطية ورمزية محفورة أو مكتوبة أو مطبوعة، وقد تكون متحرّكةً كما في الفنون الرَّقمية، أو وحدات متكررةً كما في الفنون الطباعية والخطية. وإن الغرض من هذا التعريف الإحاطة بتجلّيات العمل الخطي، وآفاق استعمالاته».
يحتوي ملتقى الشارقة للخطّ العربي هذه الدورة، على عدة فعاليات، بينها ورش عمل وتكريمات بمشاركة خطاطين ومفكرين وأدباء من مختلف أرجاء العالم، كما يشمل معارض فردية للشخصيات المكرمة، ومعرضاً عاماً يشمل مسابقة تضمّ ثماني جوائز، وأخرى خطية معاصرة، فضلاً عن معارض شخصية لفناني الخط، إضافة إلى ندوة دولية موازية ومحاضرات، وسواها من أنشطة في الفنون الحروفية.
ومن البرامج المهمة التي تتبناها الشارقة، الداخلة في مجال الاهتمام بالخطّ العربي وتجويد كتابته من الأجيال الجديدة، برنامج «كتاتيب» الذي أعلن عنه تزامناً مع تتويج الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام 2014، وانطلق في بداية عام 2015. يغطي المشروع مساجد مختارة في محتلف مناطق الشارقة، ويشمل 5 دورات على مدار العام بمناهج علمية يشرف عليها أساتذة، وتستمر كل دورة قرابة الشهرين تتخللها أنشطة أسبوعية تتنوع بين ورش ومحاضرات وعرض أفلام ونماذج صورية وكتب وغيرها، تكون مفتوحة للمنتسبين لهذه الدورات ولغيرهم، بغية تعميق الوعي لدى المجتمع بفن الخط، والتدرب على الكتابة بالخط العربي الجميل بشكل تلقائي ويومي نتيجة الاهتمام به.
وفي الإطار نفسه فإن الشارقة أصدرت قراراً يقضي بأن تكون المراسلات في المؤسسات الحكومية والرسمية باللغة العربية، فضلاً عن إعادة كتابة أسماء جميع اللافتات باللغتين العربية والأجنبية بمراعاة سلامة اللغة ودقة التعريب.
[email protected]
https://tinyurl.com/8sa4aras