تحقيق: شيخة النقبي
تتحمل الأمهات العبء الأكبر من مسؤولية المذاكرة لأبنائهم، وسط عزوف شبه تام من الآباء بسبب طبيعة عملهم وانشغالهم بالمهام اليومية، وهو بلا شك يؤثر في شخصية الأبناء وعلى تحصيلهم الدراسي.وأجمع عدد من الأمهات على أن المناهج باتت صعبة وتختلف عن ما تم دراسته في السابق، ومحتواها صعب، ويفوق قدراتهن العلمية، وتمثل معاناة كبيرة لأبنائهن في مختلف المراحل الدراسية، لافتات إلى أن بعض الواجبات، مثل الرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء، تحتاج إلى تفكير كبير وتفكيك، وبعضها من خارج المناهج الدراسية، وتمثل تحدياً كبيراً لهم، مطالبات بتخفيف الأعباء الدراسية والمشاريع الطلابية عن أبنائهم.
وقلن: إن أغلبية المدارس التي تتقاضى رسوماً مرتفعة تطالب أولياء الأمور بتحمل مسؤولية المذاكرة للأبناء من خلال الكم الهائل من الواجبات المنزلية التي لا تنتهي ما يتطلب من الأم المذاكرة من جديد حتى تستطيع مساعدة أبنائها، وفي ظل تعدد المناهج والمواد العلمية يصعب على الأمهات مساعدة أبنائهن في واجباتهم المدرسية، مطالبات بأن تتحمل المدرسة كل ما يتصل بالمذاكرة والواجبات المدرسية.
وفي المقابل أوضح تربويون، أن الأمهات شركاء في تعليم الأبناء، حيث أصبحت شراكتهن أساساً للنجاح الأكاديمي والشخصي للأبناء، وأنه يجب على الأهل الحرص على تشجيع الأبناء للمذاكرة بمفردهم وعدم الاتكال على الأمهات بالتدريس وحل الواجبات، إلا إذا استصعب عليهم أمر ما.
واجبات صعبة
«الخليج» التقت مع عدد من الأمهات اللاتي تحدثن عن هذه القضية، حيث قالت حنان مرزوق ولية أمر: «انشغالي في العمل لوقت متأخر من اليوم يجعلني غير متابعة أول بأول لمساعدة أبنائي في دراستهم، ما ترتب عليه تدني مستواهم الدراسي، حيث إن الواجبات التي تعطى للأبناء تفوق مستوى قدرات الطلبة»، مؤكدة أن صعوبة الواجبات قد تفرز نتائج عكسية على الطالب وذويه، خصوصاً أن الأهالي باتوا يؤدون دور المعلم في المنزل.
وقالت مريم علي ولية أمر: إن مستوى المناهج الدراسية لهذا الجيل يختلف جداً عن التعليم سابقاً، حيث إن أغلب المناهج الدراسية والأنظمة تتبع مناهج عالمية باللغة الإنجليزية وبعض المدارس اعتمدت لغات إضافية أخرى كالصينية والفرنسية، وهي لغات لم نتعلمها في زمننا، وحتى إننا لا نتعامل بها في حياتنا اليومية، حيث إنني أواجه صعوبة في تعليم أبنائي لهذه اللغات، ما يجعلني أضطر إلى اللجوء للتعليم الخصوصي لمساعدة أبنائي في حل واجباتهم المدرسية ومذاكرة الامتحانات.
عبء ومسؤولية
وأوضحت مهرة جمعة ولية أمر، أن وجود أكثر من طفل في مختلف المراحل العمرية والسنة الدراسية وخاصة التأسيسية بالمنزل، يشكل عبئاً ومسؤولية كبرى على عاتقي لأتمكن من الموازنة والتركيز مع كل طفل على حدة، خصوصاً أن المناهج تحتوي على مفاهيم ومصطلحات صعبة، تحتاج إلى شرح وافٍ، مطالبة بأن تتحمل المدارس مسؤولية الواجبات للطلبة وإنجازها في المدرسة بدلاً من تحميل مسؤولية الآباء الواجبات المنزلية التي يصعب على الطالب إنجازها دون مساعدة.
تقدم تكنولوجي
كما التقت «الخليج» بعدد من مديري المدارس الذين أكدوا دور الأسرة في مساعدة الطلبة على إنجاز الواجبات الدراسية المنزلية، حيث لفت محمد نظيف مدير مدرسة خاصة، إلى أنه في العقدين الماضيين تطور دور الأسرة تحت مسمى شراكات أولياء الأمور، وأنه من خلال التقدم التكنولوجي والتحولات في العالم، وجدنا أنفسنا في زمن مليء بالتحديات القابلة لتكون فرصاً، وتظل الأمهات تقدن بحنانهن وحكمتهن رحلة التعلم للأبناء، حيث نتابع تطوراً هائلاً في دور الأمهات كشركاء في تعليم الأبناء، وأصبحت شراكتهن أساساً للنجاح الأكاديمي والشخصي لأبنائنا، ومع ذلك، فإن هذا التطور ليس دون تحديات.
ودعا محمد نظيف إلى ممارسة الدعم الممنهج والمتسق، من خلال تنظيم جداول اليوم الدراسي وتوجيه الأبناء إلى تعلم أصعب المواد والمواضيع، كما يجب تشجيعهم على المشاركة الفعّالة في برامج المدرسة والتواصل المستمر مع المعلمين لضمان نجاحهم وتميزهم والتعرف إلى متطلبات التعلم وليس فقط الدراسة، وليس هذا فحسب، بل يمكنهن أيضاً زيارة المدرسة والمشاركة في الفعاليات والبرامج المدرسية، والتحقق من تطورات مشاركات الأبناء وتفاعلاتهم مع أصدقائهم.
التعليم الذاتي
وأضاف فؤاد المرسومي مدير مدرسة خاصة، أنه منذ الطفولة المبكرة يجب إعداد الطالب على التعليم الذاتي، ومنحه هذه المساحة الخاصة ليكتشف الحياة من حوله بمفردة من خلال اللعب والقراءة، لكن وبكل تأكيد تحت إشراف وتوجيه الأم والأب، ولكن هناك بعض النصائح التي ستساعد الطفل في المرحلة الدراسية ليكون مستقلاً دراسياً ومنها، تهيئة الجو المناسب للدراسة، وتحديد وقت معين يدرس فيه كل يوم، وحث الطالب على أخذ قسط من الراحة خلال المذاكرة حتى لا يشعر بالتعب.
وتابع: «يجب على الأهل الحرص على تشجيع الأبناء للمذاكرة بمفردهم وعدم الاتكال على الأمهات بالتدريس وحل الواجبات، إلا إذا استصعب عليهم أمر ما، كما يجب تجنب أسلوب التوبيخ ومعاقبة الطفل، لان هذه الأساليب تنفر الطالب من المذاكرة وسيزعزع ثقتهم بأنفسهم، ويجب على الوالدين الحرص على مكافأة الأبناء وتقديم الحوافز إليهم، لأنها من الطرق التي ستساعدهم على الاعتماد على أنفسهم وعدم الاتكال على الأمهات خاصة».
التحصيل المتدني:
وقالت هديل سامي معلمة: «برأيي كمعلمة، على الطالب مراجعة ما تعلمه خلال اليوم الدراسي في البيت، لأن ذلك يؤكد المعلومة ويثبتها في ذهن الطالب، حيث إن الدراسة 50% في المدرسة و50% مراجعة في البيت، وجميع الطلاب الذين لا يراجعون الدروس في البيت هم من ذوي التحصيل المتدني، فعلى الأم مراجعة الدروس مع أبنائها، إذا كانوا في المستوى الابتدائي فالمنهج في هذه المراحل أبسط من المراحل الأعلى ولا يشكل صعوبة على الأم، أما الطلاب في المراحل الإعدادية والثانوية عليهم المراجعة بأنفسهم والاعتماد على أنفسهم بذلك، حيث إن المناهج تكون أصعب على الأهل في هذه المراحل خاصة إذا لم يكونوا من أصحاب الاختصاص بالمادة، ومن الواجب على الأمهات مساعدة أبنائهن في المرحلة الابتدائية، لأنها أهم مرحلة في حياة الطالب، حيث إنها المرحلة التأسيسية التي يتعلم الطالب من خلالها أساسيات التعليم، لكن في المراحل الإعدادية والثانوية يجب على الطالب الاعتماد على نفسه».
دور الأب
وتؤكد المعلمة علياء الهاشمي، أن المذاكرة للأبناء ليست دور الأم وحدها فقط، لابد أن يشارك الأب ولو بشكل ثانوي في التدريس، فمثلاً من الممكن أن يناقشهم مناقشة عامة في الدروس التي أعطيت لهم خلال الأسبوع أثناء أيام العطلات، حيث إن الأب يلعب دوراً تثقيفياً مرتبطاً بالتعلم وهو مختلف عن دور الأم، لأنه ليس لديه وقت كافٍ لمتابعة الأبناء، وقد يحدث تناقض بين طريقة الأم والأب في المذاكرة، وبالتالي أرى أن الدور المكمل للأب هو من أنجح الأدوار التي يمكن تطبيقها، وأن يكون دور الأم هو مساعدة الطفل على المذاكرة وليس مذاكرة كل المواد فلو استطاعت أن تفعل ذلك في المرحلة الابتدائية، فمن الصعب جداً أن تقوم بهذا الدور في المرحلتين الإعدادية والثانوية.
دور أكبر
ولفتت المعلمة يمنى جمال، إلى أن برامج التطوير التربوي تضمنت أبعاداً جديدة أهمها إعطاء دور أكبر لأولياء الأمور للإسهام في دعم العملية التعليمية من خلال المساندة والمتابعة المستمرة للتحصيل العلمي لأبنائهم، ولانشغال الأبوين بمشكلات الحياة والعمل، أصبح من الصعب عليهم متابعة الأبناء بصفه يومية، لذلك لابد من وضع مجموعة من البرامج التي تساعدهم في التغلب على هذه التحديات، وأن المدرسة لا تستطيع تطوير عملها وتحقيق أهدافها والمضي قدماً في هذا الطريق من دون عمل مخطط وجهد منظم ومشترك مع أولياء الأمور.