تكريم بديل

00:03 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.باسمة يونس
تعدّ جائزة نوبل واحدة من أكثر الجوائز المرموقة عالمياً، وتعكس تقديراً لإنجازات استثنائية في مجالات محددة، والحصول عليها يمكن أن يكون مصدر فخر باعتبارها جزءاً من رؤية شاملة للتطوير والإبداع، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. لكن عدم حصول مجموعة كبيرة من المبدعين المعروفين بمنجزاتهم في العالم العربي أو حتى الغرب يجعلنا نتساءل: هل هؤلاء ليسوا مبدعين أم أن كلّ من يحصل عليها هو الأكثر إبداعاً في مجاله؟
إن الجائزة ليست بالضرورة المقياس الوحيد للإبداع، والكثير من المبدعين لا يتاح لهم الظهور أو المشاركة في المنتديات العالمية التي تعترف بمساهماتهم، كما تخضع معايير التحكيم في بعض الأحيان لتوجهات ثقافية أو سياسية معينة بحيث يُمنح بعض الأشخاص الجائزة بسبب تأثيرهم السياسي وليس الإبداعي، إضافة إلى أن مجالاتها محددة ضمن إطار العلوم والأدب والسلام.
وعدم شمولية الجائزة الكثير من الإبداعات يعني أن هناك إنجازات عظيمة لا تتماشى مع أولويات الجائزة في فترة معينة، كما لا يعتمد الإبداع بالضرورة على جائزة، فكثير من المبدعين لم يحصلوا على جوائز، لكنهم أسهموا في تغيير العالم وتحسينه، ولا يمكن التشكيك في إبداعهم أو منجزهم التاريخي.
ونوبل ليست بالضرورة الجائزة التي تعكس الإبداع في جميع الثقافات أو التقاليد، فكثير من الإنجازات قد تكون عظيمة ومبدعة في بيئاتها المحلية من دون الحاجة إلى الاعتراف العالمي، وهناك العديد من الجوائز المحلية أو الإقليمية التي تعترف بالإبداع في سياقاتها الثقافية الخاصة والمبدع الذي لم يحصل على نوبل قد يحصل على الاعتراف في بلده أو مجتمعه المحلي، لأن الإبداع الحقيقي يقاس بالأثر الذي يحدثه المبدع في المجتمع أو العالم بشكل عميق وعلى المدى الطويل.
ومع أن جائزة نوبل تعتبر ذات أهمية كبيرة ليس فقط للعرب، بل للعالم بأسره، نظراً لمكانتها العالمية واعتبارها من أرقى الجوائز، لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا: ما مدى أهميتها للعرب وأثرها في المنطقة من الناحية العلمية والثقافية والسياسية، وهل الفوز بالجائزة يمنح العرب حضوراً في الساحة العالمية أو يعزز من صورة المنطقة كبيئة قادرة على الابتكار والإبداع؟
إن جائزة نوبل بدون شك دافع يلهم الدول والحكومات العربية لتطوير جوائز مبتكرة كي لا تبقى نوبل الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاعتراف الدولي للمبدعين، وتركز هذه الجوائز أكثر على مجالات ذات أهمية إقليمية وعالمية بحيث تتفوق في التأثير والتوجه نحو المستقبل، وتُسهم في تعزيز الهوية الثقافية العربية ودعم القضايا الحيوية التي تواجه العالم اليوم.
وتمثل الإمارات نموذجاً متقدماً بعملها على تأسيس منظومة داعمة للمبدعين العرب تتمثل في بنية تحتية شاملة من المؤسسات الثقافية والتعليمية، وان كان أبرزها جائزة «نوابغ العرب» التي يمكن ان تعكس مع جوائز محلية أو أخرى إقليمية بإنجازات شريحة كبيرة من المبدعين، وفقاً لمعايير تتماشى مع أولوياتها وهويتها الثقافية والاجتماعية.
ويمكن أن تكون جائزة نوبل مهمة من ناحية التقدير العالمي، كونها منصة دولية تمنح تقديراً عالمياً للإسهامات المميزة في بعض المجالات، لكنها ليست المقياس الوحيد للنجاح أو الإبداع وليست غاية بحد ذاتها، بل جزء من منظومة أوسع تسعى لتحقيق التقدم العلمي والثقافي في العالم، وهو ما يمكن للدول العربية أن تحققه، من خلال تعزيز التعاون المتبادل بين المؤسسات الأكاديمية والعلمية العالمية، وتوسيع آفاق العلماء والمبدعين العرب والترويج للإسهامات والإنجازات العربية في المنصات الدولية، مع تنظيم حملات إعلامية دولية مستمرة تسلط الضوء عليها، وتقدم للعالم الصورة المشرقة للمنجز العربي بكل أنواعه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2dyx4d6k

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"