علي قباجة
تأخذ الحرب الروسية-الأوكرانية، منحى آخر من التصعيد، إذ إن كييف، التي توقعت لها الاستخبارات الأمريكية في بادئ الحرب بالسقوط في يد الروس خلال ساعات قليلة، أصبحت الآن مزهوة بصمودها في وجه ثاني أقوى جيش في العالم لأكثر من عامين ونصف العام، طبعاً في ظل دعم عسكري ولوجستي غربي لا يتوقف وبميزانية مفتوحة، لذا فإنها لجأت إلى استثمار ذلك، لإقناع الغرب بمزيد من الدعم، لتحقيق النصر الحاسم خلال عام واحد فقط، وقدمت خطتها لذلك.
ما يُسمى ب«خطة النصر» التي طرحها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تضمنت نقاطاً عدة، هي: الانضمام إلى حلف «الناتو»، وجانب دفاعي عبر حُزم دعم تحقق ردعاً استراتيجياً شاملاً غير نووي على أراضيها، لحمايتها من أي هجوم مستقبلي، وصد الهجمات الروسية عبر نقل الحرب إلى أراضيها، والنمو الاقتصادي والتعاون، وهندسة الأمن بعد الحرب، إذ يتفاخر زيلينسكي، أن «كييف تفتخر بقوة عسكرية كبيرة، وذات خبرة من شأنها أن تعزز حلف شمال الأطلسي والقارة الأوروبية».
خطة زيلينسكي تهدف إلى دفع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، لمزيد من الدعم المالي والعسكري، والسماح لها بقصف العمق الروسي، وهذا لطالما عدّته روسيا خطاً أحمر غير مسموح بتجاوزه، ومن شأنه الدفع بمواجهة مباشرة مع «الناتو»، لكن الغرب لا يزال يراهن على الصبر الروسي على كل تجاوز، لذا فإنه في كل مرة يوسّع مساحة الاستهداف، ويتجاوز «المحرمات» التي حذّرت روسيا أكثر من مرة أن صبرها سينفد على تجاوزها، وأن ردها سيكون قاسياً.
النشوة الأوكرانية، وتحقيقها إنجازات على صعيد احتلال مناطق في كورسك الروسية، دفعها إلى رفع سقف مطالبها، تزامناً مع ضبط نفس من روسيا، محذراً من توسيع نطاق الحرب، أو تجنب اللجوء إلى السلاح النووي التكتيكي الذي قد يدفع استخدامه إلى حرب عالمية محتمة، وهذا يفسره الغرب على أنه ضعف، ويرى أن التهديدات الروسية «جوفاء» فاقدة المضمون.
الكرملين علق على الخطة الأوكرانية، بأنها ربما تكون مماثلة لخطة الولايات المتحدة لمحاربة روسيا «حتى آخر أوكراني»، بينما المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، قالت: إن «خطة النصر» التي وضعها زيلينسكي تدفع «الناتو» نحو صراع مباشر مع روسيا، مشيرة إلى أنها كارثة على الشعب الأوكراني، لكن هذه التصريحات لن تدفع كييف والداعمين لها إلى التراجع قيد أُنملة، فقد خبروا التهديدات مراراً وتكراراً، وهم يرون أن النصر لا بد حليفهم.
الوضع جد خطر، خصوصاً بنظرة الغرب إلى روسيا واعتبارها دولة من الدرجة العاشرة، غاضين الطرف أنها قوة عالمية كبرى ولا بد من أخذ ذلك بالحسبان، وهذا بحد ذاته الذي قد يجبر روسيا على الرد المميت على الجميع.
[email protected]
https://tinyurl.com/2maxfyrd