الشارقة: «الخليج»
بحضور سموّ الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، المبعوث الإنساني لمؤسسة القلب الكبير، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن قرينة صاحب السموّ حاكم الشارقة، سموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، اعتمدت طلب تجديد لقب سموّها مناصرةً بارزةً للأطفال اللاجئين لدى المفوضية السامية للعامين المقبلين.
وأكدت أن تجديد اللقب لسموّ الشيخة جواهر، هو تقدير أممي مستحق لدور سموّها ومساهمتها الكبيرة في دعم ومساندة اللاجئين والنازحين في العالم، واحتضان ورعاية الأطفال اللاجئين، وتوفير مقومات العيش الكريم والمستقبل اللائق لهم ولعائلاتهم على مدار أكثر من عقد.
مراسم خاصة
جاء ذلك خلال مراسم خاصة، في مدينة جنيف السويسرية، والتي استضاف فيها فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، سموّ رئيسة مؤسسة القلب الكبير، والوفد المرافق لها وعدداً من القيادات الإدارية في المفوضية.
ووقعت سموّها والمفوض السامي عقد تجديد لقب سموّها مناصرةً بارزةً للأطفال اللاجئين لعامين مقبلين، كما قدم المفوض السامي في نهاية اللقاء درع المناصرة البارزة في المفوضية السامية لسموّها.
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد اختارت سموّ الشيخة جواهر، أول مناصرة بارزة في العالم للأطفال اللاجئين عام 2013، تقديراً لمسيرة سموّها ومبادراتها في حشد الدعم والمساندة للاجئين، سواء من خلال المبادرات لدعم حملات الاستجابة، أو من خلال المشاريع الإنسانية التنموية المستدامة التي استفاد منها حتى الآن عدد كبير من الأطفال، والملايين من الشباب والفتيات والنساء من اللاجئين والنازحين وضحايا الصراعات حول العالم.
وخلال اللقاء، أعربت سموّ رئيسة مؤسسة القلب الكبير، عن بالغ تقديرها للثقة التي منحتها إياها هيئة الأمم المتحدة، وأثنت سموّها على الدور الحيوي للمفوضية في مواجهة التحديات المعقدة والظروف الصعبة، مؤكدةً سموّها أن هذا اللقب هو تكليف بمهمة عظيمة لحشد الدعم والمساعدات لمناصرة ملايين الأطفال والنساء الذين جردوا من صفتهم كمواطنين آمنين في أوطانهم، ليصبحوا لاجئين ونازحين في لمح البصر، ولم يكونوا يوماً هم المشكلة، بل هم ضحايا صراعات وأطماع لم يستطع العالم أن يتعامل معها.
دور بارز
أشاد المفوض السامي بالدور الإنساني البارز لسموّ الشيخة جواهر، في مناصرة الأطفال واللاجئين والنازحين، على مدار أكثر من عقد مع المفوضية، وما حققته من إنجازات نوعية، ساهمت في رفع معايير العمل الإنساني العالمي، إضافة لحرص سموّها على ترسيخ مفهوم الاستدامة في العمل الإنساني من خلال البرامج والمشاريع التي دعمتها في المجتمعات الأكثر احتياجاً.
وأكد فيليبو غراندي، أن جهود سموّها النابعة من التزامها الإنساني حشدت دعماً ومساندة كبيرة تجاه قضايا اللاجئين والنازحين في دول كثيرة حول العالم، وأعرب عن فخره وامتنانه بالعمل مع سموّها لمواصلة تقديم كل ما يمكن، لتحسين حياة ومستقبل اللاجئين.
وناقشت سموّها خلال اللقاء مع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الأوضاع التي يشهدها العالم الآن ولا سيما الأوضاع في فلسطين ولبنان والسودان والتي تفاقم من معاناة وتحديات اللاجئين والنازحين هناك وبشكل خاص فيما يتعلق بآليات إيصال المساعدات اللازمة لكافة المناطق المحتاجة، وتوفير الدعم والمساندة للمنظمات الإنسانية والمحلية التي تعمل في ظل ظروف صعبة ومعقدة.
لاجئو إفريقيا
تزامناً مع مراسم تجديد الثقة لسموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، نظمت المفوضية بالتعاون مع مؤسسة القلب الكبير، بحضور سموّ الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، والدكتورة حصة عبدالله العتيبة، سفيرة دولة الإمارات لدى الاتحاد السويسري، وممثلين عن هيئات حكومية وشركات خاصة في الشارقة، ومنظمات إنسانية دولية، ووفود دبلوماسية ومنظمات إنسانية من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا، جلسة حوارية تحت عنوان: «الريادة في التغيير: التعليم وتمكين اللاجئين في إفريقيا».
ناقشت الجلسة التحديات التي تواجه اللاجئين في إفريقيا، وخاصة في مالاوي وإسواتيني وجنوب إفريقيا، بما في ذلك العوائق التي تحول دون التعليم والتمكين، والبحث عن أفضل السبل، للارتقاء بهذه القضايا من خلال تبادل الخبرات والآراء، إلى جانب تسليط الضوء على أهمية تعزيز الشراكات بين المنظمات والأفراد والقطاعين الخاص والعام، لتوفير الدعم لهذه الفئات المستهدفة.
وتوجهت سموّ الشيخة جواهر، بالشكر لجميع الحاضرين على دعمهم للمهام الإنسانية، قائلةً: «أشكركم جميعاً على حضوركم وجهودكم المباركة، واسمحوا لي أن أعبر عن امتناني الشديد لتجديد الثقة بدوري ومهمتي في مناصرة الأطفال اللاجئين حول العالم، وأقول دوري ومهمتي لأنها تكليف بمهمة عظيمة، وتحمل للمسؤولية والأمانة تجاه أكثر قضايا العالم حساسية، وهي المعاناة الإنسانية التي يرزح تحتها الملايين من حول العالم، هؤلاء الملايين هم أصحاب ألقاب البطولة الحقيقيون في حكاياتٍ شاء لنا الله وشرفنا بأن نكون جزءاً منها، وأن نكون الأشخاص الذين نعمل لإحداث فرق في حياتهم، وهذا العمل هو الذي يمنح القيمة الحقيقية لحياتنا ووجودنا وإنسانيتنا، وكل ما نحمله من ألقاب ومناصب».
حالة المعاناة
حول الحالة الاستثنائية التي تمر بها شعوب ومجتمعات العالم، قالت سموّ رئيسة مؤسسة القلب الكبير: «نحن نجتمع هنا، والعالم يمر بحالة من المعاناة التي لم يشهد لها مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، في فلسطين التي تنزف منذ عام، بل ومنذ عقود طويلة، بالأمس فقط في غزة وعلى مرأى العالم أطفال ونساء ومرضى نازحين، حُرقوا في خيامهم التي لجؤوا إليها بعد دمار كل شيء في مدنهم، لا يوجد مبرر واحد في هذا العالم يسمح لأي كيان بأن يؤذي طفلاً واحداً فكيف أن تشرده وتجوعه وتحرقه وتقتله، وتسلب كل شيء يمكنه فقط من البقاء على قيد الحياة! في قانون الإنسانية لا يمكن أن ننسب مصطلح الأطفال إلى هوية أو جنسية فلا أعتقد من الإنسانية أن نقول أطفال فلسطين وأطفال الصين وأطفال الإمارات وأطفال فرنسا فكل أطفال العالم هم أطفالنا! وفي لبنان التي تُفجع كل يوم بعشرات الآلاف من العائلات النازحة، حتى وصلت أعدادها لأكثر من مليون خلال أشهر قليلة، وفي السودان التي فاقت فيها المآسي كل وصف، وفي بلدان كثيرة أخرى».
وأضافت سموّها: «في كل يوم، نفقد أطباء ومعلمين وفنانين، ومن يمتلكون الرؤية لتغيير العالم، لكن معاناتهم تُعلمنا دروساً عن الصمود والأمل بالله، إن قدرتهم على الوقوف بثبات، قوة تلهمنا لتكريم أصواتهم، وتعزيز جهودنا الرامية إلى دعمهم، هناك الآلاف من النساء والأطفال وكبار السن الذين يجردون يومياً من صفتهم كمواطنين وبشر عاديين، ليصبحوا في لمح البصر نازحين ولاجئين وضحايا، ولكن مهما كبر هذا المشهد سنظل نرفض الاعتياد عليه».
وحول مسؤولية المنظمات الإنسانية والأفراد والجهات الرسمية في كل مكان تجاه اللاجئين والنازحين والضحايا، قالت سموّها: «العالم ينظر إلينا، ويطلب المزيد من التعاطف والتراحم، ومناصرة قضاياه، والالتزام بضمان سماع أصوات اللاجئين في كل مكان، فهم ليسوا مجرد أرقام في عناوين الصحف والأخبار؛ بل أمهات وآباء وأطفال كبروا قبل أوانهم، أطفال لا يجدون ملعباً لممارسة حقهم في اللعب، ولا مدرسة لممارسة حقهم في التعليم، أطفال يتعرضون للاتجار بالبشر وسوء المعاملة، أطفال خذلهم العالم بأجمعه، لكنهم صامدون، يتحمّلون، يبكون ويبتسمون، لقد التزمت بمهمتي مناصرةً لهؤلاء الأطفال على مدار السنوات العشر الماضية، ويُشرّفني أن أجدد هذا الالتزام بمناصرتهم خلال العامين المقبلين».
تصحيح المفاهيم
دعت سموّها إلى تصحيح المفاهيم السائدة حول قضايا اللاجئين، قائلةً: «لنكن صادقين مباشرين في توصيفاتنا، ونعترف بأن اللاجئين والنازحين ليسوا هم المشكلة بحد ذاتها، بل هم نتيجة مشكلات العالم وأطماعه، وليسوا التحدي الذي يُثقِل كاهلنا، بل هم ضحايا التحديات التي عجزنا وعجز العالم عن التعامل معها؛ لذلك نحن نؤكد وقوفنا صفاً واحداً إلى جانب مؤسسات العمل الإنساني وكل الخيرين في هذا العالم؛ لأننا معاً أقوى وأكثر تأثيراً».
وفي ختام كلمتها، أكدت سموّها، على التزامها والتزام مؤسسة القلب الكبير بالمهام الإنسانية ورسالتها السامية، وقالت: «خلال المرحلة المقبلة، سيكون للقلب الكبير، ومعها شركائها من العالم، برامج أكثر تخصصاً، تُركز على تمكين النساء والأطفال والشباب في كل مكان يحتاج أن نكون فيه، وسنحرص على أن تكون جهودنا مستدامة ومؤثرة من خلال التركيز على التعليم والتمكين، ومن هنا أدعوكم جميعاً للانضمام إلينا في هذه الرحلة ولمشاركتنا هذا الالتزام، ونأمل بأن يكون لقاؤنا القادم في عالم أكثر عدلاً وأمناً واستقراراً؛ عالم تجسد فيه الإنسانية المنارة التي تهتدي بها الأجيال القادمة».
دور ومسؤولية
خلال كلمته في الجلسة، قال سموّ الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي: «أُبارك لسموّ الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي تجديد اللقب الأممي المهم، هذا اللقب هو دور ومسؤولية تجاه 47 مليون طفل لاجئ يعيشون في عالمنا اليوم ممن أوكلوا هذا الدور لسموّها، ووضعوا ثقتهم ومستقبلهم بأيدي سموّها، وخيراً فعلوا، فلن يجدوا مناصراً أفضل».
وأضاف سموّه: «في ثقافتنا العربية والإسلامية، وفي إمارة الشارقة، نعتز بما تمثله رموزُنا، وما تجسده قيادتنا من قيمٍ وأصالة، ومبادئ وأخلاقٍ إنسانية، ونحرص دوماً على التزامنا بهذه القيم والمبادئ، وأن نترجمها إلى أفعال تترك آثاراً مستدامة، تعلمنا من صاحب السموّ حاكم الشارقة، أن بناء الإنسان يتقدم على أي منجز آخر؛ لأنه أساس النجاح والاستدامة والتطور».
وفي ختام كلمته دعا سموّه كافة المؤسسات والشركات في القطاعين العام والخاص إلى تبني العمل الإنساني، وجعله ممارسة ثابتة في سياساتها وبرامجها، قائلاً: «لا حدود بين العمل المؤسسي أو الاقتصادي والعمل الإنساني، يقودنا مبدأ واحد، وهو أن الإنسان جوهر كل نشاط وغاية كل الممارسات، لقد أثبتت تجاربنا أن العمل الإنساني أصبح أكثر أهميةً من ذي قبل، وفي القطاع الخاص على وجه التحديد، فتخصيص جزءٍ من أرباح الشركات لا ينتقص من صافي قيمتها، بل يضاعفها؛ كونه استثماراً مستداماً في مستقبل العالم».
وعلى مدار أكثر من عقد، عملت سموّ الشيخة على تقديم دعم إنساني واسع النطاق، يتمثل في برامج الإغاثة العاجلة والمشاريع الإنسانية التنموية المستدامة، وشملت أكثر من 6 ملايين شخص في تجمعات اللجوء والنزوح والمجتمعات المحتاجة حول العالم، وحرصت سموّها خلال مسيرتها الإنسانية المتواصلة على توفير الرعاية والاحتضان والتمكين للنساء والفتيات والأطفال بشكل خاص، كونهم الفئات الأكثر تضرراً من الأزمات والنزاعات والكوارث، وذلك ترجمةً لرؤية سموّها حول عالم عادل يحتضن الجميع بدون استثناء.