تحقيق: حصة سيف
أكد تربويون أن الإدارة الصفية للمعلم داخل الفصل الدراسي، والتي ترتكز على مهارات واستراتيجيات عدة، هي الجسر الذي يستخدمه في فهم الطلبة للمادة بشرح وافٍ، وهو ما يحتاج إلى معلم متمكن يستطيع التعامل مع أي تحديات، ولفتوا إلى أهمية تقييم المعلم لذاته، وكشفوا ل«الخليج» أسباب عدم نجاح أي معلم في الإدارة الصفية.
شدد خبراء وتربويون على ضرورة متابعة مديري المدارس للعملية التعليمية، ودعم المعلم بالدورات والزيارات الصفية لمعلمين آخرين متمكنين، حتى يجد في نفسه القدرة على الوقوف على أي مشكلات تواجهه، ويصل بالمنهج التعليمي وكافة المعلومات والقيم التربوية إلى إدراك الطلبة ووعيهم.
متابعة وتوجيه
ترى إحدى التربويات أن المعلم الناجح في الإدارة الصفية، يكون ناجحاً في توصيل المعلومة إلى الطلبة، ومهما كانت لديه مهارات وطرق لتوصيل المعلومات إلى طلبته، لن ينجح إذا كان غير قادر على الإدارة الصفية.
وأكدت أن تلك المهارة لا بد من التركيز عليها من قبل مديري المدارس، بتوجيههم للمعلمين غير القادرين على الإدارة الصفية، عبر مسارات عدة، أبرزها حضور حصص صفية خارجية، وخُضوعهم لدورات تخصصية تكفل تحقيق ذلك الهدف، مضيفةً أن المدير أيضاً تقع عليه أمانة كبيرة في نوعية التعليم الذي يقدّم إلى الطلبة، لخلق جيل قوي وتعزيز نوعية خريجي مدرسته، وهو ما يتطلب أن يكون الطالب متمكناً من كافة المواد العلمية، خاصة الأساسية منها.
ضعف الشخصية
وتتوقف على الإدارة الصفية للمعلم الكثير من النجاحات، في حين أن المعلم ضعيف الشخصية يصعب عليه التحكم في مجريات الأمور داخل الصف، بل ويصعب عليه أيضاً نقل للمعلومة للطلبة، والأحرى بمن يجد في نفسه تلك النقاط، أن يثقف نفسه، وألا يجعل أي ضغوط تؤثر في قيامه بواجباته التربوية تجاه الطلبة.
كما تلعب الخبرة دوراً مهماً في اختيار الكوادر التربوية وترقيتها في المناصب، خاصة وظائف الإشراف على المعلمين ومتابعة حصصهم، وتلك النقطة مهمة جداً في اختيار تلك الكوادر، لأنها مسؤولية تربوية لا يقتصر أثرها على فترة محددة.
استراتيجيات تعليمية
قالت مريم خميس الشحي، معلمة لغة عربية، حاصلة على جائزة رأس الخيمة للتميز التعليمي، إن الإدارة الصفية تعتمد على طريقة التدريس بشكل عام، وكلما استخدم المعلم استراتيجيات وطرقاً متنوعة في الشرح، نجح في جذب الطالب إليه، وضمن فهمه للدرس، موضحةً أنها استخدمت استراتيجيات عدة في دروس القراءة، منها الصف المقلوب، التي يكون فيها الطالب معلماً لزملائه، والمعلم موجهاً له، أو اختيار قائد لكل مجموعة من الطلبة ويكون المعلم مشرفاً عليه.
وأضافت أنها نظمت ورشة عمل بعنوان «تحدثي باللغة العربية أفضل»، بهدف دعم مهارة الإلقاء وتنمية حس التواصل لدى الطالبات، وهو ما تكلل بأن أصبحت أغلبية الطالبات يتحدثنَ بلغة عربية فصيحة وبشكل أكثر جرأة.
التعليم التعاوني
قالت مريم الشحي، إنها استخدمت طريقة التعلم التعاوني، الذي يقوم على توجيه نقطة أو محور معين إلى المجموعة من الطالبات، لفهمها بشكل جماعي، فيما تحاول ربط اللغة العربية بالتكنولوجيا، وذلك بتصميم مقاطع مصورة، ومنها اكتشاف مواهب في الرسم والتصاميم بين الطالبات، مع التركيز على ربط مواهبهن باللغة العربية، وهو ما يزيد الانتباه.
وأكدت أهمية التعرف إلى مهارات الطلبة وربطها بعملية التدريس، مشيرة إلى أنها نظمت مقهى أدبياً، بعد أن أكدت الطالبات حبهن للقهوة، وطلبت منهن البحث عن شعر عربي يتناول القهوة، كما عملن على إنشاء بستان صغير في المدرسة، وجعلت الطالبات يبحثن عن قصائد حول الورد تنافسن في إلقائها، مؤكدةً أن تلك الأنشطة تجعل الطلبة يدركون عملياً أن اللغة موجودة في كل مناحي الحياة، وعلينا استخدامها وإثراء حصيلتهم اللغوية، من المفردات، وبالذات تلك التي ترتبط باهتماماتهم.
المرونة والوضوح
يرى فادي سعيد، معلم رياضيات، أن كل معلم لديه مهاراته الخاصة في الإدارة الصفية، لكن الفكرة بشكل عام هي أن ينوّع المعلم في أساليب التحفيز والتشجيع التي يستخدمها مع الطلبة، وأن يكون مرناً معهم، ويفهم كل طالب منهم بطريقة مناسبة له، ويقسمهم إلى مجموعات ويفهم الفروق الفردية، وينظم الوقت ويكون واضح الأهداف، وهو ما يقوي العلاقة مع الطلبة.
عملية مترابطة
قالت عائشة الشامسي، تربوية متقاعدة، إن التعليم عملية تنطوي تحت مظلتها محاور وأبعاد مختلفة، بينها إدارة الانضباط والتعلم والمشاعر والأحاسيس وتحديد الاتجاهات، وإذا لم يستطع المعلم أن يديرها بشكل عام فمن الصعب عليه تحقيق النجاح وحصد الثمار المرجوة من عملية التعليم، ولا بد من الموجه أو الداعم الذي يمنح المعلم أسس الإدارة الصفية، ويوجهه نحو المفهوم الواسع للتعليم، كما أنه لا بد للمعلم أن ينمي من ذاته، ويكتشف نقاط ضعفه ويعالجها، في حين أن المعلمين لديهم في دراستهم الجامعية الأساسيات العلمية النظرية.
وأضافت أن المعلم الذي لا يمتلك مهارة الإدارة الصفية، ويقوم بالتلقين فقط، صعب عليه أن يؤدي الرسالة بشكل متكامل، ويتأثر بذلك الطلبة بشكل سلبي، لذلك لا بد من تغذية راجعة من المدير أو من فريق الدعم، ويجب أن يتوفر التدريب اللازم.
وتساءلت كيف لمُعلم لا يمتلك إدارة صفية ناجحة أن يتحكم في الوقت وسلوك الطلبة، وأن ينجح في التعامل مع المواقف التي تشكّل تحديات داخل البيئة الصفية، حيث إن من مهام الإدارة الصفية حسن إدارة الوقت في الشرح وتوزيعه بين الطلبة والاستماع لهم وحل مشاكلهم.
وأشارت إلى ضرورة أن تكون للمعلم صحيفة تقييم ذاتي، يوضع فيها نقاط الضعف وتحدد أوجه القصور إلى أسباب فشله في الإدارة الصفية والعمل على معالجتها.