القاهرة: «الخليج»
أصدرت دار صفصافة للنشر والتوزيع طبعة مزيدة ومنقحة من كتاب «بين كَتبة وكُتّاب» للمستعرب الفرنسي ريشار جاكمون، وهو الكتاب الذي كان في الأصل رسالة دكتوراه، أنجزها ريشار أثناء إقامته في القاهرة لسنوات، وكانت بعنوان «الحقل الأدبي المصري منذ عام 1967» ومن هذه النواة البحثية خرج هذا الكتاب في لغته الفرنسية، ثم ترجم ليكون بين يدي القارئ العربي.
يسعى الكتاب إلى رصد وتحليل محاولات الفاعلين في الحقل الأدبي إلى تحقيق الاستقلال، حيث تقع كل هذه المحاولات في الحيز الضيق، الذي يفصل بين رؤية المثقف لذاته وآماله وطموحاته.
عالمية
يهدي ريشار جاكمون كتابه إلى بيير بورديو، وسنعرف لاحقاً لماذا؟ لكن ما يلفت الانتباه هو تلك الجملة التي جاءت في نهاية وبداية مقدمتين كتبهما جاكمون للكتاب، وهي تتحدث عن «عالمية أشكال عظمة وبؤس وضع المثقف عموماً والكاتب خصوصاً»، ويوضح أن هذا التسليم بالعالمية، ينطلق من قناعته العميقة بعالمية قيم الحقيقة والحرية، التي يتعين على العالم وعلى الفنان – معاً – أن يدافعا عنها، متضامنين، مهما كان انتماؤهما الوطني أو الديني أو العرقي.
من هنا فإن فكرة استقلالية حقول الإنتاج الثقافي تعد، عند بورديو، وعند من ينحو منحاه، مفهوما تحليليا لدراسة ما يدور من صراعات في حقل ثقافي ما (أدبي، فني، علمي) ومشروعا سياسيا وأخلاقيا في آن واحد، هو الدفاع عن المثقف الحر المستقل ضد كل الأشكال التي تهدد استقلاليته.
الطبعة الجديدة لا تخلو من إضافات، فإلى جانب اسم الراحل بشير السباعي، مترجم الطبعة الأولى، هناك المترجم عبد الرحيم يوسف، بالإضافة إلى الدكتورة شيرين أبو النجا التي كتبت مقدمة ضافية للعمل، تكشف اللبس الذي قد يبدو في عنوان الكتاب، فالكتبة هم الذين يكتبون تاريخ المنتصر والأقوى، والكتّاب هم بوق البنية التحتية المهمشة، التي تسعى السلطة في بعض البلدان إلى التعتيم عليها، كي لا تفسد المشهد الثقافي والأدبي.
من أجل توضيح الإطار النظري للكتاب، ينبغي شرح المقصود بمصطلح الحقل، كما قدمه عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو.
صراع
في داخل كل حقل يوجد فاعلون، يسعون دائماً إلى احتلال مواقع سيطرة وتميز، وبالتالي فإن كل حقل لديه صراعاته الداخلية، وأيضا أشكال التفاوت واللامساواة، فبدلاً من الفكرة الماركسية التي تقول بصراع الطبقات يرى بورديو أن الصراع يخص كافة الحقول، وليس مجرد طبقات ثابتة.
ما يجمع بين هذه الطبقات المتفاوتة داخل الحقل هو أنه يضم فاعلين يشترك جميعهم في سمت بعينه، وهؤلاء الفاعلون لديهم لغة مشتركة ومصطلحات لا تحتاج إلى الشرح، وتواطؤ ملحوظ في وجه كل الدخلاء الجدد، ولديهم في الوقت عينه صراعاتهم الداخلية، وأوضح مثال على ذلك هو الهجمة النقدية التي مارسها حراس وخبراء الحقل على الكتابة النسوية والكتابة الجديدة التي ظهرت في عقد التسعينات من القرن الماضي.
عادي
أزمة المثقف بين التأريخ للمنتصرين أو المهمشين
25 أكتوبر 2024
19:35 مساء
قراءة
دقيقتين
https://tinyurl.com/3khhkvc2