الضوابط المتغيرة

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان
لا يمكن التغاضي عن خطورة التراشق الإيراني الإسرائيلي على المنطقة، لذلك، فإن موقف دولها منه، خاصة من أحدث جولاته قبل ساعات، هو استمرار لخشيتها من انفلات الأمور واتساع رقعة الحرب التي بدأت صغيرة، من حيث ميدانها وليس نتائجها، في غزة قبل أن تنتقل كرة النار إلى خارجها.
ويبدو أن إيقاع هذه الجولة من الصراع في المنطقة رهن بما يريده الجانب الأمريكي المقبل على انتخابات رئاسية مطلع الشهر المقبل، وأن أحد الطرفين المتنافسين، وهو الديمقراطيون، حريص على مسار محدد للعبة ينتهي إلى وقف للحرب أو على الأقل هدنة تضمن استمراره في البيت الأبيض ممثلاً في كامالا هاريس.
وفي المقابل، قد يكون المرشح الجمهوري دونالد ترامب راغباً في استمرار النزاع بوتيرة محسومة لا تخرجه إلى ما هو أخطر حتى عودته إلى الحكم، وساعتها يدشن إنجازاته بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب.
ويمكن القول إن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يرى في الموقفين الأمريكيين ما يفيده، خاصة أنه، بالمنظور الإسرائيلي، حقق في غزة ولبنان ما هو أبعد من أهدافه المعلنة في بداية الحرب، وحقق توازناً مع إيران تديره الولايات المتحدة بعناية وتقيّد تفصيلاته وتضع له قواعد تحرص على أن لا يخرج عنها أحد.
ما يلفت في ما سمي الرد الإسرائيلي على إيران فجر السبت ما نقله الإعلام عن مصادر أمريكية حول التزام بنيامين نتنياهو بتوجيهات الإدارة الأمريكية بشأن الهجوم، وهو، وفق هذه المصادر، استثناء منذ بدء الحرب بغزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهذا ليس مفاجئاً، فالتنسيق الأمريكي الإسرائيلي في ما يخص الرد على إيران معلن منذ أسابيع ورافقته تسريبات عن طبيعة أهدافه نفتها الإدارة الأمريكية وقالت إنها لن تكون جزءاً من الهجوم، وكذلك نفت بعده مشاركتها فيه.
ما يؤكده أحد هذه المصادر، وهو مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية، أن الولايات المتحدة ألزمت نتنياهو بضوابط للرد، وأن ترتيبات ما بعده جاهزة، وفي القلب منها إنهاء النزاع في لبنان وغزة.
ما قيل عن أن الجانب الأمريكي ألزم نتنياهو باستهداف قواعد عسكرية وتجنب المدنيين يثير تساؤلات عن عدم النجاح في ذلك على مدار عام في ما يتعلق بالمدنيين في غزة ثم لبنان، والصمت عن استباحتهم في الساحتين حتى وقوع هذا العدد الكبير من القتلى والمصابين وتدمير كل صور الحياة إلى حد يحتاج إلى عقود لمداواته.
إن وقوف الولايات المتحدة وسط اللعبة بين إيران وإسرائيل الأشبه بما يفعله حكم كرة القدم، بوصف أحد المحللين، وحرصها على هندسة خطوات كل طرف لم يكونا بالوضوح نفسه في وقائع غزة ثم لبنان.
والترويج لما سمي التزام نتنياهو بالضوابط الأمريكية لأول مرة يدفع إلى استعادة كل ما قيل عن خلافه مع الإدارة الأمريكية، وهو ما يؤكد أنه كان مصطنعاً.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycx8rp89

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"