ما إن حطت طائرة السيد مانوهار راجارام تشابريا في دبي منذ خمسين عاماً، حتى حلقت أحلامه ورؤيته في سماء الإمارة، واضعاً نُصب عينيه تحقيق إنجاز لا يقلّ ضخامةً وتأثيراً عن الطائرة التي وصل بها. ولم يأت الاسم جمبو من فراغ، إذ يمثل الطموح والعزيمة والإصرار على إحراز نجاح مدوٍّ.
وعندما أسس السيد تشابريا شركة جمبو للإلكترونيات في عام 1974، بعد فترة وجيزة من بدء تداول الدرهم الإماراتي في عام 1973 وتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1971، كانت دبي مدينة ناشئة تستعد لانطلاقة سريعة نحو النمو والازدهار. وقدمت رؤيته الجريئة وشراكاته الاستراتيجية إسهامات كبيرة في توسيع قطاع التكنولوجيا في دبي. ومن أبرز الإنجازات المبكرة، الشراكة مع شركة سوني، العلامة التي يقترن اسمها بالإبداع والابتكار. ولم تقتصر هذه الشراكة على طرح منتجات جديدة فحسب، بل استقطبت أيضاً اهتماماً عالمياً نحو دبي. وأصبحت جمبو أول شركة في المنطقة توفر مجموعة واسعة من الإلكترونيات الاستهلاكية، بدءاً من أجهزة ووكمان وفايو ووصولاً إلى أجهزة بلاي ستيشن المبتكرة، مما أرسى مكانة دبي بصفتها مركزاً للتكنولوجيا. وعلاوةً على ذلك، لعب السيد تشابريا دوراً محورياً في إنجاح مبادرات مهمة مثل مهرجان دبي للتسوق، حيث كانت جمبو شريكاً أساسياً، مما ساهم في ترسيخ مكانة دبي بوصفها وجهة رئيسية للمسافرين من جميع أنحاء العالم.
شراكة غيرت مسار الأحداث: كيف ساهمت جمبو في رسم ملامح المنطقة
شكل تعاون جمبو مع سوني نقطة تحول حاسمة، ليس فقط للشركة، بل للمنطقة بأسرها. ففي الوقت الذي كان فيه سوق الإلكترونيات الاستهلاكية في الإمارات لا يزال في طور النشوء، رأى السيد تشابريا فرصة ذهبية لإدخال التكنولوجيا المتقدمة إلى منطقة مهيأة للنمو السريع. وأصبحت هذه الشراكة حجر الأساس لنجاح جمبو المبكر، وبفضل رؤية السيد تشابريا، تحولت جمبو من كيان غير معروف إلى واحد من أبرز موزعي منتجات سوني عالمياً.
ومن بين أبرز الشواهد على هذا النجاح كان خلال دورة الألعاب الآسيوية لعام 1982 في الهند، حين وفرت جمبو أجهزة تلفزيون سوني لبث الفعالية. وأتاحت هذه الجهود، بقيادة السيد تشابريا، للمستهلكين متابعة الألعاب بجودة مرئية عالية، مما جعل التكنولوجيا جزءاً أساسياً من تجربة المشاهدة. وساهمت مبادرات كهذه في ترسيخ سمعة جمبو في صدارة مشهد توزيع الإلكترونيات الاستهلاكية.
كما أنه، وتحت قيادة السيد تشابريا، أنشأت جمبو أحد أفخم المباني الزجاجية في دبي، المعروف باسم جمبو هاوس، والذي أصبح رمزاً للحداثة والنمو. ولم يكن هذا المبنى مجرد مقرٍ للشركة، بل شكّل تعبيراً عن حضور جمبو الطموح في الإمارة.
من التوزيع إلى تجارة التجزئة: توسيع الآفاق
على مر السنين، رسّخت جمبو نفسها كشركة توزيع رائدة من خلال شراكتها مع العديد من الأسماء البارزة في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية، بما في ذلك إتش بي، ولينوفو، وآيسر، وبراذر، وريكو، ونوكيا. ولاحقاً، عززت جمبو محفظتها بإضافة علامات تجارية معروفة مثل دايسون وكاسيو وويبر، مما يعزز التزامها بتوفير منتجات عالمية المستوى في سوق الإمارات. وباتت جمبو مستشاراً موثوقاً في تحسين تجربة المستهلك، ومع تزايد طلب المستهلكين، استجابت جمبو بإطلاق متاجرها متعددة العلامات التجارية. وكانت هذه الانتقالة امتداداً طبيعياً لنجاح الشركة في التوزيع، حيث جلبت المنتجات مباشرةً إلى المستهلكين مع تحسين تجربتهم من خلال العروض التوضيحية في متاجرها وخبرتها في العلامات التجارية. واليوم، تدير جمبو 17 متجر تجزئة عبر الإمارات ولها وجود في دول أخرى، بما في ذلك قطر، وعُمان، البحرين، ومناطق أوسع في الشرق الأوسط وأفريقيا، مقدمةً للمستهلكين أفضل المنتجات والخدمات العالمية.
ويشكل قسم خدمات ما بعد البيع، جمبو للصيانة، جزءاً أساسياً في نجاح جمبو في مجال التجزئة، إذ يدعم أكثر من 50 علامة تجارية عالمية، ويقدم مجموعة كبيرة من الخدمات، بدءاً من التصليح ووصولاً إلى رعاية العملاء، مما يضمن خدمات دعم مميزة للمنتجات عالية الجودة ويوفر راحة البال للمستهلكين.
تكرار النجاح: من تجارة التجزئة إلى الحلول الموجهة للشركات
لم يكن نجاح الشركة في سوق المستهلكين إلا البداية، فبناءً على سمعتها في الاعتمادية والخدمة، دخلت جمبو قطاع الأعمال من خلال إطلاق جمبو لحلول المؤسسات. وقام هذا القسم بتكييف نهج جمبو الذي يركز على المستهلك ليتناسب مع العملاء من الشركات، مقدماً خدمات مُدارة، وخدمات تكامل التكنولوجيا، وحلولاً تجارية لبعض أكبر الشركات في المنطقة.
ويلعب هذا القسم اليوم دوراً حيوياً في دعم منظومة الأعمال في الإمارات من خلال تقديم حلول مبتكرة تساعد الشركات في الحفاظ على تنافسيتها في عالم يتزايد اعتماده باستمرار على التقنيات الرقمية. وبدءاً من إعداد البنية التحتية التكنولوجية ووصولاً إلى إدارة اتفاقيات الخدمة المعقدة، أصبحت جمبو شريكاً موثوقاً به للأعمال في مختلف القطاعات.
الثقة والولاء: في قلب قصة نجاح جمبو
لا يقوم نجاح جمبو في جوهره على المنتجات والخدمات فحسب، بل يستند أيضاً إلى قيم الثقة والولاء التي رسختها الشركة على مر السنين. واختار العديد من موظفي الشركة البقاء فيها لعقود، وهو ما يشكل دليلاً على ثقافة العمل القوية والشاملة التي أرسى أسسها السيد تشابريا. وينعكس هذه الولاء في العلاقات طويلة الأمد التي تربط الشركة بعلامات تجارية مثل سوني ودايسون، وتظهر أيضاً من خلال الأجيال المتعاقبة من العائلات التي وثقت بشركة جمبو لتلبية احتياجاتها من الإلكترونيات.
وليس من السهل الحفاظ على هذا النوع من الولاء، لا سيما في سوق ديناميكي وسريع مثل سوق الإمارات. ومع ذلك، تمكنت جمبو من تحقيق ذلك من خلال التركيز على الجودة والخدمة وبناء الثقة باستمرار.
التطلع إلى المستقبل: التركيز على التجارة الإلكترونية، وقطاع الأعمال، والخدمات ذات القيمة المضافة
بينما تمضي جمبو في نجاحها، توجه أنظارها نحو آفاق جديدة:
1. التوسع في التجارة الإلكترونية: مع انتقال المزيد من المستهلكين إلى التسوق عبر الإنترنت، تعزز جمبو تركيزها على منصتها للتجارة الإلكترونية، لضمان توفر التجربة الموثوقة نفسها رقمياً. والهدف هو تقديم رحلة تسوق سلسة، بدءاً من التصفح إلى دعم العملاء، مع راحة التسوق من المنزل.
2. تنمية قطاع الأعمال: تخطط جمبو لمواصلة توسيع قسم الحلول الموجهة للأعمال، بتقديم المزيد من الخدمات المُدارة وربط علامات تجارية جديدة بالأعمال الإقليمية. ومهد نجاح الشركة في سوق المستهلكين الطريق نحو حلول الأعمال التي تقدم نفس مستوى التميز.
3. توسيع فئات التوزيع: انطلاقاً من مكانتها الرائدة في التوزيع، تواصل جمبو البحث عن علامات تجارية عالمية جديدة لتوفيرها في الإمارات. ويتمثل الهدف ببساطة في إتاحة وصول المستهلكين في الإمارات إلى أحدث وأفضل المنتجات من جميع أنحاء العالم، مع توسيع حضور الشركة في فئات جديدة.
4. خدمات ذات قيمة مضافة: بالاستفادة من نقاط قوة جمبو للصيانة وجمبو للخدمات اللوجستية، ستوفر الخدمات ذات القيمة المضافة دعماً شاملاً لخدمات ما بعد البيع، بالإضافة إلى عمليات تصليح معقدة، وإصلاح اللوحات، وتسليم الطلبات إلى وجهتها النهائية بكفاءة. وتهدف جمبو إلى ضمان حصول المستهلكين في جميع أنحاء الإمارات على خدمة موثوقة، بغض النظر عن مكان شراء منتجاتهم.
ومع تطلع جمبو للإلكترونيات نحو المستقبل، فإن التزامها الثابت بالابتكار والثقة والخدمة يضعها في موقع الصدارة، ويعزز إرثها بوصفها ركيزة أساسية في مشهد التجزئة والتكنولوجيا في دبي.
