قلت للقلم: هل تسمح بهمسات، لا بأس بما بها من لمسات؟ يخامرني ما يخامرني، من دون معلومات أو تحليل، وليس بتجليات عرفاء، ولا تأملات حكماء، ولكنه ليس ممّا يهذي به المنجمون من افتراء. قال: أسرع، أفصح، لعل قريحتك تتفتق عن قشّة يتعلق بها وضع المنطقة الغريق.
قلت: إني أرى الأطراف الدوليّة التي هي أظهر من أن تخفى، في عجلة من أمرها، كأنها تسابق الزمن في الدقائق الأخيرة من السباق. حالة ارتباك في قمة القوى العالمية. كأن زلزالاً جيوسياسياً ينذر بالوقوع، بدأت موجاته الخفيضة تصل إلى السطح، وتخشى تلك الأوزان الثقيلة أن تفقد التوازن فوق الرمال المتحركة، التي يقول أهل كشف المحجوب إنها إرهاصات نظام عالمي جديد، كأن قازان البريكسيّة هي إحدى غرف قسم الولادة.
تسارع الأحداث يثير الدهشة، ويزداد الذهول عندما يلوح للواهمين أن العالم العربي كأنه خارج العالم. هنا، يغدو المثل الإنجليزي لا يساوي قشّة ولا فشّة، يقول: «لا أخبار، فالأخبار جيدة». كلاّ، فحين تنقطع أخبار الوعي العام، يشبه المشهد مؤشر أنبوب الأوكسجين، عند اقترابه من الصفر. مؤشرات الوعي العربي العام معروفة: في المقدمة، المنظمة الكبرى التي تجمع العرب، ثم أوساط الإعلام والثقافة. حتى الساعة، لم يقل أحد شيئاً عن أيّ شيء. المصالح العليا للأمن القومي العربي، لا يخدمها الصمت، ولا غياب الرأي العام.
قال: من عجائب سياسات التنميات المتعثرة، التي لا تربطها بشعوبها أواصر وثيقة متينة، ووشائج وحدة اندماجية بين القمة والقاعدة، عدم الوضع في الحسبان أن الوعي العام من أهمّ دعائم الاستقرار السياسي، لأن الوعي من أقوى أسلحة الأمن القومي. ما أهمية شعوب لا تدري إلى أين المسير ولا إلى أين المصير؟ هل تصلح لأن يكون لها دور محوري في تنمية بلدانها وحماية دولها؟ تخيّل سفينةً لا يعلم ركابها إلى أين يتجهون، ولا ما هي خريطة الرحلة، ولا ما هي حالة السفينة وقدراتها، وليس لها حتى علاقة حميمية صميمية بالربّان والملاحين. للأسف، ليست قلّة هي الأمثلة المطابقة لصورة هذه السفينة، في العالم العربي. الوعي العام مسؤولية حيوية، وليست ترفاً أو كماليات؟ لماذا؟ لأنه حين تكون أمور الأمن القومي ريشاً في مهب الريح، سبهللا، فإن مفاجآت القراصنة تمسي لا مناص منها.
لزوم ما يلزم: النتيجة التكرارية: في كل محطة مأساوية نسأل: هل هذه حلقة جديدة في مسلسل، أم حالة فردية؟ إن شئت، حالة فردية متكررة.
[email protected]
https://tinyurl.com/mva7crz4