عادي

مخاوف من فراغ سياسي.. ماذا في جعبة أمريكا قبل تنصيب الرئيس الجديد؟

17:33 مساء
قراءة 5 دقائق
فراغ سياسي وتحولات غامضة.. ماذا في جعبة أمريكا قبل تنصيب الرئيس الجديد؟
فراغ سياسي وتحولات غامضة.. ماذا في جعبة أمريكا قبل تنصيب الرئيس الجديد؟

إعداد ـ محمد كمال
مع استضافة الرئيس الأمريكي جو بايدن لآخر الزعماء الأجانب قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة، الثلاثاء المقبل، فإن مخاوف حدوث فراغ في الإدارة الأمريكية، أضحى مثار قلق، ليس في الولايات المتحدة وحدها؛ بل في مختلف أنحاء العالم، الذي يشهد راهناً صراعات متفجرة، أو تلك التي توشك على الانفجار، بينما قد تكون نتائج الانتخابات المحتدمة بين دونالد ترامب وكامالا هاريس نقطة تحول كبرى في نظام عالمي جديد ربما يكون أقرب من أي وقت مضى. 

وقبل دخول بايدن مرحلة «البطة العرجاء» وهي الفترة من يوم الاقتراع الرئاسي حتى تنصيب الرئيس الجديد، استضاف في البيت الأبيض زائره الدولي الأخير، وهو رئيس قبرص نيكوس خريستودوليديس في أول زيارة من نوعها منذ عام 1996، وفيما تركزت المحادثات على الصراع في الشرق الأوسط؛ حيث توفر تلك الدولة الجزرية الصغيرة في شرق البحر الأبيض المتوسط قناة مهمة للمساعدات الإنسانية لغزة، فقد خيم على المحادثات مخاوف من الفراغ السياسي الأمريكي، ودخول البلاد في مرحلة متقلبة، قد يليها مستقبل ضبابي غير واضح المعالم في كنف رئيس جديد.


الرئيس القبرصي مثل غيره من بعض زعماء أوروبا، أعرب بعد اللقاء مع بايدن عن نفس القلق الذي سمعه كثيراً بشأن ما يتوقع أن تكون فترة غير مستقرة بعد الانتخابات الأمريكية، وما سيعنيه ذلك بالنسبة للنظام الدولي. وقال بالحرف: «هناك دائماً خوف من أن أمريكا قد تتراجع، وتفضل نوعاً من العزلة.. لقد رأينا ذلك في الماضي. وهذا هو مصدر القلق الرئيسي، لأن المنطقة في حالة اضطراب في الوقت الحالي. إنه أمر خطر للغاية»، بحسب ما نقلت نيويورك تايمز. وفي حين قال إنه واثق من أن بايدن وفريقه سيواصلون الانخراط في العمل حتى اليوم الأخير من إدارته، فإنه أشار إلى أن الانتقال إلى رئيس جديد من شأنه أن يثير حالة من عدم اليقين. وأضاف: «بطريقة ما، هناك فراغ.. أنت لا تعرف بعد شهرين ما الذي سيحدث. إنه وضع هش للغاية».


فترة شديدة القلق 
وفي حين يقول المسؤولون والمحللون إن نتيجة التصويت المقرر يوم الثلاثاء بين دونالد ترامب وكمالا هاريس، قد تكون لها آثار كبيرة على التصرفات الإسرائيلية في صراعها المتعدد الجبهات حالياً، فإنه بغض النظر عن الفائز، فإن مؤيدي الحرب الإسرائيليين يتطلعون إلى فترة «البطة العرجاء» للرئيس جو بايدن بصفتها فرصة محتملة للحصول على الدعم الأمريكي لمزيد من الضربات بعيدة المدى على إيران، على أمل أن تكون الإدارة المنتهية ولايتها أقل حذراً من ردود الفعل السياسية في الداخل. وأمضت إدارة بايدن أسابيع في إقناع إسرائيل بعدم ضرب المنشآت النفطية أو النووية في إيران، خوفاً من أن يدفع ذلك المنطقة إلى مرحلة أكثر خطورة قبل توجه الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع، لكن بعض المراقبين يرون ذلك مجرد تأجيل قصير الأجل، ويرى المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون، فضلاً عن الدبلوماسيين والخبراء الإقليميين، أن انتخابات الثلاثاء، تمثل نقطة انعطاف حاسمة، حيث من المرجح أن تؤثر النتيجة في تصرفات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ليس فقط في إيران، لكن في غزة ولبنان أيضاً.


ويقول أمير أفيفي، وهو عميد احتياط ونائب سابق لقائد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي: «ستحدد الانتخابات الكثير مما ستعطيه إسرائيل الأولوية.. الأهداف الاستراتيجية هي نفسها، لكن ما سيحدث ومتى يعتمد على نتائج الانتخابات». وعلى الرغم من الجهود الأمريكية الحثيثة لدفع مسار محادثات وقف القتال، سواء أكان في غزة أم لبنان، حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة؛ إذ ذهب ممثلو الإدارة الأمريكية إلى الشرق الأوسط بمقترحات تحاول إنجاز وقف قصير للقتال في غزة ولبنان، قبل الانتخابات الرئاسية، لكن حتى لو أقرت الهدنة فمن المرجح أن تشهد خروقاً، حيث سيكون من الصعب السيطرة على الأطراف جميعها، بينما تعاني واشنطن حالة الفراغ السياسي.


وربما تستطيع الإدارة الأمريكية إنجاز هدنة مؤقتة لكن من دون قبضة قوية لإقرارها على الأرض، وعلى الرغم من ذلك، فقد قال شخص مطلع على تفكير القيادة العليا في إسرائيل، لصحيفة واشنطن بوست، إنه «لن يكون هناك أي تقدم حقيقي في المحادثات حتى يرى نتنياهو من سيكون في البيت الأبيض»، بينما قالت حماس إنها لا ترحب بأي هدنة مؤقتة، لكنها تريد وقفاً دائماً للصراع.


وعلى الرغم من عدم اليقين في تأثير أي من الرئيسين الأمريكيين المحتملين على الصراع في الشرق الأوسط، فيقول بريان كاتوليس، زميل بارز في السياسة الخارجية الأمريكية في معهد الشرق الأوسط، إن إدارة هاريس قد تكون لديها إمكانات أكبر قليلاً لكبح جماح إسرائيل، ويستند ذلك إلى تصريحات انتخابية من دون أدلة واقعية ملموسة.

إسرائيل وإيران 
بعد الضربات التي نفذت إسرائيل الأسبوع الماضي في إيران، دعا اليمينيون المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية وبعض قادة المعارضة، رئيس الوزراء نتنياهو إلى توجيه ضربة أكثر حسماً لبرنامج الأبحاث النووية الإيراني ومواقع تخصيب اليورانيوم. وفي حين أن إدارة بايدن لم تشجع علناً هذه الخطوة، فإن هاريس ربما تحث على توخي الحذر نفسه، لكن ترامب انتقد عدم عرقلة طموحات إيران النووية، خصوصاً أنه خلال إدارته وفي عام 2018 انسحب من الاتفاق النووي الدولي مع طهران.


وبينما ستحاول هاريس على الأرجح منع حدوث مواجهة أوسع بين إيران وإسرائيل، فإن محللين يرون أنهم «لايرون نفوذ قوي هناك»، لكن في حال فوز ترامب، فمن المرجح أن تنتظر إسرائيل إلى ما بعد يوم التنصيب، في 20 يناير/كانون الثاني، حتى يكون لديها ائتلاف دعم لتوجيه الضربة، أما إذا فازت هاريس فقد لا تنتظر إسرائيل. وفق أفيفي.

ماذا في جعبة أمريكا؟ 
ويزور مسؤولون أمريكيون كبار منطقة الشرق الأوسط وفي جعبتهم مسودة اتفاق لإنهاء الحرب في لبنان يسمح لإسرائيل بمواصلة ضرب لبنان لمدة شهرين، وهو اقتراح من المرجح أن يواجه مقاومة شديدة من حزب الله والحكومة اللبنانية بسبب المخاوف من انتهاكه سيادة البلاد. 


ويتضمن المقترح وفق صحيفة وول ستريت جورنال، اتفاقاً بين الولايات المتحدة وإسرائيل يسمح للقوات الإسرائيلية بضرب لبنان خلال فترة انتقالية مدتها 60 يوماً رداً على تهديدات وشيكة، كما يدعو إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي أنهى الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006.


وتدعو مسودة الاقتراح أيضاً إسرائيل إلى سحب قواتها من لبنان بعد أسبوع واحد، ثم تنتشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب للمساعدة على تفكيك البنية التحتية العسكرية المرتبطة بحزب الله وغيره من الميليشيات. وعلى الرغم من دفع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية نحو الحل الدبلوماسي في لبنان، معتقدة أنها قريبة من تحقيق الكثير من الأهداف التي سعت إليها، فإنه من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأمريكية.


ويتضمن الاقتراح الأمريكي أيضاً بنوداً أخرى من المرجح أن تثير اعتراضات من حزب الله والحكومة اللبنانية، ومن بينها بنداً يسمح لإسرائيل بالتحليق بطائرات فوق لبنان لأغراض المراقبة طالما أن الطائرة لا تخترق حاجز الصوت و«غير مرئية بالعين المجردة إلى الدرجة الممكنة». وستكون إسرائيل قادرة أيضاً على شن غارات جوية على لبنان ردًا على «التهديدات الوشيكة أو الناشئة». ووصف مسؤول لبناني مطلع على المفاوضات المسودة بأنها «أمر لا يمكن للدولة اللبنانية ولا لحزب الله قبوله باعتباره انتهاكاً للسيادة»، فهل تتمكن الولايات المتحدة من وقف الصراع حتى مرور فترة عدم اليقين السياسي وتولي الرئيس الجديد سلطاته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5fw8hp46

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"