«الخليج»: متابعات
ربما لا يحتفظ الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بقائمة «أعداء» ينوي ملاحقتهم قضائياً في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقررة الثلاثاء المقبل، ضد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، لكنه أدلى بالعديد من التصريحات التي قد تقود إلى حرص هؤلاء الأشخاص، وهو ما يثير قلقاً كبيراً في الأوساط السياسية الأمريكية، بلغ حد وصف المرشح الجمهوري بـ«الفاشي» الذي ينوي الانتقام بعد تسلمه مفاتيح البيت الأبيض.
ووجد تحليل لشبكة NPR أن ترامب وجه أكثر من 100 تهديد منذ عام 2022 لملاحقة أعدائه المتصورين، وفي تصريح لا يقبل الجدل، تعهد ترامب خلال تجمع انتخابي في ماديسون سكوير غاردن الشهيرة في نيويورك، بألا يكون ديكتاتوراً إلا في اليوم الأول، ورغم أن هذا التعبير ربما يسير في المقام الأول لاحتمال إغلاق الحدود الأمريكية أمام المهاجرين، فإنه قد يكشف أيضاً عن نواياه لتدشين سلسلة مطاردات قضائية ضد من يعتبرهم تآمروا لإزاحته عن البيت الأبيض، ويأتي في مقدمة هؤلاء، بحسب تصريحاته، الرئيس الحالي جو بايدن ونائبته المرشحة الرئاسية كامالا هاريس.
تصدر اسم جو بايدن تصريحات ترامب التي كان يشير فيها إلى «سحق العدو في الداخل»، عن طريق الملاحقات القضائية والسجن أو العقوبات الأخرى، وبعد وقت قصير من توجيه الاتهام إليه من قبل المحامي الخاص جاك سميث العام الماضي، هدد ترامب بتعيين مدع خاص «حقيقي» «لملاحقة» بايدن وعائلته.
ثم تأتي نائبة الرئيس كامالا هاريس، ففي تجمع حاشد بولاية بنسلفانيا في شهر سبتمبر، دعا ترامب إلى «عزل ومحاكمة» منافسته في السباق الرئاسي بسبب تعامل إدارة بايدن مع الحدود، متهماً إياها بالفشل في هذا الملف الذي أوكل إليه.
ولم ينجُ الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما من تهديدات ترامب، حيث أعاد على موقع Truth Social، نشر دعوات متعددة لاعتقال أوباما ومحاكمته في «محاكم عسكرية».
أما رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، فقد وصفها ترامب على وجه التحديد والنائب آدم شيف (ديمقراطي من كاليفورنيا) بأنهما «أعداء من الداخل»، ودعا الشهر الماضي إلى محاكمة بيلوسي وزوجها بتهمة التداول الداخلي المزعوم.
كما تنضم إلى القائمة النائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني، والتي تعارض ترامب بشكل علني منذ هجوم السادس من يناير 2021 على مبنى الكونغرس الأمريكي، وصارت مؤيدة لمنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس.
ونشر ترامب في مايو/أيار أنها «يجب أن تذهب إلى السجن مع بقية أعضاء اللجنة»، في إشارة إلى قيادة تشيني للجنة المختارة في مجلس النواب في 6 يناير/كانون الثاني.
وقبل أيام وصف ترامب، ليز تشيني بأنها أحد «صقور الحرب»، وقال خلال لقاء تلفزيوني إنها «حمقاء للغاية.. صقر حرب متطرف. دعونا نضعها هناك مع بندقية، مع تصويب تسع فوهات إليها. حسناً لنرى كيف ستشعر حيالها. تعلمون عندما تكون البنادق موجهة إلى وجهها».
ومن بين المستهدفين المحتملين أيضاً، الجنرال المتقاعد مارك ميلي، حيث اقترح ترامب العام الماضي أن الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة، الذي وصف ترامب منذ ذلك الحين بأنه «فاشي حتى النخاع»، يستحق الإعدام بسبب مزاعم عن تواصله مع الجنرالات الصينيين.
وسائل الإعلام المهددة
تأتي شبكة ABC ضمن من يعتبرهم ترامب أعداءه، فبعد التحقق من المعلومات بشكل متكرر خلال مناظرته مع هاريس في سبتمبر، طالب ترامب لجنة الاتصالات الفيدرالية بإلغاء ترخيص البث الخاص بها، حيث قال إن تغطيتها للمناظرة كانت منحازة.
كما تلوح في القائمة شبكة CBS، ودعا ترامب إلى تعطيل ترخيصها وإيقاف بث برنامج 60 دقيقة على الفور، بعد اتهام البرنامج بتحرير مقابلة مع هاريس بشكل مخادع. وقد رفع دعوى قضائية ضد الشبكة بالفعل قبل أيام.
أما NBC، فقد طالب ترامب العام الماضي بالتحقيق مع الشركة الأم بتهمة الخيانة بسبب تغطيتها لمشاكله القانونية. ووعد بأن شبكة إن بي سي، ستخضع للتدقيق الشديد بسبب تغطيتها غير النزيهة والفاسدة عن عمد إذا تم انتخابه، على حد تعبيره.
ولم تبتعد جوجل عن اتهامات ترامب، فقد لوَّح بأن عملاقة البحث على الإنترنت تعمدت الكشف وعرض القصص السيئة فقط عنه، ثم قال عبر منصة Truth Social: سأطلب محاكمتهم، على أعلى المستويات، عندما أفوز بالانتخابات.
وفي كتابه الجديد بعنوان «أنقذوا أمريكا»، يتهم ترامب الرئيس التنفيذي لشركة ميتا مارك زوكربيرج بأنه تدخل في انتخابات 2020، وكتب: «نحن نراقبه عن كثب، وإذا فعل أي شيء غير قانوني هذه المرة فسوف يقضي بقية حياته في السجن».
الموظفون العموميون
وفي مقدمتهم، يظهر العاملون في الانتخابات، فبينما يضع الأساس للادعاء مرة أخرى بتزوير الناخبين إذا خسر، وجه ترامب مؤخراً تهديداً واسع النطاق لسجن «المحامين والنشطاء السياسيين والمانحين والناخبين غير القانونيين ومسؤولي الانتخابات الفاسدين» الذين ينخرطون في «سلوك عديم الضمير»، كما ورد على لسانه.
وكذلك ينضم لهذه الفئة المحتجون على الانتخابات، حيث اقترح ترامب نشر الحرس الوطني أو حتى الجيش الأمريكي ضد «المجانين اليساريين المتطرفين» الذين يتسببون في الفوضى حول الانتخابات.
كما هدد ترامب بسحق المحتجين في الجامعات ضد حرب غزة، وكذلك سجن حارقي العلم الأمريكي.
وعن منتقدي المحكمة العليا، قال ترامب في تجمع حاشد في سبتمبر/أيلول: «يجب وضع هؤلاء الأشخاص في السجن بالطريقة التي يتحدثون بها عن قضاتنا، في محاولة منهم للتأثير في قراراتهم».
وبحسب موقع أكسيوس، فإن رغبة ترامب في الانتقام تشتعل لدى أي شخص متورط في قضاياه الجنائية الأربع، وسلسلة التحقيقات التي واجهها على مدى السنوات الثماني الماضية، والتي يصورها على أنها «مطاردة ساحرات» متواصلة. وقد دعا إلى محاكمة مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقين، ومسؤولي المخابرات الأمريكية، والمستشار الخاص جاك سميث، والمدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براج، والمدعي العام لمقاطعة فولتون فاني ويليس، والمدعي العام في نيويورك ليتيتيا جيمس وغيرهم الكثير.
وبينما يقول حلفاء ترامب إن ما قاله مجرد تهديدات إلى حد كبير، وإنه في حال فوزه لن يقدم على خطوة من ذلك، فإن منتقديه يرون أن الشارع الأمريكي لا يمكنه عدم تصديق تلك التصريحات بشكل قاطع، خصوصاً مع تأكيده مراراً أن الأعداء في الداخل يشكلون تهديداً أكبر من الخصوم الأجانب، وهو ما التقطته منافسته هاريس عندما قالت مؤخراً إن «ترامب لديه قائمة أعداء. ولدي قائمة مهام».