أُطلق وصف «الثلاثاء الكبير» على يوم 5 مارس/آذار2024، ويعتبر مهماً، حيث عقدت 16 ولاية أمريكية انتخابات تمهيدية تم فيها اختيار المرشحين للرئاسة الأمريكية، وقد تم اختيار الرئيس جو بايدن مرشحاً للرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، والرئيس السابق دونالد ترامب مرشحاً عن الحزب الجمهوري، لكن بعد انسحاب الرئيس بايدن اختار الحزب الديمقراطي نائبته كامالا هاريس مرشحة بديلة. لكن في هذه الانتخابات التي تحتدم فيها المنافسة بشكل غير مسبوق بين هاريس وترامب، فإن يوم الثلاثاء القادم في الخامس من الشهر الحالي، يستحق أن يكون «يوم الثلاثاء الكبير» الحقيقي، إذ يقف الأمريكيون ومعهم العالم وربما للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية على رجل واحدة يحبسون أنفاسهم بانتظار ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات.
إذ تجري الانتخابات الأمريكية في ظل استقطاب سياسي، وانقسام مجتمعي حاد، واتهامات وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية متناقضة، وسياسات خارجية تحمل في طياتها تغييراً في علاقات الولايات المتحدة مع العالم، بدءاً من أوروبا وحلف شمال الأطلسي والحرب الأوكرانية وأزمة الشرق الأوسط المتمثلة في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، مروراً بآسيا والعلاقات مع الصين، إضافة إلى العلاقات مع المهاجرين.
لم يحصل في تاريخ الانتخابات الأمريكية أن حفلت بكل هذه الأحداث والمواقف التي يشكل كل واحد منها مفاجأة قد تحسم نتيجة الانتخابات لواحد من المرشحين الذي سيدخل البيت الأبيض، وهو أمر لم يحدث مع أية انتخابات مماثلة في التاريخ الأمريكي الحديث.
ويلخص هذا المشهد الانتخابي أزمة الحزبين الديمقراطي والجمهوري المهيمنين على الحياة السياسية الأمريكية منذ قيام الولايات المتحدة عام 1776، إذ لا يستطيع أي حزب ثالث اختراق هذا المشهد بسبب النظام الانتخابي والسياسي القائم ودور اللوبيات في تحديد أشخاص المؤسسات الحاكمة وسياساتهم.
ينتظر العالم بقلق نتائج هذه الانتخابات، لأنها قد تغير شكل العلاقات والاستراتيجيات القائمة مع الولايات المتحدة، خصوصاً في حال فوز ترامب الذي صاغ لنفسه طريقاً خاصاً يعتمد على الشعبوية مع شعار «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، الذي يحمل في طياته التعصب للعرق الأبيض، والانقلاب على التقاليد المؤسسية، على عكس المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس المتمسكة بتقاليد حزبها والرافضة لتفوق العرق الأبيض باعتبارها مواطنة أمريكية متعددة الأعراق، فوالدها من أصول جامايكية ووالدتها من أصول هندية، إضافة إلى أن برنامجها الانتخابي لا يتضمن نهجاً معادياً للمهاجرين من أصول لاتينية، حيث يهدد ترامب بطرد الملايين منهم في حال فوزه باعتبارهم «مجرمين ويأكلون الحيوانات الأليفة».
وفيما تدافع هاريس عن الطبقات الوسطى، وفرض ضرائب على الأغنياء، فإن ترامب يعتبر حامي أصحاب الثروات ورجال الأعمال ويطالب بتخفيض الضرائب عنهم.
والخلاف بين هاريس وترامب عميق بشأن العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين وروسيا، إذ تدعو هاريس إلى تعميق العلاقات مع الشطر الآخر من الأطلسي واستمرار علاقات التحالف العسكرية معه من خلال حلف شمال الأطلسي واستمرار دعم أوكرانيا، فإن ترامب يرى أن التحالف مع أوروبا وحلف الأطلسي يجب أن يكون له ثمن، وإن الحرب الأوكرانية يجب أن تنتهي.
من حق العالم أن يشعر بالقلق، لأنه أمام نهجين سياسيين مختلفين، سوف ينتصر إحداهما بعد أربعة أيام.. يوم «الثلاثاء الكبير».
https://tinyurl.com/ysmamcby