«الخليج» - متابعات
مع احتدام العراك الانتخابي في الولايات المتحدة بين الجمهوريين بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب ومنافسيهم الديمقراطيين الذين تترشح عنهم كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، تظل نتيجة هذا الماراثون مبهمة ولا يمكن التنبؤ بها إلى حد كبير رغم انتشار التحليلات والتقديرات كالنار في الهشيم؛ إذ إن التقارب غير المعقول بين المرشحين الذي أظهرته الاستطلاعات وأكده الزخم الجماهيري حول كل منهما، جعل الافتراضات الحسابية لفوز أحدهم خارج محامل الجدية.
وفي محاولة لإزالة الغبار الذي يخيم على المشهد السياسي الأمريكي حالياً، وضعت وسائل إعلام سيناريوهات محتملة، من المفترض ألا تخرج نتيجة السباق نحو البيت الأبيض عن واحد منها، مع الأخذ في الاعتبار أن ترجيح أحدها على الآخر ليس ممكناً في ظل هذا التقارب الشديد، إذ إن الولايات المتأرجحة تفصل بينها نقطتان أو أقل، ما يعني أن الأمور إذا تحركت بنقطتين فقط من حيث يعتقد أنها تقف، فقد ترى اكتساحاً لأحد المرشحين وانتخابات حاسمة إلى حد كبير.
ورغم تأكيدها أن «من يظن أنه يعرف ما سيحدث يوم الانتخابات إما أنه مخدوع أو بالغ الذكاء»، استعرضت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في تحليل لها سبعة سيناريوهات قالت إنها الأكثر ترجيحاً في ظل الغموض الحالي الذي أيدته استطلاعات الرأي لديها، مؤكدة أن أي من المرشحين قد يظفر بالبيت الأبيض بناء على ترتيب هذه السيناريوهات السبعة التي وصفته بـ«المعقولي».
فوز هاريس من خلال «الجدار الأزرق»
وترى الصحيفة التي اعتمدت على استطلاعات الرأي لديها في تحليلها أن سيناريو فوز هاريس هو الأكثر ترجيحاً بنقطة واحدة، إذ إن هاريس تتمتع حالياً بتقدم طفيف في 4 من الولايات السبع المتأرجحة، وهي ميشيغان ونيفادا وويسكونسن وبنسلفانيا، ما يسمح لها بالحصول على 276 صوتاً مع أن المطلوب 270 صوتاً.
وكل ما تحتاج إليه المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في هذه الحالة هو ولايات «الجدار الأزرق»، أي التي يتمتع فيها الديمقراطيون بالأغلبية، وهي الولايات الشمالية الثلاث، التي تضاف إليها الدائرة الثانية في الكونغرس في نبراسكا؛ حيث تتقدم المرشحة بنحو 10 نقاط، ما يجعلها تحصل على 270 صوتاً بالضبط.
ورغم هذا الترجيح أكدت الصحيفة أن الناخبين البيض وكبار السن من الأمريكيين الذين يميلون عادة إلى الجمهوريين، قد يغيرون في أي لحظة سير هذا السيناريو، رغم أن هذه الولايات المتأرجحة كانت قبل عصر المرشح الجمهوري دونالد ترامب ديمقراطية نسبياً.
فوز ترامب من خلال الشرق
وتؤكد الصحيفة أن طريق المرشح الجمهوري دونالد ترامب نحو الرئاسة أكثر تعثراً من طريق هاريس، حيث قلصت استطلاعات الرأي فرص الجمهوريين في بنسلفانيا التي وضعت حملته الكثير من الثقة فيها بجانب ولايتين أخرتين بالشرق إلى أقل من نقطة واحدة لصالح الديمقراطيين، ولكنه حافظ في نفس الوقت على تقدم طفيف في جورجيا، كما أنه قد يوسع تقدمه الطفيف في كارولينا الشمالية.
وإلى ذلك، رأت الصحيفة أن مكاسب ترامب مع الناخبين السود قد تلعب دوراً مهما، لأن جورجيا وكارولينا الشمالية لديها أكبر عدد من السكان السود بين الولايات المتأرجحة، واقترح هو وحلفاؤه أن تجربته في الملاحقة القضائية يمكن أن توسع جاذبيته بين الرجال السود الذين يشعرون بأنهم مستهدفون بشكل غير عادل.
فوز ترامب من منتصف الجنوب
وترى واشنطن بوست أن السيناريو الأكثر منطقية بالنسبة لترامب يمر في الغالب عبر النصف الجنوبي من الولايات المتحدة، مع ضرورة إضافة ولاية شمالية؛ إذ قدمته استطلاعات الرأي في ولايات حزام الشمس، لاسيما في أريزونا وجورجيا وكارولينا الشمالية، ورغم معقولية هذا المسار بالنسبة لترامب، إلا أنه يتطلب من ترامب الفوز بمزيد من الولايات؛ لأنه حتى لو فاز بهذه الولايات الأربع، فسوف يضطر إلى جلب واحدة من الولايات الشمالية.
الولايات الثلاث التي يتقدم فيها ترامب هي أيضاً ولايات كانت جمهورية بشكل موثوق حتى وقت قريب، بحيث لم تتحول أريزونا وجورجيا إلى اللون الأزرق قبل عام 2020، منذ التسعينات، وتحولت كارولينا الشمالية إلى اللون الأزرق مرة واحدة فقط منذ السبعينات في عام 2008.
اكتساح لهاريس
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن تقدم هاريس في استطلاعات الرأي الوطنية حالياً بنقطتين، يجعل ظفرها الماراثون الشاق معقول جداً؛ حيث إن ذلك التقدم قد يسمح لها بأن تكتسح الولايات السبع المتأرجحة، وإذ ثبت دقة استطلاعات الرأي ولم يتكرر سيناريو عام 2012 عندما قللت الاستطلاعات من فوز الرئيس السابق باراك أوباما، فإنها ستفوز بـ5 ولايات متأرجحة على الأقل ونحو 300 صوت انتخابي.
وإذا فازت هاريس بشكل ساحق، فقد يكون السؤال هو مدى قربها من الفوز في ولاياتها «الممتدة»؛ مثل فلوريدا وتكساس التي ستكون بلا شك «كالكرز على الكعكة» بالنسبة لها لتعزيز الانتصار، بدلاً من أن تكون حاسمة في الحسابات الانتخابية.
اكتساح لترامب
خلال العقد المنصرم أثبتت وقائع المشهد السياسي الأمريكي حاجة ماسة إلى إعادة النظر في كفاءة الاستطلاعات؛ إذ قللت من شأن ترامب في عامي 2016 و2020، وبالتالي إذا كانت استطلاعات الرأي في كل ولاية مخطئة بقدر ما كانت في عام 2016، فإن ترامب سيفوز بكل الولايات المتأرجحة باستثناء نيفادا، وإذا كانت مخطئة كما كانت في عام 2020، فإن ترامب سيفوز بالولايات السبع المتأرجحة، بحسب واشنطن بوست.
وفي كلتا الحالتين، فإن هامش المجمع الانتخابي سوف يبدو مشابهاً إلى حد كبير لما كان عليه عام 2016، عندما فاز ترامب بـ306 أصوات انتخابية، ولكنه هذه المرة، ربما يجمع بين ذلك وفوزه بالتصويت الشعبي، على عكس خسارته بنقطتين قبل 8 سنوات.
أما كيف يمكن أن يحدث هذا، فذلك يعود إلى أن المكاسب الكبيرة التي حققها ترامب في استطلاعات الرأي بين الناخبين السود واللاتينيين ستتحقق في يوم الانتخابات، وربما تتحول مجموعات أخرى إلى ترامب مع إحجام الناخبين عن التصويت لامرأة بطرق لم تظهر في استطلاعات الرأي.
التعادل
التعادل ليس محتملاً عملياً، ولكن من الناحية النظرية لا يزال من الممكن أن يكون لدينا تعادل 269-269 في المجمع الانتخابي، وقد يحدث ذلك عند فوز هاريس في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن مع خسارتها في الباقي وفي الدائرة الثانية في نبراسكا؛ إذ تتمتع بتقدم كبير في استطلاعات الرأي.
وبافتراض فوز هاريس كما هو متوقع في الدائرة الثانية في نبراسكا، فإن السيناريو الأكثر ترجيحاً للتعادل، هو أن يفوز ترامب في بنسلفانيا وميشيغان وكارولينا الشمالية أو جورجيا، دون أن يفوز في أي ولاية متأرجحة أخرى.
في هذه المرحلة، سيكون لدينا ما يسمى «الانتخابات الطارئة»، حيث ينتخب مجلس النواب الرئيس من خلال الإدلاء بصوت واحد لوفد كل ولاية، وسيعتمد الحزب الذي يسيطر على أكبر عدد من الوفود على نتائج انتخابات 2024، ولكن احتمالات فوز الجمهوريين أكبر في الوقت الحالي.
عادي
«مخدوع من يظن أنه يعرف ما سيحدث».. من يظفر بالبيت الأبيض؟
2 نوفمبر 2024
21:13 مساء
قراءة
5
دقائق
https://tinyurl.com/yrj2kpm6