فوجيو ميتاري، شخصية بارزة في عالم الصناعة اليابانية، حيث يُعرف بدوره القيادي في تطوير شركة «كانون» وتحويلها إلى واحدة من أبرز الشركات العالمية في التكنولوجيا وصناعة الأجهزة البصرية.
وُلِد ميتاري، عام 1935، في مدينة كامياغاوا بمحافظة ياماغوتشي في اليابان، وبدأ رحلته المهنية، بعد تخرجه في جامعة «تشو» في طوكيو عام 1955.
بدأ ميتاري مسيرته في «كانون»، في الخمسينات من القرن الماضي. وعلى الرغم من أنه بدأ من مستويات إدارية صغيرة، إلا أنه أثبت بسرعة قدراته القيادية والإدارية. وفي منتصف الستينات، تم إرساله إلى الولايات المتحدة، لتأسيس فرع «كانون» في نيويورك. وهناك، برزت رؤيته العالمية في توسيع نطاق الشركة خارج الحدود اليابانية، وتمكن من تعزيز مبيعات الشركة في أمريكا الشمالية بشكل كبير.
تولى ميتاري، عام 1995، منصب الرئيس التنفيذي لـ«كانون»، وبدأت الشركة تحت قيادته في تحقيق نجاحات هائلة. وخلال فترة ولايته، أدخل تغييرات هيكلية أساسية داخل الشركة، وكان يؤمن بأن تحسين الجودة والإنتاجية يعتمد على دمج أحدث التقنيات في العمليات التصنيعية. كما سعى لتوسيع محفظة منتجات الشركة، لتشمل الطابعات وآلات التصوير الرقمية والمعدات الطبية.
أدت رؤيته الاستراتيجية إلى رفع قيمة «كانون» في السوق العالمي، إذ أصبحت الشركة واحدة من أبرز اللاعبين في التصوير الرقمي والطباعة. وفي عام 2006، أصبحت «كانون» الشركة الأولى في العالم من حيث الحصة السوقية للطابعات الرقمية، وهي إنجاز كبير يُنسب إلى ميتاري.
لم يكن تركيزه فقط على تطوير المنتجات، بل كان يهتم أيضاً بتحسين الإدارة الداخلية للشركة. وفي فترة التسعينات، عندما واجهت اليابان فترة ركود اقتصادي أدخل ميتاري نظاماً إدارياً صارماً يُركز على خفض التكاليف وتحسين الكفاءة. وكانت استراتيجياته تعتمد على مبادئ «الإنتاج الرشيق»، ما ساعد الشركة على تجاوز العديد من التحديات الاقتصادية.
ولم يكن ميتاري مجرد قائد أعمال عادي، بل يؤمن بأهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات. وتحت قيادته، كانت «كانون» تعمل على تعزيز ممارساتها البيئية، حيث ركز على تقليل البصمة الكربونية للشركة، وتشجيع استخدام مواد مستدامة في عمليات التصنيع.
كان لميتاري دور في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين اليابان والعالم الغربي، خاصة الولايات المتحدة، حيث ساهم في تعزيز سمعة اليابان كدولة رائدة في مجالات التكنولوجيا والصناعة المتقدمة. في عام 2012، أعلن استقالته من منصبه رئيساً تنفيذياً لـ«كانون»، لكنه سرعان ما عاد في عام 2016، ويستمر في رئاسة الشركة حتى اليوم.
ترك ميتاري بصمة لا تُمحى في تاريخ الشركة والصناعة اليابانية بشكل عام. وتُعتبر رؤيته الابتكارية وإدارته الحكيمة نموذجاً يُحتذى به للعديد من رجال الأعمال والقادة حول العالم.
وبفضل جهوده، استطاعت «كانون» تحقيق مكانة مرموقة في السوق العالمي، والتفوق على العديد من المنافسين. وحتى اليوم، تُعتبر إدارة ميتاري واحدة من أكثر الإدارات نجاحاً في تاريخ الشركات اليابانية. وتُلهم استراتيجيته الطويلة الأمد وقيادته الحكيمة العديد من الشركات في مختلف القطاعات الصناعية.