عادي
طغيان الحوار وقلة التعبير الحركي أضعفه

«كاش آوت».. «أكشن» بلا تشويق أو إبهار

02:01 صباحا
قراءة 5 دقائق
أكشن يفقد رونق ه
مايسون ينفذ أول خطة

مارلين سلوم

جون ترافولتا، اسم كفيل بجعل كل مشاهد يحجز تذكرة ويذهب مباشرة إلى صالة السينما للاستمتاع بفيلم من بطولته، والمؤكد أن هذا ما راهن عليه صناع فيلم «كاش آوت» المعروض في الصالات، لذلك تصدّر ترافولتا بوستر الفيلم وحيداً، ولم يتشارك معه البطولة أي نجم أو نجمة من مشاهير الصف الأول في هوليوود في فيلم أكشن بحت، والمفروض أنه يعتمد على الحركة والتشويق والإثارة، فهل استطاع إرضاء الجمهور؟ وإلى أي حد يستطيع هذا النجم تحقيق النجاح في هذه النوعية من الأعمال وحده، خصوصاً أننا لا نتحدث هنا عن أحد الممثلين الذين بنيت شهرتهم ومسيرتهم على الأكشن بامتياز مثل توم كروز وجيسون ستاثام وفان ديزيل..؟ وهل «كاش آوت» فيلم تندم على مشاهدته أم العكس عليك مشاهدته كي لا تفوتك المتعة الكبرى.
لا يمكنك ألا تتحدث عن جون ترافولتا أولاً حين تتحدث عن «كاش آوت»، نجم السبعينيات «جريز» و«ساترداي نايت فيفر» تراجع لسنوات ثم تألق مجدداً بفيلم «بالب فيكشن» (1994)، ولكنه لم يتمكن من تحقيق النجاح المبهر في أفلامه اللاحقة، لكنه لم يفشل بل يحسب له أنه مازال يثبت وجوده كنجم عالمي محبوب.
وفي «كاش آوت» يقدم الأكشن غير المعتمد على الحركة والقفز ولا يحتاج تدخلاً من التقنيات الحديثة لإيهام الجمهور بأن البطل «الطائر» من هنا والمتسلق الجبال من هناك هو جون ترافولتا، فكل المشاهد لا تحتاج إلى دوبلير ولا خدع بصرية تخفي وجه البطل، بل كل ما قام به جون ترافولتا بشخصية مايسون جودارد طبيعي ومناسب لرجل في مثل سنه، لكن هل ترك هذا الأمر أثراً سلبياً على الفيلم فجاءت الحركة فيه ضعيفة والتشويق غير مكتمل؟
قد يكون لحركة البطل تأثير، لكن أفلام الأكشن تعتمد أولاً وأخيراً على الكتابة التي يجب أن تتضمن كل عناصر التشويق، والإخراج الذي يرتقي إلى مستوى الإبهار، وهذا ما لم يتوفر في «كاش آوت» فجاء فيلماً عادياً، كثرة الحوارات وإطالتها في وقت ينتظر فيه الجمهور موقفاً حاسماً ومفاجأة تنقله من برود الإيقاع وهدوء الأحداث وتسلسله الروتيني المتوقع، أفقد العمل عناصر الجذب وهنا يمكن القول بأن أداء جون ترافولتا أنقذ الفيلم من فراغ رهيب.
مايسون جودارد لص محترف، بداية نحسبه رجل أعمال ثري يأتي برفقة صديقته أميليا ديكر (كريستين دايفيس) أو كما يناديها إيمي، على متن طائرة خاصة تلبية لدعوة أحد المليونيرات الذي يملك مجموعة من الطائرات الخاصة والسيارات الفارهة والنادرة، يستعرض طائراته في حفل خاص، ويبقي السيارات في مكان لا يدخله سوى المقربين والضيوف المميزين، وبذكاء يتدرج مايسون صاحب الدعوة ليريه مجموعة سياراته الموجودة تحت الحراسة المشددة، يدّعي وإيمي الانبهار ويطلب منه أن يريه أكثر سياراته تميزاً والفريدة من نوعها والتي يرفض بيعها بعشرين مليون دولار، وبنفس الذكاء والاحتيال يدخل مايسون وإيمي السيارة ويقومان بسرقتها بالتعاون مع رجال مايسون المنتشرين في المكان..
تنجح العملية ثم يفاجأ مايسون بطائرة هليكوبتر تلاحقهم ثم مطاردة الشرطة لهم، ليكتشف بأن إيمي هي عميلة في ال«إف بي آي» وأوقعته في حبالها كي تلقي القبض عليه وعلى عصابته.. يلجأ إلى الخطة البديلة وهي السقوط في المياه ليختفي كل أعضاء العصابة وتتم ترقية إيمي في عملها وتعود السيارة إلى صاحبها.
لا بأس من بعض المبالغات والخروج على المنطق في هذه النوعية من الأفلام، فلا تتوقف كثيراً عند سؤال بديهي يجب طرحه «كيف لم يلاحق جهاز ال«إف بي آي» مايسون ورجاله وهم يعلمون مكان إقامته في منزل بعيد في جزيرة اعتاد العيش فيها مع إيمي؟
تتابع الأحداث مع المؤلف الذي ينتقل بنا إلى ما بعد ثلاثة أشهر من عملية السرقة الفاشلة، على أمل ألا يفشل الفيلم كفشل هذه العملية، يأتي شون (لوكاس هاس) شقيق مايسون ليقنعه بالعودة إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي والخروج من عزلته، لكن مايسون يرفض ليفاجأ لاحقاً باتصال من لينك (ناتالي يورا) الفتاة الوحيدة في هذه العصابة، تخبره بضرورة العودة لإنقاذ الموقف لأن الأمر خطير..
يقوم شون بقيادة العصابة من أجل القيام بعملية سطو على أحد البنوك، يصل مايسون في بداية العملية لكنه يعجز عن منع شقيقه من استكمالها فيدخل معه في معمعة تتوالى فيها الأحداث وتكبر ككرة الثلج، فشون لم يأت لسرقة المال من البنك بل طُلب منه سرقة صندوق في المحفوظات داخل خزنة البنك، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال مدير الفرع جورجيوس كاراس (سوين تيميل)، هذا الأخير يحاول التملص والهرب لكنه يقع في قبضة مايسون.
وينتهي بنا المطاف مع العصابة والرهائن ال23 المحتجزين داخل المصرف إلى رحلة مفاوضات مع ال«إف بي آي» بداية وتقودها إيمي بطبيعة الحال، ثم تكبر الأزمة لتصل إلى تدخل من العمليات الخاصة، لأن ما يجب سرقته أكبر مما توقعه مايسون وشقيقه، هي معلومات سرية خطيرة يملكها البليونير هايبل سالازار.
قصة وسيناريو ديبو أوسيني ودوج ريتشاردسون، كان من الممكن أن تكون أكثر جذباً لو لم يعتمدا الإكثار من الجدل والحوار المطوّل في أوقات يجب أن تكون فيه الحركة والصورة هي البطل، فوسط عملية السطو واحتجاز الرهائن والتفاوض مع الأجهزة الأمنية في الخارج، يتحدث مايسون وشقيقه ومدير البنك بهدوء، كذلك تتواصل إيمي مع مايسون في أحاديث ناعمة سلسة وتناغم شديد بين الحبيبين السابقين، ما أفقد العمل ذروة التشويق ولم يعد الجمهور متوتراً أو حتى خائفاً على مصير أي من الطرفين سواء الرهائن أم الأبطال! كذلك يؤخذ على المخرج راندال إيميت عدم انتشاله القصة من هذا البطء والهدوء غير المناسبين لعملية سرقة وأحداث تتوالى تضيع فيها المفاجآت وسط برود انفعالات الشخصيات، حتى الرهائن لم نسمع صراخ أحد منهم رغم وجود طفلة وسيدات وطالبات وكبار في السن.. الكل هادئ والكل يأكل البيتزا وكأنهم في حفل عشاء!.
راندال إيميت مخرج «ذا أيريشمان» (2019) بارع في أفلام التشويق، لكن يبدو أنه تعامل مع «كاش آوت» كأنه هدنة وفيلم عابر يمكنك مشاهدته للتسلية لكنك لن تخسر إذا لم تفعل.
عنوان الفيلم الذي يمتد نحو تسعين دقيقة يرمز إلى ما ستؤول إليه الأحداث، ويعني قبول المال مقابل شيء ذي قيمة، وهو وإن كان لا يرتقي إلى أفلام الحركة الحديثة في زمن التكنولوجيا الأكثر تطوراً في السينما العالمية، إلا أنه استخدم «العملة المشفرة» وهي الأكثر تقدماً اليوم لتكون هي الهدف من السرقة وعملية التفاوض، مع التلميح إلى إمكانية تعاون الجهات الكبرى وال«أف بي آي» مع أحد المساجين من أجل التضحية بمطلوبين من العدالة للحصول على تلك المعلومات السرية الخطيرة، لذلك يمكن القول بأن الفيلم يعتمد على نجومية جون ترافولتا وموهبته، حتى أنه لم يمنح أيّاً من الممثلين المشاركين معه قوة التأثير بالأحداث وبالمشاهدين، لأن الجميع هنا في خدمة البطل وهو الوحيد من يحرك الأحداث ويتحكم فيها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yd9vucu8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"