تحقيق: راندا جرجس
تحوط اللثة بكامل الأسنان وتغطي عظم الفكين العلوي والسفلى وتتكون من أنسجة رقيقة، تجعلها تتأثر بأبسط المشكلات التي تستهدف الفم، وأبرزها البكتيريا والجراثيم الناجمة عن بواقي الطعام، والتي تتسبب في تراكم الجير، وتتنوع الآفات اللثوية وتختلف من شخص لآخر، وتعتبر الالتهابات، الانحسار، والجذور المكشوفة هي الأكثر شيوعاً، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع.
تقول د.نافلة رشين، طبيبة الأسنان: التهابات اللثة تظهر عادة على شكل احمرار أو تورم وألم، أو نزف عند تنظيف الأسنان بالفرشاة أو الخيط، ما يدل على تهيج اللثة، كما تعد رائحة الفم الكريهة من العلامات التي لا تزول، حتى مع استخدام غسول الفم، وفي الحالات الأكثر خطورة، يمكن أن تبدأ اللثة في الابتعاد عن الأسنان، ما يجعلها تبدو أطول، أو يشعر المصاب بأن الأسنان مفككة لأن العدوى تؤثر في الهياكل الداعمة، وحال تركها بدون علاج فإنها تؤدي إلى فقدان الأسنان، لذلك يعد الكشف المبكر من أساسيات الحماية من المضاعفات.
وتتابع: تستهدف التهابات اللثة على الأكثر الأشخاص الذين لا يحافظون على نظافة الفم بشكل يومي، أو الذين يتراكم ويشكل طبقة لزجة على الأسنان تسمى «البلاك»، ثم يتصلب ويتحول إلى الجير، ما يهيج اللثة، ويعد المدخنون من المعرضين لخطر أكبر من الالتهابات، لأن التدخين يضعف قدرة الجسم على مكافحة العدوى، ما يسهل على البكتيريا التسبب في الضرر، وكذلك مرضى داء السكري لأنه يؤثر في قدرة الجسم على الشفاء ومكافحة الالتهابات، والذين يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، كما يؤدي التدخين والتغيرات الهرمونية دوراً مهماً في فرص الإصابة.
توضح د.نافلة رشين أن تشخيص التهابات اللثة يتم من خلال فحص بسيط في عيادة الطبيب المختص أثناء الفحص الدوري، والتحقق من العلامات المصاحبة للإصابة، ويمكن استخدام أداة صغيرة لقياس المسافة بين الأسنان واللثة، ومدى تناسبها تتناسب بشكل مريح، ومدى وجود الجيوب، يمكن إجراء أشعة سينية في بعض الحالات، للكشف عن أي ضرر في العظام الداعمة.
مضاعفات وعلاج
يذكر د.هيثم الحسيني، طبيب الأسنان، أن هناك العديد من العادات السيئة التي يمكن أن تسهم في تطور التهابات اللثة، ويعد التدخين أحد أهم عوامل الخطر، حيث إنه يعوق تدفق الدم ويؤخر عملية الشفاء، كما تؤدي نظافة الفم بشكل غير منتظم، إلى تراكم البلاك، ويتسبب اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة السكرية في تعزيز نمو البكتيريا والإصابة بالعدوى.
ويضيف: إن عدم معالجة التهاب اللثة، يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات عديدة، مثل التورم، الاحمرار، النزيف، مع تقدم العدوى، وفي الحالات الشديدة يبدأ العظم الأساسي الذي يدعم الأسنان في التآكل، ما يتسبب في حدوث انحسار اللثة وفقدان الأسنان، ما يتطلب علاجات أكثر تعقيداً مثل زراعة الأسنان أو تركيب الأطقم، كما تم ربط التهابات اللثة بأمراض من بينها زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ومضاعفات داء السكري والتهابات الجهاز التنفسي، ويمكن للبكتيريا الناتجة عن هذه المشكلة أن تدخل مجرى الدم، ما يسبب آفات صحية جهازية.
يلفت د.الحسيني علاج التهابات اللثة في المراحل المبكرة يتضمن الرعاية المهنية والممارسات المنزلية، عن طريق تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يومياً واستخدام الخيط، ولذلك يوصي الطبيب بالقشور وكشط الجذور، وهو إجراء تنظيف عميق يزيل البلاك وتراكم الجير أسفل خط اللثة، ويمكن وصف المضادات الحيوية للتحكم في نمو البكتيريا في الحالات الأكثر شدة، وربما تكون التدخلات الجراحية مثل: تطعيم العظام أو تجديد الأنسجة ضرورية لاستعادة الأنسجة التالفة، مع ضرورة الالتزام بالفحص المنتظم لمراقبة صحة اللثة وضمان التدخل في الوقت المناسب.
انحسار اللثة
تشير د.رغدة المقرمي، طبيبة الأسنان، إلى أن انحسار اللثة حالة تتراجع فيها أنسجة اللثة المحيطة بالأسنان، ما يؤدي إلى كشف الجذور وتكون السن أكثر عرضة للتسوس والحساسية والتلف، ويؤدي إلى تآكل اللثة تدريجياً، وتعد هذه الحالة أكثر شيوعاً عند البالغين فوق سن ال 30، ويميل إلى التطور مع تقدم العمر، ما يجعل كبار السن أكثر عرضة للإصابة، وكذلك من لديهم تاريخ من أمراض اللثة والمدخنين والذين يعانون عادات نظافة الفم السيئة.
وتضيف: يعد انكشاف جذر السن من أبرز أعراض انحسار اللثة، ما يؤدي إلى زيادة الحساسية للأطعمة والمشروبات الساخنة أو الباردة أو الحلوة، كما تشمل العلامات الأخرى احمرار اللثة أو تورمها، والنزيف بعد تنظيف الأسنان بالفرشاة أو الخيط، وتشمل الأسباب الرئيسية للإصابة التهاب اللثة، وسوء نظافة الفم والأسنان، والتدخين، والعوامل الوراثة، كما يسهم طحن الأسنان أو انقباضها والتغيرات الهرمونية لدى النساء في زيادة المشكلة.
وتشير إلى أن ترك انحسار اللثة من دون علاج، يمكن أن يؤدي مضاعفات خطرة في صحة الفم، حيث إن كشف جذور الأسنان يجعلها أكثر عرضة للتسوس، ويمكن أن تتطور بشكل أسرع من تاج السن، وتتدهور أيضاً بنية العظام الداعمة حول الأسنان، ما يزيد من خطر فقدانها، ويؤدي في الحالات الشديدة إلى إزعاج مزمن، ومشكلات جمالية في شكل الأسنان.
وتؤكد د.رغدة المقرمي أن علاجات انحسار اللثة في الحالات الخفيفة، تعتمد على تحسين ممارسات نظافة الفم والأسنان بالفرشاة اللطيفة والخيط بانتظام للحد من تقدم الحالة، ويمكن أن تساعد القشور وتخطيط الجذر على تنظيف المناطق الموجودة أسفل خط اللثة، وفي الحالات الأكثر تقدماً تكون هناك حاجة إلى عملية جراحية لتطعيم اللثة لاستعادة الأنسجة المفقودة، تشمل الخيارات الأخرى تجديد الأنسجة الموجه أو استخدام مواد متخصصة لتشجيع نمو الأنسجة، وتعد الزيارات المنتظمة لطبيب الأسنان ضرورية لمراقبة صحة اللثة وإدارتها لمنع المزيد من الضرر.
4 عناصر غذائية
تتميز اللثة الصحية التي تحيط بالأسنان باللون الوردي، أما غير الصحية فتكون عادة ذات لون أحمر ومتورمة وملتهبة وتنزف بمجرد التنظيف باستعمال الفرشاة أو الخيط السني، كما يرافق هذه الحالة إفراز القيح ورائحة الفم الكريهة، وتراجع اللثة وتخلخل الأسنان، وينصح الخبراء بتقويتها لا يُعاني المصاب العديد من الآلام والمشكلات المرتبطة بالصحة الفموية، وذلك عن طريق النظام الغذائي الصحي الغني بالفيتامينات والعناصر المهمة للجسم، ومن بينها:
1- وجدت الدراسات أن فيتامين «سي» يؤدي دوراً مهماً في تعزيز بناء الكولاجين والأنسجة الضامة في الجسم، ومن ثم الحفاظ على اللثة القوية، ويمكن الحصول عليه عن طريق الحمضيات، مثل: الليمون والبرتقال، الكيوي، الفراولة، المانجو، الفلفل الرومي، البطاطا الحلوة.
2- تسهم الأطعمة الغنية بمعدن الزنك في تقوية المناعة ويُقلل من الالتهابات، لذا يفيد تناول كميات كافية من الأطعمة الغنية به في تقوية اللثة، كاللحوم الحمراء، الدواجن، الأسماك، البقوليات، المكسرات، الفول السوداني.
3- تفيد مضادات الأكسدة بشكل فعال في تقوية اللثة وحمايتها من الالتهابات والتقرحات، ويمكن الحصول عليها من الأطعمة النباتية، كالخضراوات الورقية، مثل: السبانخ، البروكلي، البطاطا الحلو، الفراولة، التوت البري، المشمش، الزبيب والشاي الأخضر.
4- تخفض الكربوهيدرات المعقدة مثل: الخبز الأسود، والحبوب الكاملة، والأرز البني، والشوفان، معدل فرص الإصابة بأمراض اللثة والالتهابات، مع الانتباه إلى تناول كميات محددة منه حتى لا تزيد الوزن أو ترفع مستويات السكر في الدم.