إعداد - محمد كمال
مع حدوث بعض المفاجآت في استطلاعات الرأي الأخيرة لصراع دونالد ترامب وكامالا هاريس في الولايات الأمريكية الحاسمة قبل ساعات من انطلاق الانتخابات الرئاسية، فقد شهدت كواليس المعسكرين الديمقراطي والجمهوري ردود فعل كثيرة بشأن الطرف القادر على حسم السباق إلى البيت الأبيض في منافسة تبدو غير مألوفة ومتقاربة بشكل مثير للقلق من ردود الفعل حول نتائجها، بينما يرى مراقبون أن نقطة الضعف الأخطر تتمثل في التباين بين المؤيدين الذكور والإناث.
وبينما أبدى فريق هاريس نبرة أكثر تفاؤلاً علناً في الأيام الأخيرة، ما يشير إلى أنهم يتوقعون الفوز بالسباق، فإن حملة ترامب تنظر إلى الأمور بشكل مختلف.
ووفق مراقبين سياسيين، أمضت نائبة الرئيس معظم الشهرين الماضيين في تصوير نفسها على أنها المرشح المستضعف في السباق المتعادل فعلياً ضد الرئيس السابق دونالد ترامب، ولكن في الأيام الأخيرة، أبدت هاريس وكبار مساعديها نبرة أكثر تفاؤلاً إلى حد ما في العلن، حيث نقلوا إلى المؤيدين ووسائل الإعلام أنهم يتوقعون الفوز بالسباق، ولو بفارق ضئيل.
لكن حملة ترامب لم تلتزم الصمت حيال تلك النبرة المتفائلة من معسكر هاريس، حيث قالت حملة المرشح الجمهوري، إن الأعداد الكبيرة غير المعتادة من الجمهوريين الذين أدلوا بأصواتهم مبكراً هي علامة على قوة ترامب، وقد تفاخر مساعدوه بأنهم ما زالوا في موقف الهجوم، مع زيارة ترامب لنيو مكسيكو وفيرجينيا، وهما ولايتان يعتقد العديد من المراقبين أنهما بعيدتان عن متناول الجمهوريين، في الأسبوع الأخير من الحملة.
ـ حجم الإنفاق الضخم ـ
لكن الميزة المالية الكبيرة التي تتمتع بها هاريس على ترامب أتاحت لها تعيين المزيد من الموظفين، وإنفاق المزيد على الإعلانات، وبناء عملية رقمية ورسائل نصية أكثر قوة. ومؤخراً، يوم الأربعاء، كانت منظمة Future Forward، وهي أكبر مجموعة خارجية تدعم هاريس، تحذر بشكل خاص من أن فرصها قد تآكلت.
وأفادت تقارير داخلية مؤرخة في 24 و30 أكتوبر/تشرين الأول بأن فرصة فوزها تبلغ 37% فقط، مقارنة بـ54% في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، حسبما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» ليلة السبت. وقد ارتفعت هذه الفرصة مرة أخرى إلى 49% يوم السبت.
ومع ذلك، في نفس المذكرة المؤرخة في 30 أكتوبر، قالت Future Forward أيضاً، إن مقياس احتمالية الفوز الخاص بها لا معنى له، خاصة في سباق قريب إلى حد كبير. وقالت كل من حملة هاريس والمنظمة، إن نائبة الرئيس تستعيد قوتها في الأيام الأخيرة، بحجة أن الناخبين المترددين المتأخرين يشقون طريقهم نحوها، وأنها بلغت ذروتها في اللحظة المناسبة.
ويعزو مستشارو هاريس الحركة الأخيرة في اتجاههم بين الناخبين المتأخرين في اتخاذ القرار إلى اللهجة المثيرة للانقسام التي ضربتها حملة ترامب في الأيام الأخيرة، وخاصة إلى التصريحات التي أدلى بها أحد المتحدثين قبله في تجمع ماديسون سكوير غاردن الذي وصف بورتوريكو باعتبارها «جزيرة القمامة».
وقال تشونسي ماكلين، رئيس فريق Future Forward، في بيان: «إذا نظرت إلى البيانات الكاملة، فإن الاستنتاج واضح تماماً: إنها متقدمة في الولايات التي تحتاج إلى الفوز بها للوصول إلى 270 نقطة في ساحة المعركة.. مسار السباق أصبح لصالحها بشكل متزايد وهي في طريقها للفوز».
ـ «قوة القمامة» ـ
وتحسنت أرقام هاريس بشكل طفيف في أربع ولايات خلال الأسبوع الماضي وتآكلت قليلاً في ولايتين، وفقاً لمتوسط استطلاعات الرأي المهمة، وبلغت هاريس ذروتها بفارق 2.5 نقطة مئوية في استطلاعات الرأي الوطنية في الأسبوع الثاني من أكتوبر، لكن هذا الفارق تقلص إلى 2.1 نقطة، وفقاً لمتوسط صحيفة واشنطن بوست.
وفي تحول لافت للنظر، أظهر استطلاع جديد نشره موقع دي موين ريجستر مساء السبت، أن هاريس تتقدم على ترامب في ولاية أيوا بفارق 3 نقاط مئوية. واللافت أن ترامب فاز بولاية أيوا بأكثر من 8 نقاط مئوية في عام 2020، وهيمن الجمهوريون إلى حد كبير على الولاية خلال العقد الماضي، على الرغم من أن حملة هاريس لم تقم فعاليات مطلقاً في الولاية.
وفي تجمع حاشد في أتلانتا، حثت هاريس الناخبين الذين اتخذوا قرارهم متأخراً على النظر بعين الاعتبار لتعهدها بالعمل مع الأشخاص الذين يختلفون معها، وقارنت وعدها بتحذيرات ترامب بشأن «العدو الداخلي».
وتظهر المقابلات في مجموعات التركيز مع الناخبين المترددين، أن الخطاب القاسي في مسيرات ترامب، بما في ذلك تعليق بورتوريكو الأحد الماضي، كان بمثابة «القشة الأخيرة» بالنسبة لبعض الناخبين، وفقاً لأحد كبار مستشاري هاريس.
ـ رد ترامب ـ
ويرد مستشارو ترامب بأن حملة هاريس هي ببساطة عبارة عن اختلاق الخلافات لإخفاء المشاكل التي يواجهها الديمقراطيون في هذه المرحلة الأخيرة. ويقول فريق ترامب إن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن الرئيس السابق في وضع أقوى الآن مما كان عليه في عام 2020.
وقال أحد كبار مستشاري ترامب عن حملة هاريس، إنهم يقضون أيامهم الأخيرة حرفياً في القيام بمسرحيات أساسية. وعلى الرغم من أن مستشاري هاريس متفائلون بشأن آفاقهم جزئياً لأن ما لا يقل عن 54% من الأصوات المبكرة التي تم إجراؤها حتى الآن أدلت بها نساء، فإن هاريس لا تزال تكافح مع الناخبين الذكور.
ولا تزال الفجوة بين الجنسين بين المرشحين سمة مميزة للسباق. حيث يُظهر متوسط استطلاعات الرأي التي أُجريت في أكتوبر/تشرين الأول، أن هاريس تتقدم بمتوسط 11 نقطة بين النساء بينما يتقدم ترامب بـ10 نقاط بين الرجال.
ـ نقطة ضعف خطرة ـ
وتظهر بعض استطلاعات الرأي، أن هاريس لا تزال تتخلف عن أرقام جو بايدن لعام 2020 مع الرجال السود، الأمر الذي قد يصبح نقطة ضعف خطرة في سباق متقارب.
ويقول أحد مستشاري ترامب، إنه «لم يتخل الرجال البيض عن هاريس فحسب، بل أيضاً الرجال الأمريكيون من أصل إفريقي، والرجال اللاتينيون، ويضيف: «إنهم في ورطة حقيقية.. الكثير من هؤلاء الأشخاص الذين نتتبعهم، وخاصة الرجال الذين استهدفناهم والذين خرجوا.. الكثير من هؤلاء الأشخاص جدد أو كانوا ناخبين خاملين يظهرون الآن للرئيس ترامب».
ويعتقد مستشارو ترامب، أن هيمنتهم بين الرجال ستساعدهم على التغلب على قوة هاريس مع النساء في يوم الانتخابات. ويعتمد المعسكر الجمهوري على الرجال الأصغر سناً الذين استهدفوهم بطرق مبتكرة. حيث ظهر ترامب في مباريات قتالية، ثم تم الإعلان عن الحملة على تطبيقات ألعاب الفيديو، وأجرى ترامب مقابلات مع جو روغان، ومستخدم اليوتيوب لوغان بول، وغيرهم من الفنانين الذين يتمتعون بشعبية كبيرة بين الشباب.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال مستشارو ترامب إن هذه الجهود تهدف إلى جذب مجموعة من الناخبين الذكور الشباب الذين لم يقرروا بعد ويشكلون نحو 11% من الناخبين في الولايات التي تشهد منافسة.
وقال توم بونير، محلل البيانات الديمقراطي، يوم الجمعة، إن بيانات التصويت المبكر لا تظهر بعد نسبة إقبال أعلى من المعتاد بين الرجال الأصغر سناً. لكن ترامب وحلفاءه واثقون بأنهم سيحضرون. ويقول الخبير الاستراتيجي الجمهوري جون أشبروك: «لم يقم أي مرشح في التاريخ الحديث بتحفيز الناخبين ذوي النزعة المنخفضة للمشاركة مثل ترامب، والجمهوريون واثقون بقدرته على مواصلة هذا المسار في هذه الدورة».
ـ المرور عبر الجدار الأزرق ـ
ولا يزال مستشارو هاريس وحلفاؤها يعتقدون أن طريقهم الواعد نحو النصر يمر عبر ولايات «الجدار الأزرق» في ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، لكنهم يقولون إنهم ما زالوا يستهدفون جميع الولايات السبع التي تمثل ساحة المعركة، وهي مجموعة تضم أيضاً جورجيا ونورث كارولينا وأريزونا ونيفادا، ما يخلق مسارات متعددة للحصول على 270 صوتاً انتخابياً إذا سقطت إحدى الولايات ذات الجدار الأزرق في أيدي الجمهوريين. وكجزء من حملتها الأخيرة، تعتمد حملة هاريس على العديد من الحكام المشهورين في تلك الولايات، وتعرضهم في إعلاناتها الختامية.
كما أتاحت ميزة الإنفاق التي تتمتع بها هاريس، بناء جهد موسع للحصول على الأصوات، وهو ما يأمل مساعدوها أن يدفعها إلى خط النهاية. وتقول حملة هاريس إنها طرقت 13 مليون باب حتى يوم الجمعة، وإنه على مدار شهر أكتوبر، أجرت الحملة ومتطوعوها 100 مليون مكالمة للناخبين في الولايات التي تشهد منافسة. ورفضت حملة ترامب إعلان مقاييس مماثلة علنية.
قالت النائبة ديبي دينجل (ديمقراطية من ميشيغان): «هذا سباق متقارب للغاية وسيعتمد على من سيصوت ونحن نتأكد من أننا نخرج كل صوت من أصواتنا». لكن دينجل قالت إنها ترى مؤشرات إيجابية لهاريس في الأيام الأخيرة. وأضافت: «إن قاعات النقابات أقوى مما كانت عليه في عام 2016، والرجال من أصل إفريقي يعودون، ويتم تنشيط الشباب».
ويبدو أن أعضاء حزب هاريس حريصون بشكل خاص على التصويت هذا العام، حيث قال 77% من الديمقراطيين في استطلاع أجرته مؤسسة غالوب مؤخراً للناخبين المسجلين، إنهم أكثر حماساً للإدلاء بأصواتهم مقارنة بالانتخابات السابقة. وقال 67% فقط من الجمهوريين الشيء نفسه.
ـ النكتة ـ
ومثلما حاول ترامب استغلال وصف الرئيس جو بايدن لأنصاره بالقمامة، فقد قامت حملة هاريس بعض إعلان جديد يضم نكتة الممثل الكوميدي توني هنشكليف وهو من أنصار ترامب حول «جزيرة القمامة» التي وصف بها بورتوريكو على محطات اللغة الإسبانية في بنسلفانيا وجورجيا ونورث كارولينا.
وقال بن ويكلر، رئيس الحزب الديمقراطي في ولاية ويسكونسن، إن بيانات التصويت المبكر في الحرم الجامعي عبر ولاية ويسكونسن مشجعة للديمقراطيين. وأضاف: «في كل مكان نذهب إليه نجد المزيد من مؤيدي ترامب السابقين يقولون إنهم سيصوتون لصالح هاريس أكثر من الديمقراطيين السابقين الذين يقولون إنهم سيصوتون لصالح ترامب».
ـ مسار ترامب ـ
يعتمد المسار الأكثر جدوى لترامب للوصول إلى 270 صوتاً في المجمع الانتخابي، على الفوز في ولايات كارولينا الشمالية وبنسلفانيا وجورجيا. وقد خسر جورجيا بأقل من 12 ألف صوت في عام 2020، ثم ضغط على وزير الخارجية الجمهوري «لإيجاد» ما يكفي من الأصوات لعكس هزيمته. ولكن، مثل فريق هاريس، يقول مستشاروه إنهم يمضون قدماً في جميع الولايات السبع التي تمثل ساحة المعركة. وهم يتطلعون أيضاً إلى التقاطات محتملة، بما في ذلك نيو مكسيكو وفيرجينيا.
وفي الأسبوعين الأخيرين من السباق، أنفق المرشحان أكبر قدر من الأموال على الإعلانات في ولاية بنسلفانيا، تليها ميشيغان وجورجيا ونورث كارولينا وأريزونا وويسكونسن ونيفادا، وفقاً لشركة التحليلات Ad Impact.
تكهن أحد مستشاري ترامب مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي بأن حملة هاريس كانت «تتخلى عن ولاية كارولينا الشمالية»، وهو تأكيد نفته حملتها؛ لأنها عدلت مشترياتها الإعلانية في بعض الأسواق الرئيسية بالولاية. لكن من الواضح أن ترامب يهدف إلى تعزيز دعمه من خلال توقفات متعددة في الولاية.
ـ التفوق في الإنفاق ـ
على الرغم من تفوق هاريس في الإنفاق الإعلاني على ترامب خلال الأشهر القليلة الماضية، فإنها لم تكن قادرة على بناء تقدم كبير في استطلاعات الرأي على الرئيس السابق في الولايات التي تمثل ساحة معركة رئيسية. تظهر البيانات من Ad Impact، أن هاريس وحلفاءها أنفقوا أكثر من ثلاثة أضعاف ما أنفقه ترامب وحلفاؤه على إعلانات فيسبوك وجوجل منذ دخول هاريس السباق.
في الأسبوع الماضي، قال مستشارو هاريس إنهم أضافوا المزيد من الأموال إلى مشترياتهم الإعلانية في ولاية كارولينا الشمالية؛ حيث بثوا إعلاناً جديداً يظهر فيه حاكم الولاية الشهير، روي كوبر. كما تبث الحملة أيضاً مكاناً جديداً في ولاية بنسلفانيا تظهر فيه هاريس جنباً إلى جنب مع الحاكم جوش شابيرو، الذي أظهر جاذبية واسعة النطاق للناخبين في ولايته.
قال مالكولم كينياتا، الذي يرشح نفسه لمنصب المراجع العام في ولاية بنسلفانيا، إن هاريس في «المرافعة الختامية» نجحت في تصميم رسالتها الاقتصادية للترويج لنجاحات إدارة بايدن مع إظهار تعاطفها أيضاً مع صراعات الناس المستمرة مع التضخم. فيما أشارت العديد من استطلاعات الرأي إلى أن هاريس قلّصت الفارق الذي يتمتع به ترامب في القضايا الاقتصادية.
ـ مفاجآت اللحظة الأخيرة ـ
ظلت كامالا هاريس ودونالد ترامب في طريق مسدود في استطلاعات الرأي النهائية التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز وكلية سيينا بشأن الانتخابات الرئاسية لعام 2024، على الرغم من أنه قد يكون هناك تلميح إلى أنها قد تقدمت في المرحلة النهائية. ويظل السباق قائماً بشكل أساسي حتى عبر الولايات السبع التي من المرجح أن تقرر الرئاسة.
ووفق الاستطلاع بشأن الولايات السبع، فقد جاءت كالتالي: (أريزونا: ترامب +4) ـــ (جورجيا: هاريس +1) ــ (ميشيغان: ترامب +1) ـــ (نيفادا: هاريس +3) ـ (كارولينا الشمالية: هاريس +3) ـ (ويسكونسن: هاريس +3)، أما بنسلفانيا، فلم تحدد حتى الآن، وربما تشهد المعركة الحاسمة الأخيرة.
وعادة، تشير استطلاعات الرأي النهائية إلى مرشح واضح نسبياً، حتى لو لم يستمر هذا المرشح في الفوز، لكن هذه الانتخابات تبدو مختلفة إلى حد كبير.
عادي
«نقطة ضعف حاسمة» .. مَن الأقرب إلى البيت الأبيض؟
3 نوفمبر 2024
19:36 مساء
قراءة
8
دقائق
https://tinyurl.com/4zf9xaze