القاهرة: الخليج
تعيد الروائية وأستاذة الفلسفة الفرنسية جولي ترمبلاي في كتابها «الفلسفة علاج للتعاسة» (ترجمة فؤاد العكرمي) تشريح الكينونة، كما تعيد النظر في التجارب المرتبطة بها: الحب، الصداقة، الانتحار، العائلة، الموت، الاستهلاك، من دون أن تغفل عن تجارب رفاقها في التعاسة، لكي نتبين العلة الأصلية للمأساة.
وتختتم جولي كتابها بالسؤال: أي مكان للفلسفة في المدينة؟ وتسأل ثانية: ما معنى الفلسفة؟ تقول: ما أعرفه هي أنها قبل كل شيء، بما هي بحث عن الحقيقة، دالة بذاتها، مهما تكن نتائجها، وأنها ثانية، كانت ولا تزال تمثل معنى الحياة، أخيراً وكما كانت عند سقراط، فهي تعلم الإنسان حباً قادراً على محو الموت، وهكذا يكمن معنى الفلسفة، فيما وراء الفلسفة ذاتها، في الانصياع لحكمة الحب، لسائل أن يسأل: إلى أين تؤول بنا الفلسفة؟ الإجابة الأولى هي: إلى اللاشيء (لا شيء سوى الفلسفة ذاتها) أما الإجابة الثانية فهي: أن نحب.
إذا كانت الفلسفة هي المسيرة نحو الحكمة، التي تمر عبر تعلم الحب، فلماذا توجد فلسفات تبدو تعيسة، كئيبة، ذات نزعة انتحارية، أو فظة وكارهة للبشر؟ إن توسيع الوعي عند بعض الفلاسفة، لكن أيضاً عند عدد من الأشخاص الذين يتجرؤون على مواجهة خيبة الأمل، من شأنه أن يفتح الباب أمام الرؤية المتشائمة إلى الواقع.
ويوضح الكتاب أن المعاناة عندما تكون على قدر من الشدة، يمكن أن تجبرنا أحياناً على التوقف أو على الأقل التمهل للاعتناء بأنفسنا، لكننا لا نملك الرفاهية كي نسمح لأنفسنا بمثل هذا التباطؤ، إضافة إلى ذلك يعني التباطؤ أن نسير في الطريق المعاكسة للمنظومة الرأسمالية التي يقاس كل شيء ضمنها وفق منطق الإنتاجية.
لذلك نفضل في أغلب الأحيان الهروب من معاناتنا، مع أننا نعلم تماماً أن ذلك ليس في صالحنا.
ليست الفلسفة علاجاً للتعاسة إلا لكونها ترشدنا إلى أن الألم حليف لا يمكن التضحية به، وأنه يجب العمل في داخلنا لترجمة إرادة الحياة، وأن نصير مؤهلين لاستقبال الحب بما هو قوة محررة، وللانفتاح بإيجابية على الآخر.
https://tinyurl.com/3zwjw56e