ربما هي المرة الأولى التي تُجرى فيها انتخابات الرئاسة الأمريكية وسط حالة من المخاوف والقلق غير المسبوقين من أن تتحول النتائج إلى أعمال عنف قد تكون معها عملية اقتحام مبنى الكابيتول قبل أربع سنوات مجرد تمرين لما يمكن أن يحدث بعد إعلان النتائج في الصراع المحتدم بين المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن.
هي انتخابات تُجرى غداً على حد السكين وسوف تحدد المسار الديمقراطي في الولايات المتحدة كما تحدد مسارها السياسي بالنسبة للداخل وعلاقاتها مع العالم.
الخوف من الآتي لا تعبّر عنه استطلاعات الرأي فقط، إنما حالة القلق التي تعبّر عنها إجراءات الحماية التي تتخذها المحال والمكاتب والمتاجر في شوارع واشنطن العاصمة حيث يتم وضع الألواح الخشبية والموانع الحديدية على الأبواب خشية تعرضها للتخريب، في حين تم وضع الحرس الوطني على أهبة الاستعداد بعد ورود معلومات ومخاوف من احتمال اندلاع أعمال عنف شبيهة بما حدث في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021 عندما هاجم أنصار الرئيس السابق ترامب مبنى الكابيتول لمنع جلسة مشتركة للكونغرس من فرز الأصوات الانتخابية وإضفاء الطابع الرسمي لفوز الرئيس جو بايدن. وحذرت سلطات العاصمة الأمريكية من أنه يمكن توقع «بيئة أمنية متقلبة وغير متوقعة» في الأيام وحتى الأسابيع التالية لإغلاق مراكز الاقتراع.
المخاوف مبررة، إذ إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن خمسة من كل عشرة أمريكيين أعربوا عن قلقهم بشدة بشأن محاولات العنف لتغيير نتائج الانتخابات. ووفقاً لاستطلاع أجراه مركز «أسوشييتد برس نورك» فإن ثلث الناخبين الذين شاركوا في الاستطلاع قالوا إنهم «قلقون للغاية» بشأن محاولات مسؤولي الانتخابات المحليين منع الانتهاء من فرز الأصوات. في حين قال ثلثهم إنهم يتوقعون أن يقبل ترامب نتيجة الانتخابات في حين قال 80 في المئة منهم إن هاريس سوف تقبل بالنتائج.
يُذكر أن ترامب لم يعلن طوال حملاته الانتخابية قبوله بالنتائج، إنما على العكس من ذلك، أعلن خلال تجمع انتخابي في ولاية أوهايو في مارس/ آذار الماضي أنه «إذا لم يتم انتخابي سيكون ذلك بمثابة حمام دم للجميع.. هذا أقل ما يقال في هذا الصدد». وهو حتى الآن يعتبر نفسه الفائز في الانتخابات الرئاسية السابقة، ويرى أن نتائجها «مزورة وسرقت منه».
مع اقتراب ساعة الحسم يضع الأمريكيون أياديهم على قلوبهم، حتى أن أعضاء الكونغرس أعربوا عن مخاوفهم، إذ إن عضوة الكونغرس عن ولاية إلينوي، الديمقراطية ديليا راميريز، قالت إنها تشعر بالقلق في حال خسارة ترامب لأن أنصاره قد يتصرفون على نحو أسوأ مما فعلوا قبل أربع سنوات. وقال عضو الكونغرس عن ولاية ميشيغان دانييل كندي «إن هناك الكثير من المخاوف خلال الأيام القليلة التي تعقب الانتخابات بشأن الأمن، وكذلك بشأن الخطاب العنيف المتزايد الذي نتوقعه جميعاً».
من جانبهم يستعد الديمقراطيون لاحتمال إعلان ترامب فوزه قبل إعلان النتائج، وقد أعلنت هاريس في مقابلة مع شبكة «إيه بي.سي» قبل أيام.. «للأسف نحن مستعدون إذا أقدم على ذلك، وإذا رأينا أنه يحاول التأثير على الإعلام أو التلاعب برأي الشعب الأمريكي.. نحن مستعدون للرد».
أمام هذا الانقسام الحاد داخل المجتمع الأمريكي، وارتفاع الخطاب التصادمي والشعبوي المتطرف لا يبدو أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية سوف تنتهي على خير.
https://tinyurl.com/2u8432wn