إعداد: محمد كمال
رغم حظر النشر الجزئي المفروض في إسرائيل عن قضية تسريب وثائق أمنية حساسة من قبل أحد مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فقد كشفت محكمة في مدينة ريشون لتسيون الساحلية عن اسم المشتبه به الموقوف مع ثلاثة متهمين آخرين بينهم أعضاء في أجهزة أمنية، حيث يخضعون لتحقيقات بتهم الإضرار بمفاوضات حول صفقة إطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة، فيما تكشفت تفاصيل مثيرة حول المتهم الأول ومن بينها التحاقه بالوظيفة رغم فشله في اختبار كشف الكذب.
ـ وفق ما كشفت المحكمة فإن إيلي فيلدشتاين، المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، هو المتهم الأول في إفشاء معلومات سرية للغاية لها آثار تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي لوسائل الإعلام الأوروبية، أما الثلاثة الآخرون فقد أشارت المحكمة إلى أنهم على صلة بمؤسسة الدفاع دون الإفصاح عن أسمائهم.
ـ بدأ التحقيق بعد ظهور شكوك كبيرة في الشاباك والجيش الإسرائيلي، بما في ذلك نتيجة منشورات إعلامية، بأن معلومات استخباراتية سرية وحساسة قد تم أخذها من الجيش الإسرائيلي بشكل غير قانوني.
ـ أصبحت القضية علنية لأول مرة يوم الجمعة، بعد أربعة أيام من اعتقال فيلدشتاين في مداهمة للشرطة. وتم تمديد حبسه، فيما يخضع الثلاثاء لجلسة استماع في المحكمة بعد كشف القاضي عن اسمه.
ـ ذكرت قناة «كان» الإخبارية أن فيلدشتاين (32 عاماً) كان يعمل من الناحية الفنية لصالح المدير العام لمكتب نتنياهو وليس المكتب نفسه بسبب فشله في اختبار كشف الكذب، مما جعله غير مؤهل للحصول على التصريح الأمني المطلوب للعمل في مكتب رئيس الوزراء، لكنه كان على اتصال وثيق مع نتنياهو رغم ذلك.
ـ بدأ العمل في مكتب رئيس الوزراء في أكتوبر 2023 بعد أيام قليلة من بدء الحرب في غزة، في أعقاب فشل فحص الخلفية الأمنية الذي أجراه الشاباك.
ـ كان فيلدشتاين ضابطاً في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وعمل كمتحدث باسم كتيبة نيتساح يهودا وفرقة الضفة الغربية في الجيش. وكان في وقت ما ضابط عمليات في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وحاز الاستحسان كأول شخص أرثوذكسي في هذا المنصب، وفقاً لموقع «واي نت» الإخباري.
ـ بعد تسريحه من الجيش، عمل لفترة وجيزة كمتحدث باسم إيتامار بن غفير، الذي يشغل الآن منصب وزير الأمن القومي في إسرائيل.
ـ وفقاً لوسائل إعلام متعددة، فقد عمل فيلدشتاين كموظف في مكتب رئيس الوزراء في كل شيء خلال العام الماضي، وكان في كثير من الأحيان في مدار قريب من نتنياهو، وشوهد بجانبه في صور مختلفة خلال العام الماضي.
ـ رغم قول نتنياهو إن فيلدشتاين لم يشارك في زيارات سرية أو محادثات أمنية حساسة، فقد أكدت صحيفة هآرتس أنه كان جزءاً من الدائرة الداخلية لرئيس الوزراء حيث حضر اجتماعات سرية ورافقه بشكل متكرر خلال الحرب، بما في ذلك في زيارات إلى منشآت أمنية ومناقشات حساسة.
ـ تم تصوير فيلدشتاين إلى جانب رئيس الوزراء قبل بضعة أشهر بعد نزوله من مروحية عسكرية قبيل اجتماع لتقييم الوضع بشأن حرب غزة، ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وكبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي.
ـ في الأشهر الأولى من الصراع، شوهد فيلدشتاين في اجتماع مع نتنياهو وجنود، وتم تصويره لاحقاً وهو يقف مع رئيس الوزراء خلال إعلان إلى جانب ضباط عسكريين.
ـ خلال العام الماضي، كان فيلدشتاين على اتصال مع الصحفيين، للرد على الأسئلة الموجهة إلى مكتب رئيس الوزراء والتي لا علاقة لها بالحرب أو بنتنياهو نفسه.
ـ على موقع إنستغرام، قالت شقيقة فيلدشتاين إنه محتجز لدى الشاباك منذ أسبوع، ووصفته بأنه مجتهد. وقال مصدر مقرب من فيلدشتاين للقناة 12 العبرية في وقت سابق إنه «تم بيعه من قبل رئيس الوزراء».
ـ خلال جلسة الاستماع في المحكمة ذكر محامي أحد المشتبه بهم أن موكله نقل معلومات حول الرهائن إلى فيلدشتاين، معتقداً أن رئيس الوزراء يجب أن يكون على علم بها، وفقاً لصحيفة هآرتس.
ـ قال المحامي ميشا باتمان: «كان هذا للتأكد من أن من يتخذ القرارات بشأن الرهائن لديه جميع المعلومات ذات الصلة». وأضاف أن موكله نقل المعلومة «من خلال القناة التي وصلت إلى مكتب رئيس الوزراء، وهو فيلدشتاين».
ـ أشار محامي فيلدشتاين، عوديد سافوراي، خلال الجلسة إلى أنه لم يتمكن من مقابلة موكله منذ اعتقاله. وأضاف: «مصدر المعلومات الوحيد الذي أملكه هو وسائل الإعلام التي تتلقى تسريبات عن التحقيق». ويعامل فيلدشتاين، الذي تم تمديد اعتقاله حتى الثلاثاء، كمعتقل أمني من قبل جهاز الأمن الشاباك الذي يقود التحقيق.
ـ الاشتباه الرئيسي في القضية هو أن فيلدشتاين تلقى بشكل غير قانوني وثائق سرية للغاية من أعضاء المؤسسة الأمنية، والتي ظهرت لاحقاً في وسائل الإعلام الدولية بتفسير متلاعب به يتماشى مع رواية مكتب نتنياهو. وقال القاضي مناحيم مزراحي: «كان هناك خطر جدي لإلحاق الضرر بأمن الدولة ومصادر المعلومات».
ـ أفاد موقع «واي نت» أن المحققين يدرسون أربع وقائع منفصلة في القضية وهي: تسريب وثائق سرية للغاية؛ والسماح لمستشار دون تصريح أمني بالوصول إلى الاجتماعات والمباني التي كان من المفترض أن تكون محظورة عليه؛ والإهمال في التعامل مع الوثائق السرية؛ واستخدام الوثائق للتأثير في الرأي العام بشأن صفقة الرهائن.
ـ في حال تمت إدانته رسمياًَ فقد يواجه فيلدشتاين وبعض المشتبه بهم في التحقيق الجاري عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاماً.
ـ الاتهامات طالت نتنياهو حيث أعربت وسائل إعلام إسرائيلية ومراقبون آخرون عن شكوكهم بشأن تلك المقالات، التي يبدو أنها تخدم مطالب نتنياهو في المحادثات وتبرئه من المسؤولية عن فشلها.
ـ سعى نتنياهو إلى إبعاد نفسه عن القضية، وادعى أنه لم يتم اعتقال أي شخص من مكتبه أو أنه قيد التحقيق، وواجه منتقديه الذين زعموا أن التسريبات كانت في صالحه سياسياً. وقد قلل نتنياهو من أهمية هذه القضية ودعا علناً إلى رفع أمر حظر النشر.
ـ قال مكتب نتنياهو إن «الوثيقة المنشورة لم تصل قط إلى مكتب رئيس الوزراء من مديرية المخابرات العسكرية، وعلم رئيس الوزراء بها من وسائل الإعلام».
ـ يقال إن الوثائق المسربة شكلت الأساس لتقرير في صحيفة جويش كرونيكل ومقرها لندن، والتي تم سحبها في وقت لاحق، حول خطط لتهريب الرهائن، لكن على ما يبدو ثبت أن هذه الوثيقة مزورة، بينما وثيقة أخرى كانت حقيقية ونشرتها صحيفة بيلد الألمانية تشير إلى أن حماس تطيل محادثات الرهائن كشكل من أشكال الحرب النفسية على إسرائيل.
ـ صحيفة «بيلد» الألمانية ذكرت في تقريرها أن الوثيقة تم الاستيلاء عليها في غزة تشير إلى أن اهتمام حماس الرئيسي في مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل كان إعادة تأهيل قدراتها العسكرية، وليس تخفيف معاناة السكان المدنيين في غزة. وقالت إنه تم العثور على الوثيقة على جهاز كمبيوتر في غزة يخص زعيم حماس آنذاك يحيى السنوار.
ـ أطلق الجيش الإسرائيلي تحقيقاً في تسريب المعلومات في ذلك الوقت وقال إنه تم العثور على الوثيقة في غزة قبل نحو خمسة أشهر، ولم يكتبها السنوار بل كانت بالأحرى ورقة توصية صاغها قيادي آخر في حماس.
ـ تعليقاً على حظر النشر، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد إن نتنياهو إما غير كفؤ لقيادة إسرائيل خلال زمن الحرب أو أنه «متواطئ في واحدة من أخطر الجرائم الأمنية»، وفقاً ما أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
ـ دعا لابيد إلى ضرورة أن يشمل التحقيق نتنياهو وما إذا كان قد أمر بالتسريبات وتساءل: «إذا لم يكن يعلم أن مساعديه المقربين يسرقون الوثائق، ويعملون جواسيس داخل الجيش الإسرائيلي، ويزورون الوثائق، ويكشفون مصادر استخباراتية، ويمررون وثائق سرية إلى الصحف الأجنبية من أجل وقف صفقة الرهائن، فماذا يعرف إذن؟»
ـ المعارض بيني غانتس، وهو عضو سابق في حكومة الحرب، قال إنه: «خلافاً للانطباع الذي يحاولون خلقه في مكتب رئيس الوزراء، فإن هذا ليس اشتباهاً بتسريب، بل استغلال أسرار حساسة لأغراض سياسية».
ـ منتدى أهالي الرهائن المحتجزين في غزة أصدر بياناً جاء فيه أن المعلومات التي تم الكشف عنها في القضية «تشير إلى أن المقربين من نتنياهو تصرفوا بطريقة تعرض الأمن القومي الإسرائيلي للخطر في محاولة لإحباط عودة الرهائن».