الخليج: عبدالحفيظ جمال
لم يتبق سوى ساعات قليلة تفصلنا عن أضخم حدث انتخابي في العالم، حيث سيتوجه عشرات الملايين من الناخبين الأمريكيين للإدلاء بأصواتهم، في وقت ستصبح فيه آلات التصويت محور الكثير من الغضب، حيث تدور شكوك كثيرة حول اختراقها.
مزاعم تزوير الأصوات
وخلال التصويت المبكر في انتخابات تكساس، ظهرت مزاعم على الإنترنت عن تزوير الأصوات في مقاطعة تارانت، وهي أيضاً واحدة من أكثر المقاطعات اكتظاظاً بالسكان في الولاية. كما أن الاتهامات المسبقة باحتمال حدوث تزوير واسع في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تثير قلقاً كبيراً لدى الناخبين. وبحسب الخبراء فإن هناك عدة طرائق محتملة قد تقع من خلالها ممارسات التزوير، وقد دأبت حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب للتركيز عليها، بينما رد المعسكر الديمقراطي ومرشحته كامالا هاريس بأن هذه التصريحات وسيلة ضغط وتخويف قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، فضلاً عن التجهيز للطعن القضائي على نتائج الانتخابات في حالة هزيمة الرئيس السابق.
معركة شاقة
وفي السياق، أكد وارن ستيوارت، المحلل في منظمة Verified Voting، أن صحة نتائج الانتخابات مع نظام التصويت الرقمي، تعتمد بالكامل على صحة هذا البرنامج، مشيراً إلى أن مصنعي أجهزة ومعدات التصويت يبذلون جهوداً كبيرة، لإظهار كيف أن النتائج التي يتم الحصول عليها عبر أجهزتهم يمكن التحقق منها، ولكن إقناع الجمهور بعدم حدوث أي شيء غير قانوني هو معركة شاقة، حيث من المستحيل اختراق جدار المعلومات المضللة.
تسلّيط الضوء على الآلات الرقمية
والهوامش الضيقة التي قد يفوز بموجبها أحد المرشحين، ستسلّط الضوء مرة جديدة على الآلات والبنية التحتية الرقمية، التي تستخدم في أمريكا للتصويت، وتسجيل وفرز الأصوات، حيث كانت مثل هذه الأجهزة محور الكثير من الغضب، من جانب ترامب في أعقاب انتخابات 2020، عندما أشار إلى أن ملايين الأصوات التي حصل عليها قد ضاعت، ما أدى إلى منح النصر لجو بايدن. ورغم عدم ظهور أي دليل يدعم أقاويل ترامب في 2020، إلا أن نظريات المؤامرة حول البنية التحتية الرقمية لانتخابات الرئاسة الأمريكية لا تزال تنتشر، وهذا ما يضع مقدمي هذه التكنولوجيا أمام تحدي إثبات أن أجهزتهم آمنة وموثوقة خلال انتخابات الرئاسة لعام 2024.
اختراق للانتخابات
وفي السياق، قال أحد كبار مسؤولي الأمن السيبراني في الولايات المتحدة، إنه قبل أقل من أسبوع من يوم الانتخابات في الخامس من نوفمبر، «لم يتمكن الخصوم الأجانب» من المساس بالبنية التحتية لنظام الانتخابات في الولايات المتحدة. وقالت جين إيسترلي، رئيسة وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الفيدرالية، لشبكة NBC NEWS، لا توجد مؤشرات على أن قوى خارجية تمكنت من اختراق البنية التحتية للانتخابات الأمريكية. وأضافت في مقابلة مع الشبكة: في رأيي، لن يكون ذلك ممكناً. لا أعتقد أنه من الممكن أن يتلاعب فاعل خبيث ببنيتنا التحتية للتصويت بطريقة، من شأنها أن يكون لها تأثير مادي في نتيجة الانتخابات الرئاسية، دون أن يتم اكتشافه.
طرائق التصويت
بحسب تقرير أعدته data center dynamics أعتماداً على بيانات منظمة Verified Voting الأمريكية التي تسعى لترويج الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا في الانتخابات، فإن 70 بالمئة من المواطنين الأمريكيين الذين سيدلون بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية غداً الثلاثاء، سيفعلون ذلك باستخدام قلم وورقة، حيث سيتم بعدها فرز هذه الأصوات، من خلال آلة التعرف الضوئي إلى الحروف (OCR)، في حين ستعتمد بعض الولايات على احتساب الأصوات بشكل يدوي. وتظهر البيانات أن 5 بالمئة من الأمريكيين، سيصوتون باستخدام الأجهزة التي تعتمد على أنظمة التسجيل الإلكتروني المباشر DRE، التي تقوم بتسجيل الأصوات واحتسابها على نفس الجهاز، أما نسبة ال 25 في المئة المتبقية، فسيصوتون باستخدام الآلات التي تعتمد على أنظمة BMD، وهي أجهزة تُظهر أسماء المرشحين على الشاشة ليقوم الناخب بالاختيار فيما بينهم، وبعدها تقوم الآلة بإنتاج نسخة مطبوعة عن اختيار الناخب، يمكن فرزها عبر آلة التعرف الضوئي على الحروف (OCR) أو يدوياً.
جدل واسع
وكان يُنظر إلى الآلات التي تعتمد على أنظمة التسجيل الإلكتروني المباشر DRE أي التي تقوم بتسجيل الأصوات واحتسابها على نفس الجهاز، على أنها النوع الأول من آلات التصويت في أمريكا، ولكن بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2000، أثارت هذه الأجهزة الجدل، بسبب وجود أصوات مفقودة وغير واضحة في فلوريدا، ولذلك التزمت الحكومة الأمريكية بتخصيص 4.1 مليار دولار من التمويل الفيدرالي لتكنولوجيا الانتخابات، من خلال قانون مساعدة أمريكا على التصويت. وتم إنفاق معظم هذه الأموال على أجهزة DRE، لأنها كانت آلة التصويت الوحيدة في السوق في ذلك الوقت، ولكن مرة أخرى وصلت مشاكل أجهزة DRE إلى ذروتها في عام 2006 في فلوريدا، عندما ضاع 18000 صوت في انتخابات الكونغرس في مقاطعة ساراسوتا، بسبب خطأ تسببت فيه هذه الآلة. ومع تراجع شعبية أجهزة نظام DRE، تم طرح نوع جديد من الآلات وهي الأجهزة التي تعتمد على نظام BMD والتي تسمح باختيار مرشح على الشاشة وتنتج نسخة مطبوعة عن اختيار الناخب، حيث ارتفعت نسبة استخدام هذه الأجهزة في أمريكا من 1.5 بالمئة في 2018، إلى 20 بالمئة بحلول عام 2020. ولكن حتى أجهزة BMD تورطت في جدل تزوير الأصوات في عام 2020، عندما قال ترامب إن الأجهزة التي أنتجتها شركة Dominion حذفت 2.7 مليون صوت له، وقد تبين أن هذا الاتهام لا أساس له من الصحة بحسب أحكام قضائية.