عشقت سناء هيشري الباحثة والفنانة التشكيلية البلجيكيّة من أُصول تونسيّة، تفاصيل التراث الإماراتي، رغم اطلاعها وزياراتها المتعددة إلى معالم مهمة حول العالم، إلا أنها اختارت استلهام أفكار لوحاتها من التاريخ الإماراتي والمواقع الأثرية.
تسرد سناء هيشري، قصّتها مع التراث الإماراتي ومراحل ولادة مشروعها الفني، قائلة: «عشقت نهر الميز في بلجيكا، واكتشفت نهر أمستل بأمستردام، وانبهرت بنهر السين بباريس، بينما اخترت عرض لوحاتي بمنطقة الديرة التي يمرّ منها خور دبي، الممرّ المائي الذي يعكس التراث العريق للمدينة، والذي يقسمها نصفين، هما بر دبي، والديرة التي لها تاريخ وتراث عتيق، حيث تحتضن العديد من المتاحف، لتأخذ نفساً عميقاً، عند دخول الأزقة الضيّقة والمواقع الأثرية، للاستمتاع بالأجواء الرائعة، واستنشاق عبير الماضي بحضارته وتراثه العريق، فكان أول معرض لي يعكس التاريخ والحضارة العربية سنة 2015».
وتابعت: «نزل الأحمدية احتضن أعمالي الفنّيّة، رسمت أبواب المدن العربية القديمة التي تعدّ من التراث، وما زالت قائمة، لما تتميّز به من قوة وشموخ وضخامة، رسمت الأبواب التاريخية التي ترمز للخروج للبدايات والأمل، واليوم بعد مرور 10 سنوات، أردت إكمال مشروعي الفني لأتعمّق فيه أكثر، وأُطوّر الموضوع من رسم الأبواب إلي التفنّن في رسم الحضارة الإماراتية وتراثها العريق المدرجة من قبل الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو)، على قائمة التراث العالمي».
مرّة أخرى، توقظ سناء هيشري ذاكرتها لتُحرّك خيالها، وتُبدع في رسم واحة العين التابعة لإمارة أبوظبي، والتي زارتها مرّات عديدة، ودخلت في تجربة فنية ضمن الدراسة البحثية للحضارة والتراث العربي الموقع من قبل اليونسكو، فجعلت منها قصة وبحثاً وتأمّلاً وألواناً، وإبداعاً.
تفنّنت سناء هيشري في رسم النخل، التي أعادت صياغتها بالدمج والمزج بين الألوان وتوظيف خامات باستعمال تقنيات، أبرزها الفريسكو الحقيقية مع الألوان الزيتية بعد خلطها بمعاجين مختلفة ومعادن، كما وظفت تقنية أحادي اللون الذي يُعطي شُعوراً بالصورة الظلية المتناغمة الراقية التي تعكس واقع الحضارة العربية والإنسانية التي تركها الأجداد على أرض الإمارات آثاراً وتراثاً تعكس قوّتهم، ومساهمتهم في بناء الحضارة الإنسانية من حصون وقلاع ومدافن أثرية.
تقول سناء هيشري: «وجود لونين أو أكثر في نفس اللوحة سوف يكون بمثابة تكرار وتنافس، ولا سيما اللعب على مخطط لون واحد في الرسم، يسمح لي بالتعبير عن رسالة قويّة بصريّاً وإنشاء استمرارية بصرية ووحدة بين جميع اللوحات، وبالتالي وحدة الحضارة العربية وتراثها العريق، هذه الواحة التي تفننت في رسمها ساهمت بالتطور العمراني في إمارة أبوظبي الذي يعود إلى بداية العصر الحجري، وقد شكلت منذ القدم أرضاً خصبة لزراعة الخيرات وأثراً تاريخياً ونموذجاً هندسياً يؤرخ لقوّة ومهارة إنسان الصحراء، ومنجماً للآثار يحفل بالاكتشافات، وواحات تاريخية لأشجار النخيل التي تشكل جزءاً من التراث الزراعي للدولة، وأيقونة خضراء تزين قلب المدينة، كما تعدّ هذه الواحات موطناً لأنظمة الريّ القديمة التي تسمي بالأفلاج، ما يشهد على براعة الشعب الإماراتي الزراعية والتكنولوجية، في ظل الظروف البيئية الصعبة».
تعدّ واحة العين أكبر واحات المدينة، وأُدرجت على لائحة قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2011، وتضمّ أكبر عدد من المباني التاريخية والأثرية، هي عبارة عن أعمال فنية بُنيت من الطوب الطيني الجميلة والفريدة.
عادي
سناء هيشري: أتفنن في رسم الحضارة الإماراتية وتراثها العريق
5 نوفمبر 2024
20:05 مساء
قراءة
دقيقتين
https://tinyurl.com/3ese8z5u