صوت المرأة

23:59 مساء
قراءة 3 دقائق

د. باسمة يونس

يعتمد اختيار شخصية العام في مختلف الفعاليات على أن تكون شخصيةً بارزةً لها مساهمات في مجالات مختلفة ومن بينها الأدب والفنون أو تعزيز الحوار الثقافي في المجتمع وغيرها لتكون محوراً للاحتفاء والتكريم، ويؤخذ في الاعتبار القيم التي تمثلها الشخصية، ويعتبر اختيار الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي كشخصية العام في معرض الشارقة الدولي للكتاب حدثاً ذا دلالة ثقافية عميقة يعكس معنى الاهتمام بحضور مثل هذه الشخصيات المؤثرة في المجتمع وتعزيز الدور الذي تلعبه في نشر الوعي وإلهام الشباب خاصة في ظل التحديات الثقافية والفكرية التي يواجهها العالم العربي اليوم.
وأحلام مستغانمي رمزٌ من رموز الأدب العربي المعاصر وصوتٌ قويٌ يعبر عن قضايا الهوية والمرأة والحب والوطن، ويحمل اختيارها للتكريم هي وغيرها من الشخصيات المثقفة والفاعلة في المجتمع رسالة عميقة تشير إلى سعي المعرض لتعزيز القيم الثقافية والمعرفية في المجتمع من خلال استضافة شخصيات تعتمد في شهرتها على منجزاتها والقيم التي تحملها.
وترسخ استضافة أحلام مستغانمي النموذج الذي يحتاج الشباب إليه في تجاربهم الأدبية والعملية، اقتداء بتجربتها الطموحة وجدية مناقشة القضايا بعيداً عن الأضواء السهلة والشهرة البراقة والكتابة لأجل الإنسانية.
وليست هي المرة الأولى التي تشارك فيها «أحلام» في معرض الشارقة الدولي للكتاب لأنها تدرك بأنها عندما تحط رحالها في الشارقة فهي تلج «قلعة العروبة» التي تدخلها مرتدية ثوباً عربياً لتقضي أياماً بين محبيها وتوقع كتبها لمن يقرأهــا حقاً، وهو ما يهمها أكثر من الخلود للراحة.
وترسخ استضافة شخصيات مثقفة قيم التحفيز على التفكير النقدي والإبداعي، حيث لديها القدرة على التأثير بشكل مباشر على شباب اليوم الذين يحتاجون لمن يلهمهم ويوجههم نحو المستقبل من خلال الأدب والثقافة وهو ما تفعله أحلام مستغانمي بوجودها في معرض الشارقة في سنوات سابقة، وما حققته مشاركتها في الخلوة الثقافية التي أقيمت برعاية ودعم من وزارة الثقافة بالتعاون مع مجموعــة «كلمات» في الشارقة في أغسطس الماضي كرسالة تؤكد أهمية الأدب والفكر خاصة في زمن التحديات الكبرى التي نواجهها سواء على المستوى الثقافي أو الاجتماعي.
إن شخصية مثل أحلام مستغانمي دخلت عالم منصات التواصل الاجتماعي ليس بحثاً عن شهرة، ولكن إيماناً بأن التكنولوجيا التي عبثت بالناس وسرقت منهم الكثير من مباهج الحياة تقربها من قرائها، وتساعدها على حمل مسؤولية البقاء في دائرة القراء من الشباب لأنها تعرف أن القدوة عند الأبناء قد تغيرت والاهتمامات اختلفت.
فلا شك بأن تأثير اختيار شخصيات مثقفة للمشاركة في الفعاليات الأدبية والفنية يتعدى حدود الترفيه، ورسالة قويـــــة إلى المجتمعات بأن المثقف له دور جوهـــري في تشكيل الوعي الجماعي وتعزيز الهوية الثقافية في زمن تتزايد فيه الضغوط التجارية والاستهلاكية، فهو صوت هادئ لا يحلم بإثارة الانتباه أو لفت الأنظار إلى حضوره، ولكنه عميق التأثير ويعيد التوازن إلى الساحة العامة ويدفع بالمجتمع نحو مزيد من الوعــي بمعنى الأدب وأهميته على أكثر من صعيد.
ولا ينبغي أن يقتصر حضور الشخصيات المثقفة على معارض الكتب والفعاليات الثقافية، بل يجب أن يكون لهم حضور دائم في جميع الفعاليات والأنشطة المجتمعية الكبرى من أي نوع لمنح الحدث عمقاً إضافياً يثري الحوار العام ويبث رسالة فيها الأمل والقيم والإبداع، وهو ما يُعد ضرورياً في زمن تراجعت فيه القيم أمام موجات الاستهلاك السطحي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/42w7ut27

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"