مفارقات أقاصي الفيزياء

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين

هل أيقنتَ أن الفيزياء تحتاج إلى نظرية جديدة؟ سؤال مقلق مؤرّق. سلواننا الوحيد هو أن العلم كلّما تقدم اتسعت مديات الجهل، فيتسنّى اللحاق. يبقى ما يخيف القلم دائماً: تخلف البلدان في العلوم سيكلفها أثماناً باهظةً، منها الوقوع ضحية الطبقية العلمية والتقانية، وهذه ستستفحل، وإذا كشّرت عن نيوبها فلا يظنّنّ أحد أنها تبتسم. ها نحن نرى.
تقول ما الحاجة إلى نظرية فيزيائية جديدة؟ هذه ليست خواطر إعلاميين ومثقفين.
كبار الفيزيائيين هم الذين يبوحون بانسداد الآفاق النظرية أمامهم. ما رأيك في تناول القضية من زاوية مثلثة الرؤية تمتزج فيها الفيزياء بالفلسفة والتصوف. موقع «إيكو نيوز» نشر (2 نوفمبر) مقالاً عنوانه «العثور على أكبر خزّان مائي في الكون يعادل مياه 140 تريليون مرّة كل مياه الأرض. رقم أشبه بالدعابة الجادّة التعجيزية.
هل تقوى على تخيل مئة تريليون مياه كل محيطاتنا؟
هذا النبأ العظيم يتحول إلى سخرية علمية مقهقهة، حين نعلم أن تلك الأسطورة العلمية تقع على مسافة اثني عشر مليار سنة ضوئية، أي أن الإنسان يحتاج إلى رحلة اثني عشر مليار سنة ليحظى برشفة من ذلك النهر الخالد. هذا إذا استطاع أن يصير شعاعاً يطير بسرعة الضوء ثلاثمئة ألف كم/ثانية. لكن هذا الحساب محض وهم، فالكون يتوسع، وكلما ازدادت المسافة ازدادت السرعة، ما يعني أن الفضاءات ستكون أبعد بكثير عند قطع مليارات السنين الضوئية.
تلك المياه هي على هيئة بخار ماء في الكويزار، وهو نجم زائف أو شبيه نجم، منطقة غازية ساخنة محيطة بثقب أسود هائل، حرارتها مئات الآلاف من الدرجات المئوية، وتأتي مباشرة بعد الانفجار العظيم من حيث شدة الحرارة والإشعاع. الثقب الأسود الهائل الذي يتوسط الكويزار يعادل عشرين مليار الشمس التي تنير سماءنا. أمّا الطاقة التي ينتجها النجم الزائف فهي أخت ألف مليار من شمسنا. يقيناً بدأت تتضح الحاجة إلى فيزياء جديدة!
الجانب الفلسفي يتمثل في: ما هي مكانة الإنسان في الكون؟ ما مضمون دوره في كون تخومه المنظورة تقع على مسافة بين خمسين وتسعين مليار سنة ضوئية، أي أن تريليونات المحيطات المكتشفة تبعد مسافة «فركة كعب». كون يزن فيه سنتيمتر مكعب من النجم النيوتروني مليار طن. لا بد من فيزياء جديدة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الصوفية: «أتحسب أنك جِرمٌ صغيرٌ.. وفيك انطوى العالم الأكبرُ».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycma4sx9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"