عادي

أحمد العامري: «الشارقة للكتاب» يتجدد كل عام

00:23 صباحا
قراءة 6 دقائق
أحمد العامري: «الشارقة للكتاب» يتجدد كل عام
أحمد العامري: «الشارقة للكتاب» يتجدد كل عام
أحمد العامري: «الشارقة للكتاب» يتجدد كل عام
أحمد العامري: «الشارقة للكتاب» يتجدد كل عام

الشارقة: «الخليج»

يدخل معرض الشارقة الدولي للكتاب هذا العام، عامه ال 43، مستضيفاً أكثر من 2520 ناشراً وعارضاً من 112 دولة عربية وأجنبية، مع تنظيم 1357 فعالية متنوعة بمشاركة 250 ضيفاً، محققاً منجزات كبرى في مشهد الثقافة العربية والعالمية، وأصبح واحداً من بين أهم وأكبر معارض الكتب العالمية، واحتل المرتبة الأولى عالمياً في بيع وشراء حقوق النشر للعام الثالث على التوالي، ليصبح علامة فارقة في تاريخ الثقافة العربية.
حول الرؤية والاستراتيجية التي قادت المعرض إلى هذه المكانة وعن مستجدات دورته الجديدة، يتحدث الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، والذي يؤكد أن المعرض يتجدد كل عام، ويضيف رؤى خلابة لثقافتنا العربية التي وجدت في الشارقة بيتاً ومستقراً منذ عقود بفضل الدعم اللامحدود من صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
* في كل عام ونحن على أبواب دورة جديدة من معرض الشارقة للكتاب، يتقدم سؤال وماذا بعد؟ ما الذي يستطيع المعرض أن يقدمه ليس من حيث الإنتاج، بل من حيث القيمة الثقافية؟.
الثقافة ليست فعلاً ثابتاً، بل هي ديناميكية ومتغيرة، تتأثر بالزمان والمكان، وتتشكل من خلال التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والبيئية، وهي انعكاس نشط لكل هذا التفاعل في الوعي الإنساني، حيث يعبر الإنسان عنه بكتابة الرواية والشعر والمسرح والفنون المختلفة.
وعلى صعيد آخر، تواجه الثقافة تحديات مختلفة في كل مرحلة، مثل كيفية التعامل مع القيم والمفاهيم الجديدة التي تنتجها التجارب، وآلية التعبير عن طموحات المجتمعات في كل مرحلة والدفع باتجاه تحقيقها، وصولاً إلى تحديات الكُتّاب والناشرين وموزعي الكتب والمكتبات، وهذا يعني أن جديد الثقافة حاضر دوماً، وهناك الكثير مما يمكن تقديمه في حقل الثقافة.
من هنا يأتي المعرض في كل عام، ليقدم مشهداً جديداً للثقافة في كل دورة، ويؤكد مقولة إن الثقافة هي المكان الذي نبدأ منه في كل لحظة، وليست المكان الذي تنتهي فيه، تحضرني الآن حكمة قديمة وهي أنك لن تستطيع أن تضع قدمك في نفس النهر مرتين، وهذا يعني أن في كل مرة أنت تلامس مياهاً جديدة جارية ومتجددة، وكذلك الأمر بالنسبة لمعارض الكتب، لا يوجد دورة تشبه سابقتها إلا من حيث العناوين العريضة فقط، لكن في التفاصيل، مثل تحديات النشر والقراءة، وطبيعة الإنتاج الأدبي والفكري والعلمي فهي متغيرة باستمرار.
وسط كل هذا التفاعل، يحمل معرض الكتاب رسالته المستمرة، أن يكون مجتمعاً مصغراً لثقافات العالم ومثقفيه، وأن يكون منصةً للبحث في سبل تطوير الأدوات الثقافية وتعزيز مرونتها وتجاوز تحدياتها، وأن يكون الأرضية التي تلتقي عليها الثقافات بقواسمها الإنسانية المشتركة، لتذكرنا في كل لحظة، أن العالم الذي نحلم به، هو أمر ممكن بالعودة إلى الجذور الأصيلة لثقافات العالم، وهي الشراكة والتعاطف والعدالة والتفهم.
تصبح ثقافات الأمم خالدة من خلال رموزها والشخصيات التي عبرت عنها، أي رموز ثقافية، كانت سبباً في ثراء معرض الشارقة الدولي للكتاب.
هوية الثقافة
لو أردنا عنواناً واحداً للمشهد الثقافي في الإمارة ولمشروع نهضة الثقافة العربية، ومشروع تكامل الثقافات الإنسانية وترابطها في العالم، فسيكون دعم صاحب السموّ حاكم الشارقة.
لا يتوقف دعم سموّه عند التوجيهات والرعاية، بل نستطيع القول إن سموّه استعاد للثقافة هويتها ودورها وغايتها في هذه المرحلة التي التبست فيها الهويات والأدوار والغايات، ليس محلياً فحسب بل وعربياً وعالمياً أيضاً، لقد أكد سموّه إن الثقافة لا بد أن تكون إنسانية في هويتها، تنموية في دورها، واستشرافية في غاياتها، ترسم ملامح المستقبل المشترك الذي يليق بالإنسانية جمعاء ويحترم الاختلاف، ويحتضنه في إطار من التكافؤ والشراكة العادلة.
من الصعب اختزال مسيرة سموّه الثقافية في محطات دون غيرها، لكن يمكن القول إن سموّه أعاد قراءة وتقديم تاريخ منطقتنا من وجهة نظر أبنائها، ولم يترك هذا التاريخ أسيراً لرواية الآخر التي قدمها من زاويته، وذلك يمثل نموذجاً لكل شعوب العالم، ودعوة لإعادة التاريخ بما يخدم مستقبل البشرية.
على صعيد اللغة، يعتبر المعجم التاريخي للغة العربية منجزاً نوعياً خالداً، نقل الثقافة واللغة العربيتين إلى مرحلة جديدة على جميع الصعد، سواء على صعيد اللغة ذاتها وتجلياتها الأدبية والمجتمعية أو على صعيد العلوم، وصعيد علاقتنا الثقافية بالأمم الأخرى.
الأمر ذاته ينطبق على معرض الشارقة الدولي للكتاب وكافة الفعاليات الثقافية الأخرى، والتي ساهمت في بناء صورة الأمة وتقديم ثقافتها على ساحة التفاعل الإنساني، وجسد سموّه بذلك حقيقة أن الحراك الثقافي يعكس حراك وحيوية المجتمعات، بينما يؤدي الركود الثقافي إلى التراجع واضمحلال المنجزات.
على ذات الصعيد، نذكر الدور النوعي للشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب في النهوض بالمشهد الثقافي المحلي والعربي، وفي تعزيز قيم العدالة والمرونة في قطاع النشر الدولي، الأمر الذي ترك أثراً عميقاً على واقع الإنتاج الثقافي العالمي، وعزز من مساهمات رموز الثقافة العربية في بناء حضارة إنسانية قائمة على المعرفة ومتسلحة بأدواتها.
إضافات نوعية
 ما هي أهم الإضافات على صعيد الدورة ال 43 من المعرض؟
إلى جانب ما تشير إليه الأرقام المتمثلة في أكثر من 2520 ناشراً وعارضاً من 112 دولة عربية وأجنبية، مع تنظيم 1357 فعالية متنوعة بمشاركة 250 ضيفاً من 63 دولة من ارتفاع مساحة فعل وتأثير المعرض وازدياد الإقبال عليه محلياً وعالمياً، هناك إضافات نوعية عدة مثل، تنظيم ورش متخصصة لأول مرة، مفتوحة للتسجيل المسبق، تجمع المشاركين بكبار المتخصصين في الكتابة الإبداعية في الوطن العربي والعالم، من خلال هذه الورش نسعى إلى تعزيز الإبداع في الممارسات المجتمعية، ليس للمتخصصين في الكتابة الأدبية فقط، بل ولمن يحتاجون إلى تنمية مهارات التواصل بشكل عام. نحن في زمن نستطيع وصفه بأنه زمن طفرة الاتصال والتواصل، وهناك حاجة إلى تعزيز المهارات الإبداعية التي أصبحت من ضرورات النجاح والتعبير عن الذات والأفكار والهويات.
أيضاً يستضيف المعرض المملكة المغربية، ضيف شرف لهذا العام، ونحن واثقون أن حضور المغرب الشقيق سيشكل إضافة نوعية على برنامج المعرض بشكل عام. لقد شكل المغرب عبر تاريخه فضاءً لتلاقي الثقافات والهويات، فشكل نموذجاً متناغماً وثرياً من الثقافة العربية والأمازيغية والأندلسية، وينعكس هذا الثراء من خلال البرنامج الخاص بالمغرب ضيف شرف والذي يتضمن 107 فعاليات تشهد مشاركة 100 مشارك من الكتّاب والأدباء والناشرين منها 17 فعالية ثقافية و36 فعالية فنية و44 فعالية مخصصة للأطفال إلى جانب 10 جلسات في ركن الطهي وعروض مسرحية وأدائية.
دلالات
* مؤخراً افتتح صاحب السموّ حاكم الشارقة معهد الثقافة العربية في ميلانو - إيطاليا، ما هي دلالات هذا الافتتاح؟
من المعروف أن للثقافة العربية والإسلامية تاريخاً طويلاً من التأثير في ثقافات وحضارات وعلوم العالم، واستمرت الثقافة العربية في حراكها الثري الذي واكب المجتمعات في تحولاتها على مختلف الصعد، لكن يجب أن نعترف بحقيقة تراجع الحضور الثقافي العربي في المشهد العالمي في سنوات الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، واستمر هذا التراجع أو فلنقل عنه الحضور المتواضع لسنوات ما بعد تسعينات القرن الماضي عندما أصبح العالم قطباً واحداً.
وهنا تأتي أهمية رؤية صاحب السموّ حاكم الشارقة في استعادة مكانة الثقافة العربية بلغتها وكافة أدواتها في الساحة العالمية، وتجسدت رؤية سموّه في ما حققته الشارقة من حضور فاعل ومشرف في معارض الكتب العالمية ومختلف فعاليات الثقافة، ومن خلال حضور سموّه ودوره الثقافي الذي يعترف به العالم أجمع، أما المراكز الثقافية فهي التي ترسخ الفعل الثقافي العربي في الوعي النخبوي والمجتمعي في بلدان العالم غير العربية.
* ماذا عن الأهداف بعيدة الأجل لذلك المعهد؟
تتمثل تلك الأهداف في تعزيز الهوية الثقافية العربية في المهجر والحفاظ على علاقة دائمة بين المهاجرين والمغتربين العرب وثقافتهم وتراثهم، وتتمثل أيضاً في تقديم الفنون والأدب العربي، ودعم العلاقات الثقافية وتبادل الأفكار بين رموز الثقافة وقادتها، كما تسهم هذه المراكز في التصدي للصورة النمطية عن الثقافة والإنسان العربي وتقديم الصورة الحقيقية بقيمها وأخلاقياتها، لا يوجد خطر أكبر على الثقافة سوى غياب الثقافة نفسها، ليس لأنها لا تسهم في الحضارة الإنسانية، بل لما تتركه من فراغ قد يملؤه الآخرون عنها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/acxdyfkt

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"