حسن مدن
أهل الكتب أدرى بأمرها من سواهم، فلنقرأ بعض ما قالوه عنها، ولنبدأ بالمتنبي قائل «أَعزُّ مكانٍ في الدُّنَى سرجُ سابِحٍ/ وخيرُ جلِيس في الزمانِ كًتابُ»، أما الجاحظ فقد قال في وصف محاسن الكتاب: «الكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يقليك، والرفيق الذي لا يَمَلَّك، والمستميح الذي لا يؤذيك، والجار الذي لا يستبطئك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، ولا يعاملك بالمكر، ولا يخدعك بالنفاق»، والجاحظ نفسه هو القائل: «إن الكتاب يُقرأ بكل مكان ويظهر ما فيه على كل لسان ويوجد مع كل زمان وقد يذهب الحكيم وتبقى كتبه ويذهب العقل ويبقى أثره».
في العصر الحديث، قال عميد الأدب العربي طه حسين: «القراءة هي السلاح الأول في معركة الحياة»، وعلى خطى الجاحظ، قال أحمد شوقي: «الكتاب هو صديق لا يخون أبداً»، أما أديب المهجر جبران خليل جبران فقال: «القراءة هي حديث الروح مع نفسها»، وقال عَلَم الرواية نجيب محفوظ: «القراءة هي التنفس الثاني للحياة».
ليس أدباؤنا العرب، القدماء منهم والمحدثون، وحدهم من مجّد الكتاب والقراءة، مثلهم فعل الأجانب، ومثالهم فيلسوف الإغريق سقراط، الذي أنارنا بقوله: «الذي يعيش بدون كتب هو كالجاهل الذي لا يعرف أنه لا يعرف، أما الذي يعيش مع الكتب وينشئ معها ألفة فهو من يعرف قيمة تلك الأشياء التي يُحرم منها الآخرون»، وإلى مارسيل بروست ينسب القول: «إن الكتاب أفضل من الصديق وأنفع من حديث الحكماء»، فيما قال جون لوك: «القراءة تمدّ العقل بلوازم المعرفة، أما التفكير فيجعلنا نملك ما نقرأ»، أما جورج مارتن فقال:«يعيش القارئ ألف حياة قبل أن يموت، الرجل الذي لا يقرأ يعيش واحدة فقط»، وإذا كان طه حسين اعتبر القراءة السلاح الأول في معركة الحياة، فإن الروائي الروسي فيودور ديستوفسكي قال:«نحتاج إلى حرب جديدة أسلحتها الكتب وقادتها أهل الفكر وضحاياها الجهل والتخلف».
حكمة صينية تقول: «اقرأ كتاباً للمرة الأولى لتتعرف إلى صديق، اقرأه مرة ثانية تصادف صديقاً قديماً».
وإذا كان هذا يصحّ على كتاب واحد، فما بالك بمعرض دولي للكتاب، تستضيفه الشارقة في مثل هذه الأيام من كل سنة، إنه عن حق، المعرض الصديق الذي يوفر لنا ترحالاً غنياً في عوالم الكتب والمعرفة على اختلاف فضاءاتها، وبدءاً من اليوم، وعلى مدار أيام عشرة مقبلة، سيأتي الناس أفواجاً على جري عادتهم كل سنة إلى المعرض الصديق، في شارقة الكتاب، ويحسب لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن جعل من معرضها للكتاب رائداً، ومن الشارقة فضاءَ الكتاب المضيء.
[email protected]