ساينس آلرت
المحيطات ليست مجرد مساحات شاسعة من الماء، بل هي شريان الحياة لكوكبنا، تدعم تنوعاً بيولوجياً هائلاً وتعد مصدراً أساسياً للغذاء والدخل للمجتمعات الساحلية، ولكن في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه البيئة من تغير المناخ والتلوث، أصبحت المناطق البحرية المحمية أداة أساسية لضمان استدامة هذه الموارد الحيوية، فهذه المناطق، التي تهدف إلى الحد من الأنشطة البشرية الضارة مثل الصيد غير المستدام والتعدين، تسهم في الحفاظ على التنوع البيولوجي البحري، كما تسهم في تحسين صحة الإنسان بشكل ملحوظ.
كشف البحث في 230 منطقة بحرية محمية حول العالم، أن 60% من هذه المناطق حققت فوائد بيئية وصحية ملموسة في وقت واحد، من خلال حماية الحياة البحرية، وأصبحت هذه المناطق ملاذاً لتجديد المخزونات السمكية والحفاظ على الشعاب المرجانية، ما أسهم في تنوع أكبر في الحياة البحرية، هذا التنوع ينعكس إيجابياً على الأمن الغذائي للمجتمعات الساحلية، خاصة في المناطق الجزرية مثل بالاو وجزر كوك، حيث تشكل الأسماك والمحار مصادر غنية بالأحماض الدهنية، الفيتامينات والمعادن الأساسية التي تعزز صحة الإنسان وتساعد في الوقاية من الأمراض مثل نقص التغذية.
لكن رغم هذه الفوائد، لا يمكننا تجاهل التحديات التي تواجه تنفيذ هذه السياسات بشكل فعال، فإحدى أبرز المشكلات تكمن في ضعف إدارة المناطق البحرية المحمية في بعض الأماكن، ما يؤدي إلى تقليص الفوائد المحتملة، فعلى سبيل المثال، في جزر المالديف، حيث يستهلك 80% من الأسماك بواسطة السياح، يعاني السكان المحليون من نقص في الاستفادة من هذه الموارد، فالتوزيع الجائر للمنافع يظل قضية حساسة، إذ يحرم السكان المحليون في بعض الأحيان من الاستفادة الكاملة من مواردهم البحرية.
إضافة إلى ذلك، تبرز الحاجة إلى إعادة توجيه إدارة المصايد البحرية في العالم نحو تحسين التغذية البشرية، بحيث لا تقتصر الأهداف على زيادة الإنتاج أو الأرباح، بل تركز أيضاً على ضمان تحسين صحة الإنسان، خاصة في المجتمعات التي تعتمد بشكل كبير على البحر كمصدر رئيسي للغذاء.
إذا تمكنا من تحسين إدارة المناطق البحرية المحمية، وتوزيع الفوائد بشكل عادل بين جميع الأطراف المعنية، سنتمكن من ضمان استدامة هذه المناطق، ما يفتح أمام المجتمعات الساحلية فرصاً جديدة للعيش الكريم والصحة الجيدة، فالمناطق البحرية المحمية، إذا أديرت بشكل فعال، لا تقتصر فائدتها على البيئة فحسب، بل تساهم أيضاً في تعزيز الأمن الغذائي وزيادة دخل الصيادين المحليين، وفي النهاية، سيكون لها دور حيوي في بناء عالم أكثر استدامة ورفاهية لكل من المحيطات والبشر.