غافين ماغواير*
من المقرر أن تستورد البرازيل ما يقرب من 900 ألف طن متري من الفحم الحراري في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو أعلى رقم شهري على الإطلاق، وثلاثة أضعاف المتوسط الشهري لعام 2024 حتى الآن، وفقاً لبيانات محلل السلع الأساسية «كبلر».
تأتي موجة شراء الفحم هذه في الوقت الذي تسبب فيه الجفاف المستمر بخفض إنتاج الطاقة الكهرومائية إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، الأمر الذي ترك المنتجين دون وقود كاف للتوليد قبل أكثر أشهر العام سخونة عندما يبلغ الطلب على الكهرباء ذروته.
ورفعت شركات الطاقة العاملة في البرازيل واردات الغاز الطبيعي المسال إلى أعلى مستوياتها منذ أواخر عام 2021، ما يشير إلى أن ارتفاعاً حاداً في توليد الطاقة باستخدام الوقود الأحفوري، وانبعاثات أعلى في القطاع، تلوح في الأفق في أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
وتمثل الطاقة الكهرومائية عادة حوالي 65% من إنتاج الكهرباء على نطاق المرافق في بلاد السامبا، مع متوسط توليد أقل بقليل من 40 تيراواط/ساعة شهرياً للنصف الأول من عام 2024، وفقاً لبيانات «إمبر». ومع ذلك، انخفض إنتاج الطاقة الكهرومائية في سبتمبر/أيلول إلى 28.7 تيراواط/ساعة فقط، بالتزامن مع تأثير انخفاض هطول الأمطار، مقارنة بالعام السابق، على إنتاج السدود.
وسجلت معدلات هطول الأمطار في جنوب شرق البرازيل، موطن الكثير من أنظمة السدود الضخمة في البلاد، 584 ملم فقط خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، بحسب مجموعة بورصة لندن. وكان ذلك أقل بنسبة 10% من متوسط هطول عام 2019 حتى عام 2023، وهو العام الثاني على التوالي الذي يقل فيه هطول الأمطار عن 600 ملم لنفس الفترة الزمنية.
كما أدى انخفاض الإنتاج الفعلي للطاقة الكهرومائية إلى خفض حصة الطاقة الكهرومائية من مزيج توليد الطاقة في البرازيل إلى 50% فقط في سبتمبر، ما أجبر موردي الطاقة على زيادة الإنتاج من مصادر بديلة من أجل تلبية متطلبات النظام.
ورغم امتلاكها أحد أنظف أنظمة الطاقة في العالم، من المرجح أن تعتمد المرافق والخدمات في البرازيل على الوقود الأحفوري لتوليد الكثير من الطاقة الكهرومائية المفقودة حيث يمكن تعديل إنتاج المحطات التي تعمل بالغاز والفحم بسرعة لموازنة احتياجات النظام.
حتى الآن هذا العام، ولّدت السدود الكهرومائية نحو 63% من إجمالي إمدادات الكهرباء في البرازيل، فيما بلغت حصة مزارع الرياح والمزارع الشمسية قرابة 15 و10% على التوالي من أحجام التوليد في قطاع الطاقة المحلي. وشكلت محطات الطاقة النووية حصة إضافية بنسبة 2.5% من الكهرباء، في حين أنتجت محطات الطاقة الحيوية، التي تحرق بشكل أساسي لب قصب السكر، 1.5% إضافية.
وبلغت الحصة التراكمية لتوليد الطاقة في البلاد من مصادر نظيفة في عام 2024 حتى الآن 92%، وهو أحد أعلى المعدلات على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن حصة 8% المتبقية من توليد الكهرباء جاءت من الوقود الأحفوري، والتي تبدو مهيأة للاستخدام بأحجام أكبر خلال الأشهر المقبلة إذا استمر تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية.
في المقابل، ولّد الغاز الطبيعي حوالي 6% من كهرباء البرازيل حتى الآن في عام 2024، في مقابل 2.2% إضافية من محطات الطاقة العاملة بالفحم والنفط.
ووضع الارتفاع الحاد في إجمالي استهلاك الطاقة في البرازيل شركات الطاقة المحلية تحت ضغط رفع الإنتاج. إذ نما الطلب على الكهرباء لديها خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 بنحو 7% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، وهو أقوى معدل نمو لتلك الفترة منذ عام 2021 عندما تعافى اقتصاد ريو دي جانيرو من القيود المتعلقة بكورونا.
ولكن من المرجح أن يرتفع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى مستويات أعلى مع حلول العام المقبل، حيث تستخدم المنازل والمصانع والمكاتب وما إلى ذلك من مرافق، أنظمة التبريد المتعطشة للطاقة خلال الفترة من نوفمبر إلى فبراير وعلى مدار الساعة، مقارنة بالأشهر الأخرى من العام. ما يسبب إجهاداً كبيراً لشبكات الطاقة وأنظمتها، مع درجات حرارة تتجاوز ال30 درجة مئوية.
ولتلبية مستويات الطلب الأعلى هذه، يبدو أن المرافق العامة مستعدة لرفع الإنتاج من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والغاز في البلاد، والتي ستكون مهيأة بشكل جيد من واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال التي في طريقها إلى الدخول.
نعم، يمكن أن يساعد التعافي الحاد في مستويات هطول الأمطار في استعادة الإنتاج من شبكات السدود والحد من الاستخدام الإجمالي للوقود الأحفوري في عام 2025. ولكن بالنسبة لبقية عام 2024 على الأقل، يبدو أننا سنكون أمام أحجام توليد للطاقة من الفحم والغاز، وما سيتلوها من انبعاثات، أعلى بكثير مقارنة بالسنوات السابقة.
*كاتب متخصص في أسواق السلع والطاقة الآسيوية «رويترز»