عادي
ثمرة جهود 20 مؤسسة بحثية

21.5 مليون كلمة في المعجم التاريخي للغة العربية

21:56 مساء
قراءة 4 دقائق
محمد حسن خلف ود.أمحمد صافي المستغانمي ود.محمد السعودي خلال المؤتمر

الشارقة: «الخليج»
نظم مجمع اللغة العربية بالشارقة مؤتمراً صحفياً، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، أعلن خلاله عن إنجاز تاريخي غير مسبوق يتمثل في طباعة 127 مجلداً من «المعجم التاريخي للغة العربية»، المعجم الأول من نوعه في العالم العربي، الذي يوثق تطور المفردات والمعاني اللغوية عبر العصور، ويهدف إلى الحفاظ على الهوية اللغوية، وتعزيز ارتباط الأجيال بلغة أجدادهم.
ووجّه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كلمة مكتوبة للمشاركين في المؤتمر، قال فيها: «إن اكتمال المعجم التاريخي للغة العربية والانتهاء من طباعته هو احتفال للأمتين العربية والإسلامية؛ إذ تعدّ اللغة وعاءً حضارياً يحمل تاريخ وثقافة هذه الأمة. إن هذا المعجم يمثل مرجعاً ثقافياً ومعرفياً يوثق تاريخ الألفاظ العربية وتطور دلالاتها، مما يعزز الهوية الثقافية العربية، ويجعل لغتنا في متناول الأجيال القادمة».
وأضاف سموه قائلاً: «إن هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق إلا بفضل التعاون المثمر بين الشارقة ومختلف المؤسسات اللغوية في الوطن العربي. والذي أكد أن مشروع المعجم هو خطوة أساسية نحو تعزيز اللغة العربية كوعاء حضاري شامل يوثق معارف الأمة وتاريخها».

أرقام

ويعدّ المعجم التاريخي للغة العربية إنجازاً استثنائياً من حيث الحجم والمحتوى؛ حيث يتضمّن حوالي 73000 مدخل لغوي، ويغطي أكثر من 21.5 مليون كلمة موزعة على 127 مجلداً. ويعتمد المعجم على نحو 351000 شاهد تاريخي، مستنداً إلى 11300 جذر لغوي. ويصل إجمالي صفحات المعجم إلى حوالي 91000 صفحة. وقد شاركت في إنجاز هذا المعجم أكثر من 20 مؤسسة لغوية وأكاديمية من مختلف الدول العربية، مما يجعله نتاج تعاون عربي مشترك، يعكس ثراء وتنوع اللغة العربية عبر العصور.
ويخدم المعجم شريحة واسعة من الباحثين والمتخصصين والطلاب، وحتى عامة الناس الذين يرغبون في معرفة جذور كلماتهم وتطور دلالاتها. من خلال تقديم شواهد تاريخية دقيقة، يعزز المعجم الفهم العميق للتراث اللغوي العربي، مما يُسهم في حماية الهوية الثقافية العربية من التأثيرات الأجنبية. فهذا المعجم ليس مجرد أداة بحث علمي، بل هو أيضاً بوابة ثقافية تسمح للأجيال القادمة بربط لغتهم بالتراث الحضاري للعالم العربي، مما يعزز الانتماء والاعتزاز بالهوية العربية.
وقال محمد حسن خلف، عضو مجلس أمناء مجمع اللغة العربية بالشارقة، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر: «إن مشروع المعجم يمثل خطوةً رائدة في حفظ الإرث الثقافي واللغوي للأمة العربية. هذا المشروع الطموح ليس مجرد مجلدات أو موسوعات تجمع الكلمات ومعانيها، بل هو جسر يربط بين ماضي الأمة وحاضرها، ويوفر للأجيال القادمة فهماً أعمق لتطور لغتهم عبر العصور. نحن في مجمع اللغة العربية بالشارقة نرى أن المعجم التاريخي يُعدّ إنجازاً حضارياً لا يخدم دولة واحدة فقط، بل هو إرث لجميع الدول الناطقة بالعربية، وأداة توحيد ثقافي تثبت أن التعاون العربي قادر على إنتاج مشروعات هادفة تمتد آثارها لقرون قادمة».

دليل حي

من جانبه شدد د. أمحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، المدير التنفيذي للمعجم، على أهمية هذا الإنجاز الحضاري قائلاً: «إن المعجم التاريخي للغة العربية هو نتاج رؤية علمية وثقافية عميقة تتجاوز التوثيق اللغوي؛ حيث يعكس هذا المعجم طموح مجمع اللغة العربية بالشارقة إلى تقديم مرجع شامل يوثق مراحل تطور لغتنا العربية منذ بداياتها وحتى يومنا هذا. إن هذا المعجم يقدم للعالم العربي دليلاً حياً على أن اللغة العربية هي أكثر من أداة للتواصل، بل هي وعاءٌ للمعرفة وحافظة للثقافة والتاريخ. وبدعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، أصبحنا قادرين على تحويل هذا الحلم إلى حقيقة».
وأوضح الأستاذ الدكتور محمد السعودي، مقرر عام الفريق الأردني، والأستاذ الجامعي، الدور الذي لعبته التقنيات الحديثة في هذا المعجم، قائلاً: «يمثل المعجم التاريخي للغة العربية نقلة نوعية في مجال البحث اللغوي؛ حيث يوفر للباحثين والعلماء والعامة مصدراً موثوقاً يمكنهم من تتبع تطور الكلمات العربية ودلالاتها عبر العصور المختلفة. فهذا الإنجاز لم يأتِ بسهولة؛ فقد تطلب جهداً كبيراً وتعاوناً بين المؤسسات اللغوية من مختلف الدول العربية. ليتيح للمستخدمين تتبع تطور كل كلمة ضمن سياقاتها التاريخية المتعددة، مع تقديم شواهد دقيقة من الأدب العربي القديم والحديث، والنصوص الدينية، والفلسفية، والعلمية».

تعزيز الهوية

يُجسّد المعجم التاريخي للغة العربية التزام إمارة الشارقة، بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بالحفاظ على التراث العربي والهوية الثقافية. هذا المعجم ليس مجرد سجل لتاريخ اللغة، بل أداة تعزز من قدرة اللغة العربية على مواكبة مستجدات العصر، مع الحفاظ على جوهرها الثقافي الذي يجعلها لغة علم وفكر وثقافة.
ولا يقتصر دور المعجم على التوثيق اللغوي، بل يتجاوز ذلك ليصبح جسراً بين الأجيال الشابة وجذور لغتهم. من خلال تتبع تطور المفردات عبر العصور، يُسهم المشروع في تعزيز الانتماء الثقافي، مما يجعل اللغة العربية أكثر قرباً وحيوية للأجيال الحالية والمستقبلية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kdaupsw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"