مروة العقروبي*
ثمة عناصر أصيلة تجمع بين الأشجار والكتب في وعي الشعوب وحكاياتها المتوارثة. في الاثنتين تكمن دلالات الحكمة والمعرفة والاستدامة، وتتجلى معاني الغرس الطيب الذي تنتفع منه المجتمعات جيلاً بعد جيل، وهما أيضاً حراس الذاكرة وشهود الحكايات المروية والمكتوبة، وفي حالتنا هذه التي نتناولها في هذه المقالة، هناك رابط فريد بين الأشجار والكتب، وهي أنها تنمو وتزدهر في ظلال سلطان المعرفة، صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.
ولأننا في إمارة الشارقة نبدع في الجمع بين كل الأشياء لخدمة مشروعنا الثقافي الكبير، جسدنا العلاقة بين الأشجار والكتب من خلال إطلاق هوية جديدة لجائزة اتصالات لكتاب الطفل، بالتزامن مع انطلاق معرض الشارقة الدولي للكتاب بدلالاته التاريخية والمستقبلية وامتداداته الإنسانية العالمية التي أرساها صاحب السمو حاكم الشارقة، واستمرت مع قرينته، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، التي أطلقت مهرجان الشارقة القرائي للطفل، لتحتضن براعم القراءة منذ بزوغها، وتغذي ثقافة الكتاب منذ نشأته.
وتحمل الجائزة اعتباراً من الآن، اسم «الجائزة الدولية لأدب الطفل العربي» المقدمة من «إي آند»، لتواصل مسيرتها المتجددة في تكريم المبدعين الذين ينتجون إصدارات تركز على جودة النص، وبراعة العرض، وحداثة الطرح، دون أن تساوم على أصالة هويتها العربية، لتجسد بذلك رؤية الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، التي بادرت إلى إطلاق هذه الجائزة في العام 2009، لترفد مكتبة الطفل العربي بأفضل الكتب التي تغذي فيه القيم والمبادئ الأصيلة.
الشعار الجديد للجائزة معروف جداً ومألوف لأهل الشارقة ودولة الإمارات وجزء من ذاكرتهم الشعبية، فهو مستوحىً من شجرة «الرولة» التي تعكس روح الشارقة في ذاكرة كل منا، حيث تتوسط هذه الشجرة ميدان الرولة الشهير، وقد اعتاد الآباء قديماً الاجتماع في ظلها لتبادل القصص والحكايات، والتجار لعقد الصفقات، والشعراء للتباري في مساجلات ممتدة، تشبه الطريقة التي تجمعنا فيها الكتب في حضرة أفكارها وتُشعرنا بالألفة مع شخوصها وعوالمها، كما شهد هذا الميدان احتضان أول مهرجان للطفولة في الخليج العربي قبل سنوات طوال.
ويقال: إن الرولة اتخذت اسمها من «الرول» وهي ثمرة حمراء اللون بحجم الكرز تجود بها هذه الشجرة، وكانت تظهر من بعيد مثل الثريات الجميلة، وهي في الوقت نفسه تشبه لون شعار «إي آند»، التي دعمت الجائزة منذ بدايتها، وأسهمت في نموها وتطورها وتوسعها، لتصل إلى العالمية وتصبح واحدة من أكبر وأهم جوائز أدب الطفل العربي على مستوى العالم، وتستقطب كبرى دور النشر الدولية التي بدأت تتسابق على نشر الكتب الفائزة بالجائزة.
هذه الهوية الجديدة للجائزة الدولية لأدب الطفل العربي المقدمة «إي آند» تمثل بداية مرحلة من التجديد الذي يتناسب مع البُعد الدولي للجائزة، وما ينتظرها من آفاق أوسع، وتأثير أكبر، ووصول أشمل إلى شتى أصقاع الأرض، لتواصل حضورها وتأثيرها، كما أنها رسالة الشارقة إلى العالم، تؤكد فيها أن الكتاب للطفل، مثل الماء للشجر، ينمي الفكر، ويثري العقل، ويحتضن المخيلة، وينمي المواهب، ليزهر العالم طفولةً من أدب وحكمة.
* رئيسة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين