الشارقة: «الخليج»
استمتع حضور معرض الشارقة للكتاب، بأمسية شعرية جمعت اثنين من كبار الشعراء المغاربة، الأستاذة الجامعية وفاء العمراني، والروائي والشاعر محمد الأشعري، وأدارها مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب.
واستهل القادري الأمسية بتسليط الضوء على مكانة الشعر المغربي باعتباره جغرافيا شعرية قائمة بذاتها، وقال: «الشعر المغربي متجذر في تاريخ طويل يعود إلى القرن الخامس الهجري، وتواصل بروح متجددة عبر العصور». وأشار إلى أن متون الشعر المغربي تتفاعل مع مرجعيات متعددة، سياسية وثقافية، إذ يُبدع شعراؤه قصائد بمختلف الألسن، من العربية والأمازيغية إلى الفرنسية وغيرها من اللغات الأجنبية، ليشكلوا بذلك فسيفساء شعرية منفتحة على طيف واسع من النظرية والنقد، وهو ما أتاح لرموز هذا الشعر تطوير أعمالهم بشكل مميز ومتفرد.
وقدمت وفاء العمراني للجمهور باقة من قصائدها من دواوينها الشهيرة، مثل ديوان «تمطر غياباً» وديوان «ابن البلد»، مشيرة إلى أن قصائد هذا الديوان الأخير كُتبت بعيداً عن الوطن، مما أضفى عليها بعداً وجدانياً عميقاً. وقرأت العمراني من قصيدة «ابن البلد»، تقول فيها:
«أبداً/ ما غِبتُ عنك/ لا ولا نأيتْ/ غيَّبني الغياب فيكَ/ حتى اختفيتْ/ طوّفتُ أمصار الترحال/حللتُ عقدتُ/ ضفائر الانتظار/ وما نسيت/ولا اشتفيت/كأني لم أغادرني/
لُحيْظةً إلا إليكَ/ازورَرْتُ كبرياءً عنك»
أما محمد الأشعري، الذي يتميز شعره بالوفاء للحرية والانتصار للقيم الإنسانية، فقد كان له حضور أضاء الحفل بنبضه الإبداعي الذي يستمده من شغفه بالفنون التشكيلية والسينما والعمارة. وقدم الأشعري قصائد من ديوانه «جدران مائلة»، إضافة إلى «أحوال بيضاء»، الذي أشار إلى أنه «نشيد لمدينة الدار البيضاء» التي تأسره وتحرّره في آن واحد على حدّ قوله.
وقرأ الأشعري مقطعاً من قصيدة «تقاسيم»، حيث يصوّر فيها بحثه عن مدينة ضائعة، ليست هي المدينة التي ابتلعها البحر أو اندثرت منذ الأزمان، بل تلك المدينة التي تشاركه الحياة وتترك أثرها في قلبه. وفيها:
«رغبتي جامحة/ في العثور على مدينة ضائعة/ ليست المدينة التي ابتلعها البحر/ وليست المدينة التي اندثرت/منذ عهود سحيقة/ وليست مدينة المستقبل/التي يمشي فيها الناس/بأمخاخهم الحافية/ بل المدينة التي كانت/تمشي معي/وكنت أُحسّ يدها دافئة في يدي/
ثم فجأة تركت لي يدها/وانسحبت/ ذهبت خلفها الأصوات والأشكال/وطوت قوة سحرية شوارعها/على شكل زرابيّ ملفوفة/ ونزلت مآذنها من زرقة السماء»
https://tinyurl.com/pu97kbe6