شهدت السنوات الأخيرة نقلة نوعية في طبيعة الأعمال، لدى مختلف الشركات حول العالم، خاصةً في ما يتعلق بالعمل عن بعد، شهد هذا النوع من أساليب العمل إقبالاً كبيراً من أصحاب المشروعات والشركات، وتوسَّعَ ليشمل تقريباً كل قطاعات الأعمال وأغلبية الوظائف، التي يمكن إنجازها عن بعد، ولم تكن وظائف خدمة العملاء بمنأى عن هذا الإقبال، إذ أصبحت ضمن قائمة أكثر وظائف العمل عن بعد الأكثر زيادةً وانتشاراً.
هل خدمة العملاء بهذه الأهمية حقًا؟ سؤال يبدو وجيهاً.. إن خدمة العملاء تعني تلبية احتياجات العملاء بتقديم المعلومات والمساعدة اللازمة، قبل وأثناء وبعد عملية شراء أو استخدام المنتجات والخدمات، لتعزيز تجربة ورضا العملاء، ويمكن القيام بخدمة العملاء عبر عدة وسائط بما في ذلك: الهاتف والبريد الإلكتروني، والدردشة عبر الإنترنت والرسائل النصية، ووسائل التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى دعم الخدمة الذاتية.
إن تقديم خدمة عملاء جيدة من شأنه جعل العميل راضياً، وتزيد من ولائه، ويمكن أن تعود بفائدة على المدى الطويل، لدرجة أنه قد يصبح عميلاً دائماً، يجلب لك المزيد من العملاء، والعكس صحيح، يمكن لعميل غير راضٍ أن يؤثر في شركتك بشكل سلبي لدرجة، قد تجعلك تخسر عملاءَ كثراً، لكن ما الأهمية الحقيقية لخدمة العملاء؟
- الاحتفاظ بالعملاء:
تُظهر الأبحاث أن 75% من العملاء الراضين، يعودون إلى إجراء عمليات شراء مع شركة معينة، نتيجة لخدمة العملاء الجيدة، التي يحصلون عليها وثِقتِهم بالمنتج، في حين أن 78% من العملاء متأهبون لإلغاء عمليات الشراء إذا كانت خدمة العملاء سيئة، بينما سيحاول 59% من المستخدمين تجربة علامة تجارية منافسة في سبيل الحصول على خدمة عملاء أفضل.
إضافة إلى ذلك، فمن الأسهل على أي شركة أن تحتفظ بعميل حالي، بدلاً من محاولة اكتساب عميل جديد، وهذه حقيقة مؤكدة الآن، إذ تؤكد الإحصاءات كافة أن تكلّفة اكتساب عميل جديد تتراوح بين 6 ل7 أضعاف تكلفة الاحتفاظ بعميل حالي. - زيادة فرص العودة للشراء:
إن حصول عميل معين على تجربة شراء إيجابية مع شركتك، قد يضاعف فرص قيامه بعمليات شراء أكثر في المستقبل، إذ تشير الإحصاءات إلى أن احتمالية قيامك بعمليات بيع إلى عميل حالي، تتراوح بين 60% إلى 70%، في حين أن فرص بيعك لعميل جديد ستكون أقل بكثير وتتراوح بين 5% إلى 20%.
ويُفضِّلُ 67% من العملاء الدفع أكثر، في مقابل الحصول على خدمة عملاء أفضل، وهذا ما يدل على أهميتها لدى أغلبية العملاء. - جذب المزيد من العملاء:
إن أكثر الطُرُق التسويقية شيوعاً وفعالية هي الإعلانات الشفويَّة، وأهم ما يميزها أنها مجانية، ولا تُكلّف أموالاً كبيرة للشركات، وتكون مناسبة أكثر للشركات الصغيرة حديثة التأسيس، وتشير الإحصاءات إلى أنه من المرجح أن يُشارك 77% من العملاء تجربتهم الإيجابية، مع علامتك التجارية مع الآخرين.
وظِّف فريق خدمة عملاء جيد يعمل بجِدّ على إسعاد عملائك وإرضائهم، في مقابل ذلك سعادة عملائك مع علامتك التجارية ستجعلهم يُوصُون بها لأقاربهم وأصدقائهم. - زيادة المبيعات والإيرادات:
يوجد ارتباط وثيق بين خدمة العملاء وزيادة الإيرادات، حيث شهدت 84% من المؤسسات التي تقدم خدمة عملاء جيدة زيادة في الإيرادات، يرغب الكثير من المستهلكين في زيادة الإنفاق على منتجات شركة معينة فقط، لأنهم تلقوا خدمة عالية الجودة، مع العلم أن للعملاء القدرة على تذكر تجربة الشراء سواء كانت جيدة أم سيئة مع كل شركة. - تحسين صورة علامتك التجارية:
تقديم صورة إيجابية عن شركتك وعلامتك التجارية للعملاء، أمر ضروري للغاية، ويتوجب تحديدها كأحد أهداف شركتك الرئيسية مع فريق عملك، إذا أردت الثَّبات أمام المنافسة والحصول على حصة معتبرة من السوق الذي تستهدفه. - تخفيض معدل دوران الموظفين:
ينظر إلى الشركات التي تُعامل عملاءها بطريقة جيدة، على أنها ذات سمعة جيدة ورائدة في مجالها، وتجد أنها أكثر الشركات التي تُقدِّم عليها أغلبية الموظفين، إذا كنت كصاحب عمل تُقَدِّر عملاءك وتُحسن معاملتهم، فهذا سينعكس على موظفي خدمة العملاء في شركتك.
خدمة العملاء عن بعد
مع التطور التكنولوجي الحاصل، خاصةً في وسائل التواصل، أصبح من السهل التواصل بين الموظفين وأصحاب العمل والعملاء، ما أسهم في دفع الشركات، لتبني سياسة التوظيف عن بعد، نتيجة الفوائد الكثيرة التي تحصل عليها، إليك 5 أسباب رئيسية مسؤولة عن ارتفاع الطلب على وظائف خدمة العملاء عن بعد:
- توظيف أفضل المواهب:
عند البحث عن موظفين لخدمة العملاء من المكتب أو مقر العمل، ستكون محدوداً بمساحة جغرافية معينة، وبالتالي تنحصر خياراتك في الكفاءات المتاحة في منطقتك فقط، على النقيض من ذلك، فإن توظيف موظف خدمة عملاء عن بعد سيوفر لك خيارات غير محدودة ويفتح لك المجال لإيجاد أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم بما يناسب احتياجاتك وتطلعاتك. - المرونة:
يتيح توظيف موظفي خدمة عملاء عن بعد لأصحاب العمل الحرية في جدولة دعم العملاء، على مدار الساعة، بسهولة وكفاءة مع الموظفين، مع أخذ تفضيلاتهم من ناحية ساعات العمل، التي يكون فيها كل موظف أكثر إنتاجية بالحسبان، وذلك نظراً لإمكانية توظيف موظفين من مناطق زمنية مختلفة عبر العالم. - زيادة الإنتاجية:
في نظام العمل التقليدي من المكتب، تؤثر فترة تنقل الموظف من وإلى العمل بشكل رئيسي على إنتاجيته، نتيجة للمؤثرات الخارجية مثل: طول المسافة بين محل إقامته ومقر العمل، أو الازدحام وتكلفة التنقل، لذا فإن توظيف موظفين للعمل عن بعد، يمكن أن يزيح عنه هذه الضغوط، ويزيد من إنتاجيته. - تخفيض التكاليف:
بما أن خدمة العملاء تُعد من الوظائف بالغة الأهمية لدى أي شركة، فإنها تدخل ضمن خطط الشركة للتوظيف وبالأخص للشركات الناشئة، التي تسعى لبناء صورة مميزة وسمعة جيدة لعلامتها التجارية في السوق، ولأن معظم الشركات الناشئة تُعاني من نقص التمويل، خاصةً في بداياتها، ما يحتم عليها بذل كل الجهود الممكنة لتخفيض التكاليف. - أسلوب عمل صديق للبيئة:
إن أسباب زيادة الطلب على خدمة العملاء عن بعد من طرف أصحاب العمل والشركات له أبعاد أكبر، تفوق الفوائد التي ستعود على الموظف والأرباح التي تجنيها الشركات، إذ تصل إلى الاهتمام والحفاظ على البيئة، وذلك من خلال تقليل انبعاثات غازات السيارات لدى الذهاب للعمل بشكل يومي، وتخفيض استخدام لوازم المكتب كالكهرباء والأوراق المطبوعة وغيرها.