القاهرة: عيد عبد الحليم
توفي صباح أمس الأحد، الشاعر المصري محمد إبراهيم أبوسنة عن عمر يناهز السابعة والثمانين بعد صراع مع المرض، وهو من مواليد عام 1937في قرية الوادي بمحافظة الجيزة، وتخرج في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر عام 1964، وكانت بداياته الشعرية مع كبار شعراء اللغة العربية، فقد تأثر بلغة الشعراء العذريين في العصر الأموي، وقد بدأ بنشر قصائده في أوائل الستينات من القرن الماضي، وبعد تخرجه عين في مصلحة الاستعلامات، ثم التحق بعد ذلك بالإذاعة المصرية والتي ظل يعمل بها حتى إحالته على المعاش وكانت آخر درجاته الوظيفة تعيينه رئيساً لإذاعة البرنامج الثقافي، ونائباً لرئيس الإذاعة المصرية.
قدم أبوسنة للمكتبة الشعرية مجموعة من الدواوين المهمة كان أولها ديوان «قلبي وغازلة الثوب الأزرق» عام 1965، ومع صدور هذا الديوان أصبح أبوسنة واحداً من أهم رواد الجيل الثاني للحداثة الشعرية في العالم العربي، وهو ما أطلق عليه جيل الستينات، بعد ذلك أصدر دواوين «حديقة الشتاء» و«الصراخ في الآبار القديمة» 1975، و«تأملات في المدن الحجرية» 1979، و«البحر موعدنا» 1985، و«مرايا النهار البعيد» 1987، و«رقصات نيلية» 1993، و«ورد الفصول الأخيرة»1997، و«شجر الكلام» 2000، و«موسيقى الأحلام» 2004، و«تعالي إلى نزهة في الربيع» 2009، وقد أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة أعماله الشعرية الكاملة عام 2012.
كما كان للشاعر الراحل مساهمات واضحة في المسرح الشعري فقدم مسرحيتين هما «حمزة العرب» و«حصار» القلعة، استلهم فيهما الموروث الشعبي العربي، عبر لغة شعرية متميزة وجسورة في الطرح الرؤيوي.
وللراحل عدة كتب نقدية، منها:«فلسفة المثل الشعبي» 1968، و«دراسات في الشعر العربي» 1979، و«تأملات في الحديقة الشعرية» 1989، و«آفاق شعرية» 1993.
تميزت لغة أبوسنة الشعرية بالقوة وعمق الدلالة والحرص على التراث العربي، وجاءت كل تجاربه الشعرية في إطار شعر التفعيلة، وكتب في كل القضايا الاجتماعية والسياسية والإنسانية، وتميزت قصائده بحس إنساني عميق.
وقد جمع في لغته الشعرية ما بين الأصالة والمعاصرة، وما بين الرومانسية والواقعية، وهذا ما جعل لشعره نكهة خاصة أحبها القراء.
وقد حصل أبوسنة على عدة جوائز، من أهمها جائزة الدولة التقديرية، وجائزة العويس، وجائزة ملتقى القاهرة الدولي للشعر، وجائزة النيل، والتي حصل عليها منذ عدة شهور وهي آخر جوائزه.
وشارك أبوسنة في ملتقيات شعرية دولية في العالم العربي، وكتبت عنه مجموعة من الرسائل العلمية والدراسات الأكاديمية.
يعدّ كتاب دراسات في الشعر العربي لمحمد أبو سنة من الكتب المهمة التي تناولت دراسة الشعر العربي، وفيه مجموعة من الأبحاث والدراسات التي تهدف إلى فهم وتحليل وتفسير الشعر بشكل أفضل، ويستخدم أبو سنة في كتابه منهجاً علمياً دقيقاً لإثبات نظرياته، كما يستخدم أساليب تحليلية مختلفة لفهم وتحليل الشعر.
وقد قدّمت العديد من الدراسات في شعرية الراحل الكبير، كما أجريت معه العديد من الحوارات التي لامست شعريته من زواياها المختلفة، وقدمت بانوراما شاملة عن رؤيته للشعر والسياسة والحب والحياة، ففي حوار أجراه عرفة محمد أحمد مع الشاعر أبي سنة يقول عن الشعر: «أول ما صافح أذني من الشعر هو بيتان للمدرس الأوليّ، كان يُدرس لي في مدرسة «الودي»، وهو الشيخ عبد الرازق أبو سنة، وقد هجاني، لأنني كنت طفلاً مشاغباً، ولأن الشعر لغةٌ خاصةٌ تتمتع بالجاذبية والسحرية والدهشة، فذاع هذان البيتان في المدرسة، فأصبحتُ معروفاً بأنني الإنسان الذي هجاه المدرس».
وللشاعر الراحل رأي في القصيدة السياسية، حيث بقول: «أنا لا أصف قصائدي التي تحاورت مع التجارب الكبرى منذ بداية الستينيات وحتى الآن ب«القصائد السياسية»، ولكنها قصائد توقفت أمام فكرة الحرب والسلام والتحولات الاجتماعية الكبرى والوجود الاجتماعي، ولكن أصف قصائدي في هذا المجال ب «القصائد الوطنية القومية الإنسانية»، لأن السياسة مجال واضح، نحن لا نكتب شعراً سياسياً إلا ما كان يعرف في بداية القرن بشعر المناسبات، ونحن في مدرسة الشعر الحديث لا نتناول شعر المناسبات..».