بدر صعب
معرض الشارقة الدولي للكتاب ليس مجرد حدثٍ سنوي لبيع الكتب، بل ملتقى فكري وثقافي يمزج بين التراث والمعرفة في مدينة الشارقة، فمنذ انطلاقه لأول مرة في عام 1982، بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي أسس المعرض برؤية رائدة لتعزيز الثقافة والقراءة في المجتمع، كان إيمان سموه العميق بأهمية الكتاب كجسر للمعرفة والحوار الثقافي هو الدافع وراء تأسيس هذا المعرض بفضل توجيهات سموه ودعمه المستمر، نجح المعرض في التحول إلى حدث عالمي بارز، ليؤكد بذلك دور الشارقة كمركز ثقافي عالمي يجمع بين حضارات العالم تحت سقف واحد.
منذ البداية، اعتمد المعرض على رؤية ثقافية مبتكرة، تمثّلت في دمج الكتب والمعرفة في نسيج حياة المجتمع، وإبراز أهمية الثقافة في تعزيز الفكر وتطوير الإنسان، ولم تكن الشارقة تهدف فقط إلى نشر الكتب أو بيعها، بل كانت تسعى لبناء مجتمعٍ واعٍ يُقدّر قيمة الكتاب، ويشجع على القراءة، بغض النظر عن الفئة العمرية أو الخلفية الثقافية للزائر، هذه الرؤية جعلت من المعرض حدثاً يربط العائلة بأكملها بالكتاب، ما يمنح زوّاره تجربةً ثقافيةً استثنائية، تعكس التزام الشارقة بدعم المعرفة.
أثبت المعرض قدرته على جذب الآلاف من الرواد سنوياً، إذ يتحوّل المعرض إلى وجهةٍ رئيسيةٍ للمهتمين بالثقافة والسياحة معاً. وفي أيام المعرض، تشهد الشوارع المحيطة ازدحاماً غير مسبوق، إذ يتوافد الزوار من داخل وخارج الشارقة لاستكشاف الفعاليات المتنوعة التي يقدمها. هذا التأثير يُعزّز مكانة الشارقة كوجهةٍ ثقافيةٍ وسياحيةٍ متميزةٍ، ويثبت أن الثقافة يمكن أن تكون محركاً سياحياً واقتصادياً.
ولا يُمكن إغفال الدور الحيوي الذي تقوم به الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، والتي تقود جهود تطوير المعرض وجعله محط أنظار العالم بتوجيهاتها ومتابعتها الحثيثة، حيث ارتقت مكانة المعرض ليُصبح واحداً من أبرز معارض الكتاب العالمية، حيث تعمل الشيخة بدور على إحداث نقلةٍ نوعيةٍ في مكانة الكتاب العربي، من خلال تعزيز صناعة النشر محلياً وعالمياً. وبفضل جهودها، أصبح الكتاب العربي يلقى احتراماً واهتماماً كبيرين في الأوساط الثقافية العالمية.
يعتبر معرض الشارقة الدولي للكتاب رائداً في دعم حقوق النشر، حيث حقق المركز الأول على مستوى العالم في هذا المجال للعام الرابع على التوالي. ويُعدّ هذا الإنجاز اعترافاً عالمياً بمكانة المعرض، وأهميته كمنصةٍ تجمع الكتّاب والناشرين والمثقفين، وتُعزّز من قيمة حقوق النشر، وتُساعد في دفع عجلة صناعة الكتاب.
في كلّ دورةٍ، يُقدم المعرض أرقاماً مذهلةً تعكس حجم الجهود المبذولة، بدءاً من أعداد الزوار، وصولاً إلى المتطوعين والمنظمين الذين يبذلون جهدهم لضمان تنظيم فعاليات ناجحة على مدار أيام المعرض. تُسهم هذه الأرقام في تعزيز مكانة المعرض، وتأكيد نجاحه كواحدٍ من أهم معارض الكتب في العالم.
في النهاية، يُعدّ معرض الشارقة الدولي للكتاب حدثاً نفخر به جميعاً، إذ لا يجذب فقط محبي القراءة، بل يُذهل العالم بتجربته الفريدة، وحجم التفاعل الكبير من الجمهور، ويُرسخ مكانة الشارقة كعاصمةٍ ثقافيةٍ تتجاوز الحدود، وتُلهم الأجيال العربية والعالمية بمحبتها للمعرفة.