قطعة كعك في المزاد

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حســن مــــدن

اعتدنا أن نقرأ عن عرض في المزاد للوحات فنية شهيرة لفنانين كبار، أو تحف ثرية عثر عليها بالمصادفة، أو احتفظ أحدهم بها، فلم يجد الورثة بعد وفاة من كانت التحفة في عهدته سوى عرضها في المزاد، ثقة منهم بأنها ستجلب مالاً وفيراً. ويمكن قول الشيء نفسه عن مقتنيات شخصيات كان لها في التاريخ شأن ومكانة، يجد من يشترونها فكرة في اقتنائها ليس محبّة في التاريخ، وإنما لأن سعرها سيتضاعف في المستقبل.
قبل سنوات، بيع إناء خزف من الصين يعود تاريخه إلى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، في عهد الإمبراطور تشيان لون، في مزاد بمبلغ 4.1 مليون يورو، في مدينة بورج في وسط فرنسا، بعدما عُثر عليه خلال توزيع تركة في شقة باريسية. وليست القطع الخزفية والذهبية والفضية وما إليها هي وحدها ما يجذب اهتمام الشغوفين باقتناء التحف النادرة. حذاء لبسته امرأة دخلت التاريخ، جلب لباعته 40 ألف يورو، ولكي نعرف السرّ علينا معرفة اسم تلك المرأة التي سبق لها أن ارتدت الحذاء. إنها ماري أنطوانيت آخر ملكات فرنسا، التي أعدمت خلال الثورة الفرنسية.
وعلى طريقة «صدّق أو لا تصدّق» نحن اليوم إزاء عرض في المزاد غريب من نوعه، إنه «قطعة كعك!» صحيح أن القطعة مرتبطة بشخصية شهيرة، ولكنها في النهاية قطعة كعك. ليست خاتماً من ذهب أو قلادة من ألماس، وإنما قطعة كعك. أما الشخصية الشهيرة المعنية، فهي ملكة بريطانيا الراحلة، الملكة إليزابيت، وقطعة الكعك موضوع الحديث تعود لزفاف الملكة قبل 77 عاماً من اليوم، وقد بيعت بأكثر من أربعة أضعاف قيمتها المتوقعة في مزاد علني.
عثر على قطعة الكعك في حقيبة سفر تحت سرير امرأة اسمها مارين بولسون، وهي مدبرة المنزل في قصر «هوليرود هاوس» في إدنبرة باسكتلندا من عام 1931 إلى عام 1969، التي ارتأت الاحتفاظ بالقطعة، كونها هدية خصّها بها كل من الأميرة إليزابيث والأمير فيليب، بعد أن قدمت للزوجين خدمة حلويات رائعة، حتى أن الملكة إليزابيث كتبت لتلك السيدة: «لقد تأثرنا أنا وزوجي بشدة بمعرفة أنك شاركت في منحنا مثل هذه الهدية الرائعة للزفاف.. نحن مسروران جداً بخدمة الحلوى».
ولشدة اعتزاز المُدبّرة بالكعكة، كونها هدية من الأميرين، فإنها لم تأكلها، وإنما ارتأت الاحتفاظ بها حتى وفاتها في الثمانينات، حيث عثر عليها تحت السرير مع بعض ممتلكاتها الأخرى، لتجد طريقها نحو المزاد، الذي لم يكن الفائز فيه بريطانيّاً حيث أقيم المزاد في لندن، ولا حتى من أوروبا. إنه من الصين البعيدة، وتمكن من شرائها عبر الهاتف في تجلٍّ بليغ للعولمة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/6jt56ycv

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"