تراجعت مؤشرات الأسهم الأمريكية الثلاثاء، متأثرة بارتفاع عوائد سندات الخزانة لأعلى مستوياتها منذ يوليو مع التوقعات بأن سياسات الرئيس دونالد ترامب سترفع النمو الاقتصادي وتعزز الضغوط التضخمية.
وأغلق مؤشر «داو جونز» متراجعاً 0.85% أو 382 نقطة عند 43910 نقاط. فيما انخفض «إس آند بي 500» بنحو 0.3% بما يعادل 17 نقطة عند 5983 نقطة، وتراجع «ناسداك» 0.1% أو ما يعادل 17 نقطة عند 19281 نقطة، وهو أول انخفاض للمؤشرات منذ فوز دونالد ترامب قبل 6 جلسات.
وفيما يبدو عودة قوية للتضخم والفائدة إلى الواجهة مجدداً، فهل تعرقل السياسات مسار «وول ستريت»؟
قال محللو بنك «جيه بي مورجان»، إنه في حال جاءت بيانات التضخم في الولايات المتحدة المقرر صدورها الأربعاء، أعلى من المتوقع فلن يعرقل ذلك على الأرجح شهية وول ستريت للمخاطرة.
وكتب المحللون في مذكرة، الثلاثاء: «نعتقد أنه من غير المرجح أن تؤدي قراءة مرتفعة للتضخم هذا الأسبوع، إلى عرقلة شهية المخاطرة، وسيتريث المستثمرون في الحكم على أي بيانات نظرًا لوجود قراءة أخرى لمؤشر أسعار المستهلك قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي القادم في ديسمبر».
وأضاف المحللون: «من الناحية الواقعية، من غير المرجح أن يتحول المستثمرون إلى موقف حذر تجاه محافظهم، حتى نرى مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي قرب 3.5%».
وأشاروا إلى أن هذا المستوى سيمثل تهديدًا حقيقيًا للاحتياطي الفيدرالي يحفزه للتحرك نحو تشديد السياسة النقدية، مضيفين أنهم يعتقدون أن صناع السياسة لن يتحركوا فعليًا قبل عودة التضخم إلى 4%.
في قراءة قبل شهر، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي بنسبة 2.4% على أساس سنوي في سبتمبر، فيما ارتفع المؤشر الأساسي - الذي يستبعد الغذاء والطاقة - بنسبة 3.3%.
- اجتماع ديسمبر
وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كاشكاري، إنه سينظر في بيانات التضخم المقبلة لتحديد ما إذا كان خفض آخر لسعر الفائدة سيكون مناسباً في اجتماع لجنة السوق المفتوحة المقرر في ديسمبر.
ورداً على سؤال عمّا يمكن أن يدفع صناع السياسات إلى التوقف مؤقتاً عن خفض الفائدة الشهر المقبل، قال: «يجب أن تكون هناك مفاجأة على جبهة التضخم، لتغيير التوقعات بشكل كبير».
أضاف كاشكاري، الثلاثاء، في مؤتمر «ياهو فاينانس إنفست»: «إذا رأينا مفاجآت تضخمية في الاتجاه الصعودي من الآن وحتى ذلك الحين، فقد يمنحنا ذلك وقفة». وتابع: «سيكون من الصعب أن نتصور زيادة قوة سوق العمل بشكل فعلي من الآن وحتى ديسمبر. ليس هناك الكثير من الوقت».
وخفّض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية الخميس الماضي، وهو الخفض الثاني على التوالي. وبينما أشارت توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر إلى خفض بمقدار ربع نقطة في اجتماعي نوفمبر وديسمبر، قلص المستثمرون رهاناتهم على التخفيض في الاجتماع الأخير لهذا العام، في ظل توقف وتيرة تقدم التضخم بالتزامن مع النمو القوي.
وأظهر تقرير حديث أن مؤشر التضخم الأساسي، المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع في سبتمبر بأكبر معدل منذ أبريل. كما أن التباطؤ في التوظيف في أكتوبر جاء نتيجة تأثير الأعاصير وإضراب عمالي. وظل الإنفاق الاستهلاكي قوياً، وحقق الاقتصاد نمواً قوياً في الربع الثالث.
وكرر كاشكاري قوله إن الاقتصاد قوي، لكن التضخم لم ينخفض بشكل تام إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. وذكر أن الأمر قد يستغرق عاماً أو عامين ليصل التضخم إلى هذا الهدف نظراً لوتيرة تضخم الإسكان فوق المتوسط، على الرغم من أنه وصف تباطؤ هذه الوتيرة بأنه «مشجع».
وأشار رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس إلى أن معدل الفائدة المحايد -وهو معدل متوازن لا يُحفز الاقتصاد ويكبحه- قد يكون أعلى حالياً في ظل نمو الإنتاجية القوي. وقد يؤدي ذلك إلى قيام صانعي السياسة بتقليل وتيرة خفض الفائدة بشكل أقل مما كان متوقعاً خلال الأشهر المقبلة.
في حين أن المستوى الدقيق للمعدل المحايد غير مؤكد حالياً، لكن صناع السياسة سيحصلون على فهم أفضل له خلال العام القادم، وقال كاشكاري إن السياسة النقدية «تفرض قيوداً معتدلة» في الوقت الحالي.
- ولاية ثانية
ربما تكون الأسهم قد سبقت نفسها بالفعل حتى قبل حصول ترامب على ولاية ثانية في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، وفقا لكبير مسؤولي الاستثمار في سيبرت مارك مالك. وأضاف أنه الآن بعد أن أزال السوق عبء الانتخابات، فإن بعض الرياح الاقتصادية المعاكسة الأساسية التي باقت تعود إلى الواجهة.
وتأتي تحركات وول ستريت الثلاثاء بعد يوم من إغلاق مؤشر داو جونز فوق 44000 لأول مرة. كما سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أول إغلاق له فوق 6000.
وقال لاري تينتاريلي، مؤسس تقرير الاتجاهات اليومية للبلوم شيب: «تتطلع السوق إلى الانتخابات الرئاسية وأي سياسات يعتقدون أنها ستُطبق». وأضاف: «إنها نفس الأشياء التي رأيناها في عام 2016 عندما فاز ترامب بالانتخابات لأول مرة». (وكالات)