إعداد ـ محمد كمال
على الرغم من عدم وجود أي خبرات دبلوماسية سابقة، فقد اختار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رفيق الاستثمارات العقارية ولعبة الغولف ستيفن ويتكوف، ليكون مبعوثه الخاصة إلى الشرق الأوسط في إدارته الجديدة، وبينما لم يتضح بعد الدور الذي سيؤديه، فمن المرجح أن يتمثل ذلك في «المهمة شديدة التعقيد، والتي تتعلق بجمع الأطراف مجدداً إلى طاولة مفاوضات السلام، ومحاولة إنهاء الصراع الدائم في الشرق الأوسط، حيث قال عنه ترامب إنه «سيكون صوتاً لا يلين من أجل السلام، وسيجعلنا جميعاً فخورين به».
كواليس الحملة الانتخابية لترامب، تظهر أن ويتكوف أحد الأصدقاء المقربين جداً للرئيس المنتخب، وقد كان يمارس معه لعبة الغولف في ويست بالم بيتش في 15 سبتمبر الماضي، عندما أحبط جهاز الخدمة السرية محاولة اغتيال ثانية استهدفت ترامب، ثم أصبح جزءاً من الحملة الرئاسية له منذ خطابه عن «صديقه المقرب» في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو، حيث ألقى ويتكوف كلمة بعد أن قدمه ابنه زاك خلال المؤتمر.
وفي كلمته أمام المؤتمر العام للحزب الجمهوري، كشف رجل الأعمال اليهودي البارز ويتكوف عن مدى علاقة الصداقة التي تربطه بترامب، ثم تطرق إلى واقعة وفاة أحد أبنائه بجرعة زائدة من مادة مخدرة، حيث ظل ترامب إلى جانبه ليعزيه ويشد من أزره. ثم تحدث عن «العمل الجاد والولاء والمثابرة التي لا تتزعزع» التي يراها في ترامب.
ـ تحدى تهديد بايدن ـ
في مقابلة إعلامية في شهر مايو الماضي، أوضح ويتكوف أنه حصل على «تبرعات بمبالغ من ستة وسبعة أرقام» لحملة ترامب من مانحين يهود بعد إعلان بايدن أنه سيوقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل مؤقتاً.
ومن بين المعلومات اللافتة التي ذكرتها صحيفة الأوبزرفر عام 1999 أن ويتكوف احتفظ بنسخة من كتاب ريتش كوهين «اليهود الأقوياء» عن رجال العصابات اليهود في العشرينات من القرن الماضي على مكتبه، كما يعد مانحاً مؤيداً لإسرائيل.
ـ ويتكوف وكوشنر ـ
تبرع ويتكوف بالملايين لجهود ترامب السياسية وعمل مستشاراً غير رسمي بشأن التخفيضات الضريبية والمواد الأفيونية وإعادة فتح الأعمال خلال جائحة كوفيد-19. وقد كان من بين أكثر مؤيدي ترامب ثباتاً داخل الحزب الجمهوري. كما كان ويتكوف أحد الشهود في محاكمة الرئيس السابق بتهمة الاحتيال المدني هذا العام، كما ساعد على ربط ترامب برجال الأعمال الذين يقودون مشروعه الأخير في مجال العملات المشفرة.
ويبدو أن ويتكوف، سيؤدي دوراً لم يكن موجوداً في الإدارة الحالية، حيث يعتقد الرئيس جو بايدن أن الظروف لم تكن مهيأة لمبادرة سلام إسرائيلية فلسطينية أخرى عالية المخاطر، وسعى بدلاً من ذلك إلى إعطاء الأولوية لقضايا السياسة الخارجية الأخرى، فيما يشبه البعض عمله بدور صهر ترامب جاريد كوشنر، الذي مارسه خلال الإدارة الأولى، على الرغم من أنه لم تكن لديه خبرة دبلوماسية أيضاً.
ـ ويتكوف ونتنياهو ـ
وحضر ويتكوف خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام جلسة مشتركة للكونغرس، ووصفه بأنه قوي، وقال لشبكة فوكس نيوز: «لقد كان شرفاً لي أن أكون هناك. كنا نقف كل خمس ثوان، لأن هذا الحشد كان متعاطفاً معه». واستطرد: «لقد رأيت التجمع الجمهوري وأعضاء الكونجرس وأعضاء مجلس الشيوخ يقفون ويصفقون ويشعرون برسائله».
ـ الصداقة والدعم السخي ـ
الرجل البالغ 67 عاماً، هو مستثمر عقاري ومؤسس مجموعة ويتكوف، يمتلك صافي ثروة تقدر بأكثر من 500 مليون دولار، وفقاً لصحيفة بالم بيتش بوست، ويعد متبرعاً سخياً لحملة صديقه ترامب الرئاسية، وقال عنه ترامب في بيان: «ستيف قائد يحظى باحترام كبير في مجال الأعمال والأعمال الخيرية، وقد جعل كل مشروع ومجتمع شارك فيه أقوى وأكثر ازدهاراً.. سيكون ستيف صوتاً لا يلين من أجل السلام».
وبدأت الصداقة بين الرئيس الأمريكي المنتخب ورجل الأعمال اليهودي في التسعينات عندما كان يبني إمبراطوريته العقارية التي تبلغ قيمتها مليار دولار، وكان ترامب يشتري عقارات في مانهاتن. وكان عميلاً وقتها لشركة محاماة كان يعمل بها ويتكوف.
وبعد عقدين من الزمن أصبح ويتكوف يمتلك محفظة عقارية ضخمة، تضم 51 عقاراً، بما في ذلك المباني الكبيرة في لندن وميامي ونيويورك، ولديه منزل في ميامي بيتش، حيث يعيش أربعة أشهر في السنة. لكن منزله الذي يقيم فيه يقع في أبر إيست سايد في مانهاتن.
ـ النشأة ـ
ولد ويتكوف لعائلة يهودية في برونكس، أحد الأحياء الرئيسية في نيويورك، للوالدين مارتن ولويس ويتكوف، حيث كان والده صانعاً للمعاطف النسائية في مدينة نيويورك. وواصل تعليمه حتى حصل على درجة الدكتوراه من جامعة هوفسترا. ثم بعد ذلك عمل في شركة المحاماة المتخصصة في العقارات Dreyer & Traub، حيث كان أحد عملائه دونالد ترامب.
وفي عام 1985، دخل في شراكة مع أحد زملائه المحامين وأسسا شركة عقارات، وقاما بتجميع مجموعة صغيرة من المباني وفي عام 1995، توسع إلى مانهاتن حيث اشترى العديد من المباني المكتبية الرخيصة. وفي عام 1996، حصل على تمويل بنكي لشراء برج مكون من 27 طابقاً صممه فيليب جونسون.
وغالباً لا يقوم بشراء العقارات من أمواله الخاصة، حيث يجري الصفقات البنكية والتي ساعدته على شراء أحد المباني التاريخية. ففي عام عام 1998، قام هو وشريكه روبن شرون بشراء مبنى Woolworth مقابل 137.5 مليون دولار، وقام بتوسيع محفظته، لتشمل شراء العقارات في شيكاغو ودالاس وفيلادلفيا.
في عام 1998، تم إلغاء الاكتتاب العام الأولي لشركته بسبب انهيار سوق العقارات، وقام بحل الشراكة ليؤسس مجموعة ويتكوف وتوسع في مجال البناء السكني والتطوير العقاري.
وعن حالته الأسرية ففي عام 1987، تزوج من لورين رابابورت. ولهما ثلاثة أبناء. لكن في عام 2011، توفي ابنهما أندرو البالغ من العمر آنذاك 22 عاماً بسبب جرعة زائدة من مادة أفيونية.
ـ ردود فعل اختياره ـ
ويقول مبعوث ترامب السابق للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات: إن «خلفية ويتكوف ونجاحه الكبير في مجال الأعمال يجب أن تمكنه من أن يكون ناجحاً للغاية في دوره بصفته مبعوثاً للشرق الأوسط». كما أشادت النائبة إليز ستيفانيك، مرشحة ترامب لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، بتعيين ويتكوف ووصفته بأنه اختيار ممتاز.