كيف فازت «بي واي دي» على «تيسلا»؟

22:20 مساء
قراءة 4 دقائق

د. رامي كمال النسور*

لسنوات عديدة، كانت شركة «Tesla» تعتبر رائدة وقائدة في صناعة المركبات الكهربائية، حيث حددت الاتجاهات وقادت الابتكارات بميزة واضحة على المنافسين. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، تمكنت شركة BYD (Build Your Dreams)، من تجاوز Tesla في حجم المبيعات واختراق السوق، وخاصة في الصين وغيرها من الأسواق الدولية. أثار هذا التحول تساؤلات واهتماماً عالمياً. كيف تفوقت BYD على Tesla في هذا السباق؟
وخلال لقاء تلفزيوني في عام 2011، وجهت مذيعة سؤالاً أثار سخرية واسعة من قبل الملياردير إيلون ماسك، حينما تساءلت عن قدرة «بي واي دي» الصينية على منافسة صانعة السيارات الكهربائية المملوكة له «تسلا». وسألت المذيعة «ماسك»: «هل تعتقد أن الشركة الصينية قادرة على منافستك؟» ليقاطعها الملياردير بضحكات هستيرية، لتلتقط أنفاسها وتسأله باستغراب «لمَ تضحك؟».
وفي رده الممزوج بنوبات ضحك متقطعة وثقة منقطعة النظير، قال ماسك: «هل رأيتِ سيارتهم؟ لا أعتقد أن لديهم سيارات كهربائية جيدة، فمنتجهم غير جذاب، وتقنيتهم سيئة، ويجب أن تركز «بي واي دي» على الصين».
وبعد نحو 13 عاماً من هذا الحديث، وتحديداً عند إعلان نتائج الربع الثالث للعام 2024، أصبحت «بي واي دي» أكبر شركة للسيارات الكهربائية في العالم من حيث المبيعات وأعلنت شركة بيلد يور دريم أو «بي واي دي» BYD الصينية العملاقة للسيارات الكهربائية عن ارتفاع مبيعاتها متجاوزة منافستها العالمية «تسلا» في إيرادات الربع الثالث لأول مرة مع تقدمها في الأسواق الخارجية.
تعد شركة السيارات الكهربائية والبطاريات العملاقة رائدة في الجهود الأخيرة التي تبذلها شركات السيارات الصينية لتوسيع أسواقها في الخارج، وهي جهود تتعرض لتهديد متزايد بسبب النزاعات التجارية الشائكة بين بكين والغرب.
وكشفت شركة BYD عن إيرادات تشغيلية بلغت 201,1 مليار يوان (28,2 مليار دولار) خلال الربع الثالث، وفقاً لبيان نشرته في بورصة هونغ كونغ، بزيادة 24% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وتجاوز رقم الإيرادات الفصلية للشركة التي تتخذ من شنتشن مقراً لها لأول مرة رقم شركة تسلا الأمريكية للسيارات الكهربائية التي سجلت الأسبوع الماضي 25,2 مليار دولار في كشفها لإيرادات الربع الثالث.
وأظهر البيان أن صافي ربح BYD خلال تلك الفترة بلغ 11,6 مليار يوان (1,6 مليار دولار)، بزيادة 11,5% عن الربع الثالث من العام الماضي.
خضعت توقعات تسلا لتدقيق متزايد بعد خفض أسعار المركبات على مدار العام الماضي أو نحو ذلك استجابة للعروض المتزايدة للسيارات الكهربائية من شركات أخرى، بما في ذلك BYD لكن شركة إيلون ماسك أعلنت عن تسجيل ربح في الربع الثالث بلغ 2,2 مليار دولار، بزيادة 17% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وفي هذا المقال سنلقي معا نظرة عميقة على العوامل الرئيسية التي دفعت BYD إلى الهيمنة على سوق المركبات الكهربائية والتغلب على شركة تسلا خلال هذه الفترة القصيرة نسبياً من عمر الصناعة.
تتمثل إحدى أهم نقاط قوة BYD في فهمها العميق للسوق الصينية، وهي أكبر سوق للسيارات الكهربائية في العالم. حيث أدركت BYD في وقت مبكر أن المستهلكين الصينيين لديهم تفضيلات واحتياجات فريدة مقارنة بالأسواق الغربية، حيث ركزت Tesla جهودها في البداية. في حين عرضت شركة تسلا في المقام الأول مركبات فاخرة كانت بعيدة عن متناول المستهلك الصيني العادي، استفادت شركة بي واي دي من هذه الفجوة من خلال تقديم مجموعة واسعة من نماذج السيارات الكهربائية بأسعار معقولة والتي جذبت الطبقة المتوسطة المتنامية في الصين.
وسمحت هذه الاستراتيجية لشركة بي واي دي بالاستحواذ على حصة كبيرة من السوق المحلية، مما خلق أساساً قوياً لتوسعها العالمي. كما تكمن الميزة التنافسية لشركة بي واي دي في تكاملها الرأسي، وخاصة في تصنيع البطاريات. في حين تعتمد تسلا بشكل كبير على الموردين مثل باناسونيك وإل جي كيم، تنتج شركة بي واي دي بطارياتها الخاصة، مما سمح لها بخفض تكاليف الإنتاج بشكل كبير والتحكم في جودة مكوناتها. طورت الشركة نوعاً جديداً من بطارية فوسفات الحديد الليثيوم (LFP) المعروفة باسم «بطارية بليد»، والتي هي ليست أرخص في الإنتاج فحسب، بل توفر أيضاً ميزات أمان محسنة وعمراً أطول.
ولقد مكّنت وفورات الكلفة من إنتاج البطاريات داخل الشركة BYD من تسعير مركباتها بشكل أكثر تنافسية، مما جعلها في متناول قاعدة أوسع من المستهلكين. كما سمحت هذه الميزة لشركة BYD بتحمل التقلبات في أسعار مواد البطاريات بشكل أفضل من Tesla، مما عزز قدرتها على الصمود في السوق.
وفي حين أن تسلا تحتفظ بمجموعة محدودة نسبياً من النماذج التي تركز على السوق الراقية، تبنت بي واي دي مجموعة منتجات واسعة تلبي احتياجات قطاعات السوق المختلفة. تشمل مجموعة منتجات بي واي دي نماذج تتراوح من سيارات السيدان ذات الميزانية المحدودة إلى سيارات الدفع الرباعي الفاخرة وحتى المركبات الكهربائية التجارية، مثل الحافلات والشاحنات. مكّن هذا التنوع بي واي دي من تلبية احتياجات المستهلكين المتنوعة وتأمين حصة سوقية عبر قطاعات متعددة، بما في ذلك وسائل النقل العام.
من خلال تقديم خيارات لكل نقطة سعر تقريباً، يمكن لشركة بي واي دي استقطاب فئة سكانية أوسع بكثير من تسلا، التي تستهدف جمهوراً أكثر ثراءً. لم يعزز هذا النهج المبيعات فحسب، بل سمح أيضاً لشركة بي واي دي باختراق الأسواق الناشئة حيث تعد القدرة على تحمل التكاليف عاملاً حاسماً.
أيضاً استفادت شركة بي واي دي من سياسات الحكومة الصينية لدعم المركبات الكهربائية، مثل الإعانات والحوافز الضريبية واستثمارات البنية التحتية التي سرّعت من تبني المركبات الكهربائية.
في المقابل، واجهت تسلا المزيد من التحديات التنظيمية والحوافز الحكومية المحدودة في أسواق معينة خارج الولايات المتحدة. وقد أعطى هذا التفاوت في دعم السياسات BYD ميزة محلية كبيرة، مما مكن الشركة من النمو بسرعة في الصين واستخدام قاعدتها المحلية القوية كنقطة انطلاق للتوسع الدولي. ولهذا مؤخراً قد فرضت أمريكا والغرب رسوماً جمركية مرتفعة على السيارات الكهربائية الصينية.
* مستشار الأسواق المالية والاستدامة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3e838czh

عن الكاتب

مستشار الأسواق المالية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"