لست وحيداً هنا

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

د.باسمة يونس

لا أحد يقف وحيداً في معرض الشارقة للكتاب، فالكاتب يجد قارئاً والقارئ يلتقي أدباءه المفضلين والكلمات تتناثر بين الناشرين وتتلاقى في عقول وأفكار الحاضرين، إنه شعور لا بد وأن يعيشه كل من يخطو باتجاه المعرض مهتدياً بالأنوار التي تتلألأ معلنة عن حضور بحر من فعاليات وذكريات ولحظات يتزود بها القراء والأدباء في كل دورة.
في زوايا المعرض، يتمزج الحاضر مع الماضي فيلتقي الراحلون مع الباقين في مشهد يفيض بالمشاعر، فالراحلون تكرمهم أقلام من لا ينسونهم والباقون يملأهم الحنين لمن رحلوا وللذكريات التي كانت تجمعهم معاً.
وفي كل قاعة من قاعات المعرض لا بد وأن يعثر الكاتب على فكرة تحوم حول كاتب أو قارئ، ومع كل لقاء تبدأ كلمات ووعود لا تنتهي فالأدب لا يموت بل تبقى شمعته منيرة، تضيء الجسر الذي يجمع الأزمنة والناس والذكريات.
ويجسد المعرض حلماً يتحول إلى واقع لا يكتفي بلقاء الأدباء مع بعضهم البعض بل بلقاء القراء مع كتابهم الذين كانوا مجرد أسماء مطبوعة على الأغلفة، وهاهم اليوم يقفون معهم، يحكون لهم قصة التغيير الذي فعلته كلماتهم في حياتهم، ويدرك الكاتب حينها بأن حروفه لم تكن مجرد خيال لا يتحقق أو نصوص على الورق، بل حياة سرت في عروق قراء بعيدين وأثرت فيهم.
وتغص زوايا تواقيع الكتب بالكتّاب والقراء الذين يصطفون أمام المنصات معبرين بذلك عن إعجابهم وتقديرهم للكاتب ويحصلون على كتاب يميزه توقيع وإهداء خاص بهم، ويرى فيهم الأدباء إنجازاً مهماً وفرصة لرؤية أنفسهم في مرآة القراء فهم يبحثون دائماً عن الكلمة المؤثرة والتغيير الإيجابي، والكاتب يحلم برؤية كلماته خارج حدود الورق مطبوعة في ذاكرتهم.
على مدى عقود، استطاعت دولة الإمارات أن تحول الثقافة إلى روح تعيش بين كل من يسكن أرضها، وأن تجعل من معارض الكتاب فيها مراكز للإبداع والإشعاع الفكري،
ويمكن لمن يزور معرض الشارقة للكتاب أن يلمس ثمار جهد الدعم الثقافي الذي تقدمه القيادة من أجل المجتمع، فالمعرض لا يقدم فقط كتباً جديدة للقراء بل يوفر فرصة للكتاب لعرض إصداراتهم والتواصل مع جمهورهم، فالتنمية تعني أن يزداد كل إنسان ثقافة وأن تستنير العقول بأفكار تمهد للناس طريقاً نحو المستقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/466hd9tc

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"